بعد نحو 7 سنوات من بقائها قنبلة موقوتة على الساحل اليمني بفعل مواقف ميليشيات الحوثي الإرهابية المتعنتة، يبدو أن أزمة ناقلة النفط المتهالكة «صافر»، بدأت في المضي على طريق الحل، بفضل الصمود النسبي للهدنة السارية في اليمن منذ أكثر من أسبوع، والتي قد تُسهِّل تنفيذ مذكرة التفاهم التي توصلت إليها الأمم المتحدة مؤخراً وبعد جهود مضنية مع الانقلابيين، للحيلولة دون تفكك هذه الناقلة أو انفجارها في أسوأ الاحتمالات.
فالمسؤولون الأمميون يأملون في أن تهيئ أجواء التهدئة الحالية الفرصة لبدء تفعيل مذكرة التفاهم، التي حظيت بدعم الحكومة اليمنية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يفتح الباب أمام بدء عملية يُنتظر أن تستمر نحو 4 شهور، للتفريغ الآمن لكميات النفط التي تحملها «صافر» على متنها، والمُقدرَّة بـ1.1 مليون برميل.
ومن المقرر، بحسب الخطة الأممية المتفق عليها في هذا الشأن، أن تبدأ عملية التفريغ، بنقل النفط المُحمَّل على «صافر» إلى ناقلة أخرى بشكل مؤقت، وذلك للحيلولة دون حدوث أي تسرب نفطي من الناقلة المتهالكة الراسية منذ سنوات بالقرب من ميناء الحديدة، والتي حالت مواقف ميليشيات الحوثي دون أن تخضع لأي عمليات صيانة منذ عام 2015، ما أدى إلى تآكل هيكلها وتردي حالتها، على نحو يهدد بانفجارها.
وبحسب جدول زمني كشفت النقاب عنه الأمم المتحدة، سيعقب التفريغ المؤقت لـ«صافر»، إيجاد بديل دائم لتخزين النفط فيه في غضون 18 شهراً من انتهاء المرحلة الأولى من الخطة، على أن يتم بعد ذلك تفكيك الناقلة نفسها، التي وُصِفَت على مدار السنوات الماضية، بأنها باتت تمثل كارثة بحرية تنتظر الوقوع، بما سيهدد حياة ملايين اليمنيين، وغيرهم من القاطنين في الدول الأخرى المطلة على سواحل البحر الأحمر.
وفي تصريحات نشرها موقع «ماري تايم إكسكيوتيف» المعني بمتابعة شؤون الملاحة البحرية، أكد المسؤولون الأمميون ضرورة إنهاء عملية التفريغ الأولية بحلول نهاية شهر سبتمبر المقبل، لتجنب مواجهة الفترة التي تشهد اضطرابات في الرياح في هذه المنطقة، والتي تحل في وقت لاحق من العام، بما سيزيد في هذه الحالة، من مخاطر تفكك «صافر» خلال تفريغها.
ويعني ذلك، حسبما قال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد جريسلي، أن الوقت المتاح ضيق لبدء تفريغ «صافر» التي يهدد أي تسرب نفطي واسع منها، بإغلاق ميناءي الحديدة والصليف، مما سيقلص بشكل كبير كميات الوقود الواصلة إلى اليمن بواقع 200 ألف طن تقريباً، أي ما يوازي 38% من احتياجات البلاد على هذا الصعيد.
ويجري جريسلي حالياً مشاورات مع مختلف الأطراف المعنية بأزمة الناقلة المتهالكة، في مسعى لتوفير دعم مالي لخطة الأمم المتحدة الرامية لنزع فتيل قنبلة «صافر»، التي بُنيت قبل 45 عاماً، وكانت تُستخدم كمنصة تخزين عائمة، إلى أن بدأ المسلحون الانقلابيون قبل أكثر من 6 سنوات، في استخدامها كجزء حيوي من استراتيجيتهم للدفاع عن منطقة الحديدة، عبر تعطيل الجهود المبذولة لتفريغها من النفط.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة، بأن خطتها للتعامل مع المشكلة المتعلقة بهذه الناقلة، تتطلب ميزانية تصل إلى نحو 80 مليون دولار، وذلك لتفادي خسائر يقول جريسلي، إنها قد تبلغ ما لا يقل عن 20 مليار دولار، إذا ما حدث أي تسرب نفطي كارثي ناجم عن تردي حالة «صافر»، التي يُخشى من أن يقود انفجارها إلى تدمير البيئة البحرية في المنطقة بأسرها، وإهلاك الأحياء المائية هناك، وإطلاق أبخرة سامة في الهواء، والتسبب في تلويث مصادر مياه الشرب النقية.