كتب الدكتور ناصيف حتّي في "النهار": أسبوعان يفصلان عن موعد انعقاد القمة العربية المقبلة في الجزائر والتي لم تُعقد في العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا. عدد غير قليل من المراقبين والمعنيين يعتبرون ان ديبلوماسية القمم غالباً ما تنتهي ببيانات وقرارات، رغم اهميتها، لكن اكثرها لا تجد طريقها الى التنفيذ بسبب طبيعتها أو لغتها العامة غير المتضمنة مقترحاتٍ وأفكاراً عملية وصيغاً تنفيذية وآليات متابعة.
ومع ذلك لا بد من التذكير بأن تاريخ القمم العربية دلّ على وجود الكثير من الايجابيات في ما يتعلق بمختلف اوجه العمل العربي المشترك، من تسوية او احتواء خلافات على نحو استباقي أو وقائي، أو في بلورة سياسات ومواقف عملية وفاعلة تجاه بعض التحديات الاقليمية والدولية في مراحل معينة.
اليوم يعيش العالم العربي في خضم حروب وصراعات مباشرة او بالوكالة، متعددة الأوجه والأشكال والأبعاد، ومترابطة ومتداخلة بشكل مباشر او غير مباشر.
الشرق الاوسط يشهد العديد من النقاط الساخنة، خصوصا في "قلبه" العربي، ولو بدرجات مختلفة من السخونة، قابلة للاشتعال في اي وقت. نقاط ساخنة تغذي وتتغذى على الصراعات القائمة في الاقليم وما تخلقه من توترات.
مؤتمر المصالحة الفلسطينية الذي رعته الجزائر يُفترض ان يهيىء لمسار برعاية عربية لتحقيق اهداف هذه المصالحة التي، رغم صعوبتها بالفعل وليس بالشعار لأسباب فلسطينية اساسا، تبقى حاجة لا بل ضرورة فلسطينية وعربية ايضا. وستكون هذه المسألة من دون شك احدى النقاط الاساسية على جدول اعمال القمة. التداعيات المختلفة لجائحة كورونا وكذلك الحرب في اوكرانيا التي يبدو انها مفتوحة في الزمان عبر التصعيد الحاصل، تحمل انعكاسات متعددة ايضا على مختلف اوجه الحياة، من السياسة الى الطاقة والاقتصاد والغذاء. وهذه الانعكاسات تطاول المنطقة العربية ودولها بدرجات متفاوتة بحسب خصوصية كل دولة. هذه ايضا حزمة من التحديات التي تستدعي بلورة رؤية مشتركة وكذلك استراتيجية تعاونية للتعامل مع هذه التحديات على نحو افضل او اكثر فعالية واقل كلفة على مختلف الاطراف العربية.
واعتقد انه اكثر من ضروري ان تكون القمة المقبلة في الجزائر، قمة الحوار المفتوح بين الدول الاعضاء للتشاور وللبحث في بلورة تفاهمات وصوغ مواقف مشتركة حيث امكن، تسمح ببلورة سياسات ومقاربات عملية، وهذا معيار اساسي للنجاح في التصدي للتحديات والمخاطر المشتركة في المنطقة لمصلحة الاستقرار والازدهار في الاقليم.