يُعبر ضغط الدم عن القوة التي تحرك الدم عبر نظام الدورة الدموية لدينا، فهو قوة مهمة لأن الأكسجين والمغذيات لن يتم دفعها في نظام الدورة الدموية لتغذية الأنسجة والأعضاء من دون ضغط الدم، كما يعتبر أمراً حيوياً لأنه يوصل خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة للمناعة والهرمونات مثل الأنسولين.
ولا تقل الدورة الدموية أهمية عن توفير الأكسجين والمواد المغذية، لأن الدم الذي يتم توصيله قادر على التقاط الفضلات السامة لعملية التمثيل الغذائي، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون الذي نخرجه مع كل نفس، والسموم التي نخرجها من الكبد والكليتين، هذا ويحمل الدم عدداً من الخصائص الأخرى، بما في ذلك درجة حرارته، كما أنه يحمل أحد دفاعاتنا ضد تلف الأنسجة والمتمثل في الصفائح الدموية المتخثرة التي تمنع فقدان الدم بعد الإصابة.
ويتزايد اهتمام العلماء بأهمية ضغط الدم، والبحث في مسببات ارتفاعه أو انخفاضه، وفي الآونة الأخيرة ظهرت دراسات عدة تربط بين بكتيريا الأمعاء وضغط الدم، حيث يعمل الخبراء على دراسة دور بكتيريا الأمعاء في ظروف متنوعة، كالبدانة، ومرض باركنسون، والاكتئاب وضغط الدم.
علاقة الميكروبيوم بضغط الدم العلماء وفي سعي منهم لإيجاد علاج لداء ارتفاع ضغط الدم، قاموا بدراسات حول دور بكتيريا الأمعاء وعلاقتها بضغط الدم، ونظراً لأن الميكروبيوم (الأحياء الدقيقة كالجراثيم والفطريّات والبكتيريا التي تعيش في أمعائنا) هو مجال دراسة جديد نسبياً، فإن النطاق الكامل لدور بكتيريا الأمعاء في الصحة لا يزال محل نقاش، ومع ذلك أصبح من الواضح بشكل متزايد أن البكتيريا الموجودة في أمعائنا يمكن أن تفتح طرقاً جديدة في فهمنا لمجموعة واسعة من الظروف، ولعل أهمها أسباب تذبذب مستويات ضغط الدم. وقد بيّنت إحدى الدراسات أن السبب وراء مقاومة نسبة كبيرة من مرضى الضغط للعلاج هو حدوث خلل في جهاز المناعة والجهاز العصبي اللاإرادي، مثل التنفس والهضم، وركزت الدراسات على عوامل الخطر المحتملة متمثلة في القناة الهضمية dysbiosis، والتي تشير إلى مجتمع ميكروبي غير متوازن.
تحليل الدراسة قامت آخر الدراسات بتحليل عينة من بكتيريا الأمعاء لدى 41 شخصاً لديهم مستويات ضغط دم مثالية، و99 شخصاً يعانون من ارتفاع ضغط الدم، و56 شخصاً يعانون من انخفاض ضغط الدم، بعد تحليل العينات اتضح أن المشاركين الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم كان لديهم انخفاض في تنوع بكتيريا الأمعاء، وعلى وجه الخصوص تميل الأنواع مثل Prevotella وKlebsiella إلى الإفراط في النمو. على الرغم من تزايد الأدلة على أن بكتيريا الأمعاء يمكن أن تؤثر في ارتفاع ضغط الدم، فإن معظم الدراسات التي أجريت حتى الآن كانت قائمة على الملاحظة، وقدمت أغلبية الدراسات تفسيراً قائماً على دور القناة الهضمية، حيث يمكن للمواد الكيميائية أن تدخل بسرعة إلى بقية الجسم، وهذا يعني أنه لم يكن من الممكن تحديد ما إذا كانت التغيرات في بكتيريا الأمعاء تؤثر في ضغط الدم، أو ما إذا كان ارتفاع ضغط الدم يغير بكتيريا الأمعاء. تفسير محتمل
يؤكد الخبراء، وفق ما ذكرته مجلة medical news today، أن السبب وراء تغير ضغط الدم الناتج عن البكتيريا هو أن العديد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، مثل الأطعمة المالحة، تدخل الجسم من خلال الجهاز الهضمي، إضافة إلى أن المغذيات وبعض المواد الكيميائية التي تنتجها البكتيريا لديها الفرصة لدخول إمدادات الدم مرة واحدة في الدورة الدموية، ويستضيف الجهاز الهضمي أيضاً عدداً من العمليات التي لديها القدرة على لعب دور في ارتفاع ضغط الدم، بما في ذلك التمثيل الغذائي، وإنتاج الهرمونات، والاتصال المباشر بالجهاز العصبي. الأحماض الدهنية يعتقد بعض الباحثين أن أحد الروابط بين القناة الهضمية وارتفاع ضغط الدم يمكن أن تكون الأحماض الدهنية القصيرة السلسلة "SCFAs"، حيث تنتج بعض بكتيريا الأمعاء هذه الجزيئات أثناء هضم الألياف الغذائية. وبعد أن تفرز البكتيريا هذا النوع من الأحماض، يمتصها الدم، فتؤثر في مجموعة من العمليات الفسيولوجية، ومنها ضغط الدم. ودعماً لهذه النظرية، وجدت إحدى الدراسات اختلافات في مجموعات بكتيريا الأمعاء بين المشاركين المصابين بارتفاع ضغط الدم، وغير المصابين، فالأفراد الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم لديهم مستويات أقل من بعض الأنواع التي تنتج الأحماض الدهنية القصيرة السلسلة.