كان هذا متوقعاً بعد سنوات من التقيد بالإجراءات الوقائية، وفق ما تؤكده رئيسة قسم الأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية –مستشفى رزق الدكتورة رولا حصني سماحة. كانت هناك سيطرة واضحة لفيروس كورونا من دون غيره من الفيروسات ومع تراجع معدلاته في مختلف دول العالم، عادت فيروسات أخرى بشراسة كما كان متوقعاً بما أن الناس لم يكوّنوا مناعة في مواجهتها في السنوات الماضية.
تبرز الآن أهمية عدم بلوغ معدلات الإصابة بهذه الفيروسات إلى حد تصعب السيطرة عليه، كما حصل مع الجائحة. فعلى سبيل المثال بلغت أسرّة المستشفيات في أقسام الأطفال الحد الأقصى من قدرتها الاستيعابية حالياً بسبب انتشار فيروسRSV على نطاق واسع ما أثار قلق الهيئات الصحية ودعاها إلى البحث في إعلان حالة طوارئ في هذا الإطار.
لذلك، تشير سماحة إلى أنه كان هناك إصرار في المستشفى على الاستمرار باستخدام الكمامة إلى حين قدوم فصل الربيع بما أنه كان من المتوقع أن تنتشر الفيروسات مع تراجع معدلات الإصابة بكورونا. يضاف إلى ذلك أن فيروس كورونا لم يختف بشكل تام من حياتنا. أما في مرحلة لاحقة، ومع اكتساب الناس المناعة اللازمة على أثر تعرضها لهذه الفيروسات في هذا الموسم، من المتوقع أن تهدأ الأمور في موسم الربيع وتتحسن مستويات المناعة. بانتظار ذلك، من المهم الالتزام باستخدام الكمامة في الأماكن المغلقة على الأٌقل وفي الأماكن المزدحمة والمتاجر الكبرى.
هل يكفي اكتساب المناعة على أثر التعرض للفيروس أم أن اللقاح ضروري في مثل هذه الحالات؟
بالنسبة إلى لقاح الإنفلونزا، بما أنه موجود من المفترض تلقيه لتأمين الحماية القصوى. تجدر الإشارة إلى أنه في مواجهة فيروس كورونا في حال الإصابة بالفيروس وتلقي اللقاح يمكن الاستفادة من مناعة قصوى. أما بالنسبة إلى لقاح الإنفلونزا فيؤمن مناعة لموسم واحد فقط ولا بد من الحصول عليه في كل موسم لأن الفيروس في تغيّر دائم وتظهر متحورات جديدة ويتم تعديل اللقاح على هذا الأساس بحسب السلالة التي كانت مسيطرة في الموسم الذي سبق، وثمة مواسم يكون اللقاح مطابقاً تماماً فتكون الحماية بنسبة أعلى. صحيح أنه يتم اكتساب مناعة جراء التعرض للفيروس، لكن نظراً لظهور متحورات جديدة دوماً، يؤمن اللقاح المناعة الفضلى للحد من الحالات الصعبة ومن الضغوط على المستشفيات والنظام الصحي.
وتجدر الإشارة إلى أن فيروس الانفلونزا مثلاً يسبب أعراضاً كارتفاع الحرارة إلى مستويات عالية تصل إلى 40 وبشكل خاص متحور H3N2 المسيطر حالياً. كما يسبب أوجاعاً في العضلات لمدة أسبوع. أما في حال تلقي اللقاح، فيمكن التخفيف من حدة الأعراض ومن فترة المرض أيضاً. حالياً معدلات انتشار هذه الفيروسات كلّها متزايدة إلى حد كبير في دول عديدة في العالم، ما يدعو إلى دق ناقوس الخطر والتقيد بالإجراءات الوقائية، خصوصاً بالسنبة إلى الأطفال الذين تتزايد معدلات الحالات الخطيرة بينهم لعدم اكتسابهم المناعة في مواجهتها في السنوات الماضية، هذا، وإلى حين انقضاء هذا الموسم بما فيه من فيروسات لأن الوضع لم يعد يحتمل المزيد من التهاون.