تباينت آراء الخبراء والمختصين في الشأن السياسي حول إمكانية إطلاق إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مفاوضات جديدة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بما يشمل مبادرة للتسوية بين الجانبين، مشيرين إلى أن بايدن يتخذ نهجاً مخالفاً للرئيس السابق دونالد ترامب، مستندين إلى الزيارة التي يقوم بها مدير المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى إسرائيل والضفة هذه الأيام.
وحسب الخبراء، فإنه وعلى الرغم من عدم وضوح رؤية إدارة بايدن بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أنه يبدو واضحاً تمسكها بحل الدولتين كمدخل للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدين أن واشنطن تسعى لتحسين العلاقات مع السلطة الفلسطينية في الوقت الحالي.
حل الدولتين
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، الدكتور مصطفى قبها، إنه بات من الواضح أن الرئيس الأمريكي جو بايدن بدأ خطته المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك من خلال الإعلان عن عودة الولايات المتحدة لمسار حل الدولتين.
وأوضح قبها، في حديثه لـ ”إرم نيوز“، أن ”ذلك يعني تراجع بايدن بشكل عملي عن خطة صفقة القرن التي كان سلفه دونالد ترامب يحاول تطبيقها، والتي تعني تسوية القضية الفلسطينية وإلغاء إمكانية إقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية“.
وأضاف قبها أن ”التسوية التي يريدها بايدن وإدارته سيكون أساسها حل الدولتين، إلا أنه مع تزايد الاستيطان على الأرض فإن إمكانية الوصول إلى حل الدولتين أصبح أصعب، وهذا يعني أنه يجب على بايدن أن يأخذ موقفا واضحا من الاستيطان، ويطالب بإزالة المستوطنات من الضفة الغربية“.
وأشار قبها إلى أن حل الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بحاجة إلى خطة تفصيلية يجب على إدارة بايدن أن تعمل عليها، وأن تتخذ قرارات عملية بهذا الشأن، مؤكداً أن الانقسام الداخلي بين الفلسطينيين يضعف قدرتهم على التفاوض مع الجانبين الأمريكي والإسرائيلي.
وتابع قبها: ”أعتقد أنه يتوجب على السلطة الفلسطينية أن تسعى قبل كل شيء إلى إنهاء حال الانقسام الفلسطيني، وبدون ذلك يبقى الموقف التفاوضي الفلسطيني ضعيفاً، كما أن إنهاء حالة الانقسام والعمل على حل توافقي يقود إلى الانتخابات سيزيل كل التحفظات ويقوي الموقف الفلسطيني، ويجعل إمكانية حل الدولتين أمراً قابلاً للتحقيق على الرغم من كل الصعوبات“.
تحريك فقط
من ناحيته، يخالف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، إبراهيم أبراش، رأي الدكتور مصطفى قبها، معتبراً أن ما تقوم به إدارة بايدن والإدارات الأمريكية السابقة للحزب الديمقراطي هو بمثابة إدارة أزمة والحفاظ على الوضع الراهن دون أي تغيير.
وقال أبراش، في حديثه لـ ”إرم نيوز“: ”المبدأ الذي يحكم الإدارة الأمريكية الحالية هو إدارة الصراع والأزمة دون التوصل لحل نهائي أو طرح رؤية تجاه ذلك، خاصة بالنسبة للحزب الديمقراطي ورؤساء الولايات المتحدة من هذا الحزب“، مشيراً إلى أن جو بايدن يتخذ ذات الموقف الذي اتخذه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
واستدرك أبراش: ”هذا الموقف يأتي على عكس المواقف التي يتخذها الحزب الجمهوري، الذي يسعى زعماؤه لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لصالح إسرائيل وعبر تصفية القضية الفلسطينية“، مشيراً إلى أن إدارة بايدن قد تعود مجددا لتحريك الملف ليس أكثر.
وتابع أبراش: ”لكن في جميع الحالات لا الظرف الفلسطيني ولا الظرف الإقليمي أو العربي ولا الدولي مناسب لتسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أن تحريك الملف في الوقت الحالي في ظل الانقسام الفلسطيني قد يؤدي إلى أن تُبنى الرؤية الأمريكية على واقع الانقسام“.
وأضاف: ”على الفلسطينيين منذ الآن أن يستعدوا لأي عودة لطاولة المفاوضات، كما يجب أن تكون هناك رؤية فلسطينية وموقف فلسطيني موحد لمواجهة أي رؤية سياسية مقبلة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن“.
تسكين الحالة
وبين أبراش أن ”إدارة بايدن معنية بتسكين الحالة حتى لا تنفجر الأمور، خاصة أن هناك تصعيدا وتوترا في العلاقات بين أمريكا وعدد من الدول، وفي ظل احتمال التوتر بين أمريكا وأطراف أخرى فتكون واشنطن معنية بإسكات الفلسطينيين بأي مبادرة أو وعود والتحرك يكون في هذا السياق“، حسب رأيه.
وقال المحلل السياسي إن ”بايدن يواجه الكثير من الملفات الساخنة، وبالتالي فهو منشغل تماما عن تقديم أي رؤية للتسوية خاصة في ظل تآكل مشروع حل الدولتين، حتى الإدارة الحالية هي تساهم في قتل فكرة حل الدولتين، وبالتالي لا رؤية واضحة وما سيكون مجرد وعود ومحاولات ترضية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خاصة قبل انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة“.
الجدير ذكره أن صحيفة ”جيروزالم بوست“ الإسرائيلية قالت إن السلطة الفلسطينية ترحب بقرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إرسال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى إسرائيل والضفة الغربية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول فلسطيني لم تسمه قوله: ”تظهر الزيارة أن إدارة بايدن جادة في إعادة علاقات واشنطن مع الفلسطينيين، وتعزيز القيادة الفلسطينية في عهد الرئيس محمود عباس“، معتبراً أن سياسة إدارة بايدن تجاه الفلسطينيين جيدة جداً.
ومن المتوقع أن يجتمع المسؤول الأمريكي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس جهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية ماجد فرج.
وفي وقت سابق، أعلنت إدارة بايدن إعادة الدعم المالي المقدم للسلطة الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وذلك بعد وقفه من قبل إدارة دونالد ترامب السابقة، في حين أكد مسؤولون فلسطينيون أن القرارات الأمريكية لم تدخل حيز التنفيذ رغم الإعلان عنها إعلامياً.