يبدأ الرئيس الصيني شي جينبينغ زيارة للسعودية، غداً الأربعاء، تستمر لثلاثة أيام، هي الأولى له إلى أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم منذ العام 2016. وسيتم خلالها توقيع اتفاقات مبدئية بين البلدين بأكثر من 29 مليار دولار.
وسيعقد الرئيس الصيني لقاءات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على أن يشارك أيضا في قمتين خليجية-صينية وعربية-صينية يحضرهما قادة دول المنطقة.
اتفاقات بحوالى 30 مليار دولار
وكشفت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّه سيتم توقيع اتفاقات مبدئية بأكثر من 110 مليارات ريال (29.26 مليار دولار) خلال القمة السعودية - الصينية.
وأفادت الوكالة بأنّ الزيارة تأتي "بدعوةٍ كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود... وتعزيزاً للعلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة التي تجمع المملكة العربية السعودية بجمهورية الصين الشعبية".
وخلال القمتين مع الزعماء العرب، ستُناقش "سبل تعزيز العلاقات المشتركة في كافة المجالات، وبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي"، وذلك "انطلاقاً من العلاقات المتميزة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية" مع الصين، وفقا للوكالة.
"علاقات أعمق"
وقال المحلل السعودي المقرّب من الحكومة علي الشهابي إنّ الزيارة تعكس "علاقات أعمق تطورت في السنوات الأخيرة" بين البلدين. وتابع: "الصين بصفتها أكبر مستورد للنفط السعودي فهي شريك مهم للغاية والعلاقات العسكرية تتطور بقوة"، مضيفاً أنه يتوقع "توقيع عدد من الاتفاقيات".
تأتي هذه الزيارة بينما تشهد العلاقات السعودية الأميركية توترا إثر قرار المملكة خفض إنتاج النفط من خلال تحالف "أوبك بلاس". واعتبر البيت الأبيض قرار الكارتل النفطي الذي تقوده السعودية اصطفافاً إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا، وهو أمر رفضته السعودية.
واختارت المجموعة التي تضم السعودية وروسيا الأحد الإبقاء على مستويات خفض الإنتاج نفسها. وقال الشهابي إنّ التوقيت "صدفة وليس موجها للولايات المتحدة".
وكان الرئيس الصيني، الذي ثبّته الحزب الشيوعي الصيني في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في منصبه لفترة ثالثة كأمين عام له، زار المملكة عام 2016.
والشهر الماضي، قال القنصل الصيني العام في دبي لي شيوي هانغ، في تصريحات نُشرت على موقع القنصلية، إنّ الزيارة "حدث كبير لتحسين العلاقات الصينية العربية وعلامة بارزة في تاريخ العلاقات الصينية العربية".
والسعودية هي أكبر مصدّر للنفط في العالم والصين هي أكبر مستورد للخام وتشتري ما يقرب من ربع الشحنات السعودية.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في آذار (مارس) أنّ الرياض تدرس تسعير بعض عقودها النفطية باليوان بعد تداولها حصرياً بالدولار لعقود. لكن رئيس شركة "أرامكو" وصف التقرير بأنه عيارة عن "تكهنات".
مع ذلك، فإنّ تبني علاقات أوثق مع الصين لا يعني أن المملكة العربية السعودية تريد خفض مستوى شراكتها مع الولايات المتحدة.
فحتى في ذروة التصريحات الصاخبة حول تخفيضات إنتاج النفط في تشرين الأول (أكتوبر) حين تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن عن "عواقب"، شدد المسؤولون السعوديون على أهمية علاقاتهم مع واشنطن.
النفط على رأس جدول الأعمال
وتأتي الزيارة الخارجية الثالثة للرئيس الصيني منذ تفشي كوفيد-19 فيما تُخَفّف القيود المفروضة لمكافحة الوباء في عدد متزايد من المدن الصينية من بينها بكين وشنغهاي مع إعادة فتح متاجر ورفع شرط إجراء فحص التشخيص في أماكن عدة، بعد أسبوع على تظاهرات غاضبة غير مسبوقة.
وحفّز الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا عدداً من القادة الغربيين على السفر إلى السعودية لمناشدتها زيادة إنتاج النفط، ولا سيما رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون وبعده الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقد اتفقت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي الجمعة على حد أقصى لسعر برميل النفط الروسي قدره 60 دولاراً في محاولة لحرمان الكرملين من موارد الحرب، ما أثار مزيداً من عدم اليقين.
وقال توربورن سولتفات، من مؤسسة "فيريسك مابليكروفت" الاستشارية، إنّه "من المحتمل أن يكون النفط على رأس جدول الأعمال أكثر مما كان عليه عندما زار بايدن" المملكة، مضيفاً: "هذان هما اللاعبان الأكثر أهمية في سوق النفط".
وبعيداً عن الطاقة، يقول محللون إنه من المتوقع أن يناقش قادة البلدين الصفقات المحتملة التي يمكن أن تشهد انخراط الشركات الصينية بشكل أعمق في المشاريع الضخمة التي تعتبر محورية في رؤية الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد السعودي.
وتشمل هذه المشاريع مدينة نيوم المستقبلية التي تقدر كلفتها بنحو 500 مليار دولار.
ويذكر أن ولي العهد زار الصين والتقى الرئيس الصيني في جولة آسيوية في عام 2019، قبل عام من انتشار الجائحة.
المصدر: النهار العربي، ا ف ب، رويترز