قد تفتر المشاعر بعد سنوات من الزواج، وربما يتحوّل الارتباط إلى عداء ينتهي بالطلاق، تلك الأمور التي تأثرت بواقعنا الاجتماعي والاقتصادي وجعلتنا نفكر كل يوم في إجابة لهذا السؤال: هل كان الزواج أفضل قرار؟ هل حياتنا من دون شريك أسعد أم أتعس؟
الزواج والصحة من الجيد أن نسأل كيف يؤثر الزواج على صحتنا، وبالفعل أجابت على ذلك العديد من الدراسات البحثية.
تشير العديد من الدراسات التي أجريت على مدى 150 عاما الماضية إلى أن الزواج مفيد للصحة. ونشرت جامعة هارفارد على موقعها الإلكتروني نتائج دراسة استقصائية كبيرة شملت 127 ألف بالغ أميركي، وأثبتت أن الرجال المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من الرجال الذين لم يتزوجوا قط أو انتهى زواجهم بالطلاق أو الترمل. وكلما بقي الرجل متزوجا، زاد احتمال طول عمره عن نظرائه غير المتزوجين.
ويرجع البعض نتائج تلك الدراسات إلى عامل الاختيار الفردي، وإلى فرضية أن الرجال الأصحاء هم من يتزوجون، ومن ثم فإن عامل الزواج لا يعد سببا في احتفاظهم بصحتهم لسنوات لأنهم لم يعانوا من أمراض مزمنة قبل الزواج، غير أن ما كشفته جامعة هارفارد في استطلاعها هو أن الرجال غير الأصحاء يميلون للزواج في سن صغيرة قبل إتمام 25 عاما، وهم أقل عرضة للطلاق وأكثر عرضة للزواج مرة ثانية إذا انفصلوا.
الرجل هو المستفيد الأكبر بدأ العلماء في فهم سبب تمتع الرجال المتزوجين بصحة أفضل من أقرانهم المنفصلين والمطلقين والأرامل في الآونة الأخيرة.
ففي الثمانينيات أشارت دراسات عدة إلى أن الرجال الذين ارتبطوا بزوجات حصلن على قدر عال من التعليم كانوا عرضة للوفاة من مرض الشريان التاجي أكثر من الرجال المتزوجين بنساء أقل في التعليم.
ومع حصول المزيد والمزيد من النساء على فرص في التعليم أصبح الوضع مقلقا حتى العقدين الأخيرين.
ففي 2002 كشفت دراسة عن نتيجتها بأنه كلما كانت الزوجة أكثر تعليما، قلّ خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي والعوامل المهددة للصحة مثل ارتفاع ضغط الدم والسمنة وارتفاع الكولسترول في الدم، حتى مع التدخين وقلة ممارسة الرياضة.
كما أفادت دراسة أجريت عام 2009 بأن أعمار الرجال المتزوجين من نساء متعلمات عادة ما تكون أطول من حياة رجال تزوجوا بنساء أقل تعليما.
السبب في ذلك في عالمنا المعاصر هو كون الزوجات الذكيات يعززن صحة القلب. وفي عام 2018 نشرت جامعة هارفارد نتائج دراسة جديدة في مجلة جمعية القلب الأميركية، أظهرت أن حالة المصابين بأمراض القلب من المتزوجين أفضل من غير المتزوجين.
وكان الباحثون خلال الدراسة تعقبوا أكثر من ستة آلاف شخص يعانون من أمراض القلب لمدة 3.7 سنوات في المتوسط.
ووجدوا أنه بالمقارنة مع المتزوجين، فإن أولئك المنفصلين والأرامل والمطلقين أو من لم يتزوجوا قط كانوا أكثر عرضة للأزمات القلبية بنسبة 52% حتى بعد أن أخذ الباحثون في الاعتبار العوامل المؤثرة مثل شدة المرض وتناول الدواء في موعده والحالة الاجتماعية والاقتصادية.
وأكدت الدراسة أن النتيجة لا تثبت أن الزواج يحمي قلوبنا، ولكن وجود زوجة تقدم المساعدة والود والحنان وتذكرك بتناول الأدوية الخاصة بك وتحثك على اتباع نمط حياة صحي، قد يفسر هذا الرابط في الدراسة.
مميزات الزواج النفسية اتفق عدد كبير من الدراسات على أن الأشخاص المتزوجين يتمتعون بصحة نفسية أفضل من غير المتزوجين، رغم المسؤوليات والخلافات اليومية.
في عام 2018 نشرت جامعة جورجيا نتيجة دراستها الجديدة في مجلة أبحاث العلوم الاجتماعية، حيث تبيّن أن الأشخاص الذين يتزوجون ويكسبون أقل من 60 ألف دولار سنويا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب عن غيرهم من الأشخاص غير المتزوجين. ولكن بالنسبة للأزواج الأثرياء فلا يظهر الزواج قوة تأثيره نفسها على الصحة العقلية، بحسب موقع ساينس دايلي.
وقد حللت تلك الدراسة الوطنية نتائج مقابلات تمت مع 3617 من البالغين في الولايات المتحدة الأميركية، تتراوح أعمارهم بين 24 و89 عاما في فترات زمنية مختلفة وعلى مدى سنوات عديدة، وغطى المسح مجموعة واسعة من المعايير الصحية الاجتماعية والنفسية والعقلية والجسدية، وحلل الباحثون الإجابات من البالغين المتزوجين حديثا ومن لم يتزوجوا بعد.
نظرت الدراسة في العلاقات المتبادلة بين الزواج والدخل والاكتئاب، وكانت نتيجتها أن فوائد الزواج وقدرته على محاربة الاكتئاب تقتصر على الأشخاص ذوي المستويات المتوسطة أو المنخفضة من الدخل، أما الأشخاص الذين يكسبون أكثر من 60 ألف دولار، فإنهم لا يشعرون بفرق لأن لديهم بالفعل ما يكفي لتحقيق السعادة والرفاهية.
كانت هذه الدراسة من بين القليل التي اهتمت بمعرفة ما إذا كانت الصحة النفسية في الزواج تختلف حسب الحالة الاجتماعية والاقتصادية. ودعمت نتيجتها الفرضية القائلة بكون الزواج مفيدا وداعما للشعور بالأمان والاستقرار النفسي، إلا إذا تم استبدال الشريكة بالكثير من المال.