"متلازمة الهرس"... مأساة من نوع آخر قد تنتظر النّاجين من تحت الأنقاض

صحة
قبل سنة 1 I الأخبار I صحة

في الأيام الأخيرة، كثر الحدث عن "متلازمة الهرس" بين الناجين من الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، نظراً للفترة الطويلة التي قضوها تحت الأنقاض.

 

وقدرت نسبة الإصابات بالمتلازمة في سوريا ب10 في المئة من مجموع الإصابات. 

فمن نجوا من تحت الركام، يمكن أن يواجهوا هذا الخطر القاتل الذي يتربّص بهم. هي حالة   فيتوقفخطيرة يمكن أن تهدد الحياة المريض بما انها قد تتطور إلى مضاعفات واضطرابات تصيب القلب

 

 

ما هي متلازمة الهرس؟

"متلازمة الهرس" أو "متلازمة السحق" Crush Syndrome هي حالة تصيب شخصاً تحمّل أوزاناً ثقيلة نتيجة زلزال أو كارثة طبيعة أو حادث أو حرب لأيام عديدة. في هذه الحالة يكون هناك ضغط شديد ومتواصل على الأعضاء، وخصوصاً الأطراف السفلى والعليا بحسب طبيب الصحة العامة والأمراض الداخلية الدكتور حسين الهواري.

 

وهذا ما حصل في زلزال تركيا وسوريا الذي تسبب بوقوع أكثر من 50 ألف ضحية وأكثر من 200 ألف مصاب.

 

عندها من الممكن لمن لم يخسر حياته بالزلزال أن ينتظره مصير البتر أو الموت.

 

يكون على الناجي عندها مصارعة هذا المصير الكئيب ربما في سرير المستشفى بعد الخروج من تحت الأنقاض، فيعيش مأساة جديدة.

 

في هذه الحالة، خطورة متلازمة الهرس ترتبط بعدد الساعات أو الأيام التي أمضاها تحت الأنقاض.

 

من الممكن التعرض لها على أثر ضغط شديد على الأطراف ولو لوقت قصير.

لكن عموماً بقدر ما يكون هناك تأخير في الإنقاذ تكون الأضرار كبرى بطبيعة الحال، لأن الضغط يكون أكبر على أعضاء الشخص الموجود تحت الأنقاض، فتتعرض فيها العضلات إلى صدمة قوية. وعندها من الطبيعي أيضاً أن تكون المشكلات الصحية التي يتعرض لها الشخص أكبر.

 

 

ويوضح الهواري أنه في الأعضاء والمواضع التي يزيد فيها الضغط بسبب هذه الأوزان الثقيلة تموت الخلايا. تحصل الأضرار عندها في العضلات والأعصاب والشرايين التي تغذي الأطراف.

 

 

 

كيف تظهر "متلازمة الهرس" لدى من يعانيها؟

تكون الأطراف المتضررة لدى المصاب بـ"متلازمة الهرس" باردة ولونها شاحباً جداً ولا يتدفق إليها الدم بالمعدلات الطبيعية.  كما يظهر الأذى في الجلد والتمزق فيه والإصابات المتعددة وكذلك المفاصل والأعصاب والعضلات.

 

عندها تنتج الخلايا الميتة في العضلات بروتينة معينة هي الميوغلوبين تنتقل في الدم فترتفع مستوياته فيها إضافة فتتحول إلى مواد سامة فيه.

 

هذا إضافة إلى ارتفاع مستويات الcpk وهناك فحص يمكن أن يجرى عندها لمعرفة نسبة تكسر العضلات.

 

تكون نسب هذه المواد السامة مرتفعة عندها في الدم، ويمكن أن تنتقل إلى الكلى وتسبب انسداداً في مصافي الكلى فلا تعود قادرة على تنقية الدم .

 

يحصل عندها قصور كلوي حاد مع توقف تام عن التبول. هذا ما يزيد الحالة سوءاً ، خصوصاً أن المريض يعاني أصلاً هبوطاً في ضغط الدم وفشلاً كلوياً بسبب وجوده ساعات أو أياماً تحت الأنقاض.

 

انطلاقاً من هذا الواقع، يؤكد الهواري أن الهدف ليس حصراً خروج الأفراد من تحت الأنقاض أحياء، بل الحفاظ على حياته بعد خروجه وإنقاذه وسرعة التدخل الطبي بعد نقله إلى المستشفى.

 

 

ما الذي يمكن أن يساعد على الحد من الخطر؟

من المهم أن يحرص المسعفون الذين يساهمون في عملية الإنقاذ على فحص المريض سريعاً والتأكد من نسبة الأوكسيجين في الدم ومن مستوى ضغط الدم لديه. بعدها يوضع له المصل ويتم تثبيت الأطراف والمواضع التي تعرضت لكسور مع ضرورة تدفئته بالشكل المناسب، لأنه يعاني حكماً هبوطاً في ضغط الدم ونزفاً جراء ما تعرض له، إضافة إلى وجوده في ظروف صعبة.

 

كما يجب تضميد الجراح وإعطاء المريض الأدوية المضادة للالتهابات ومسكنات الآلام، لأن الجروح تكون قد تعرضت حكماً للتلوث ويمكن أن تكون قد تعرضت للالتهاب.

 

هذا مع ضرورة معرفة المشكلات الصحية التي يمكن أن يعانيها المريض أصلاً أياً كان نوعها، لأنه من الممكن أن يعاني أمراضاً مزمنة تزيد من خطورة تعرضه لمضاعفات ووفاة جراء وجوده في مثل هذه الظروف. ففرص النجاة تكون أقل عندها.

 

من جهة أخرى، في حال وجود نزف يجب وقفه سريعاً. لكن بعد وصول الناجي إلى المستشفى، وفي حال تعرضه لـ"متلازمة الهرس" وتبين في فحوص الدم ارتفاع مستويات خلايا العضلات الـ CPK، تكون نسبة البوتاسيوم في الدم مرتفعة أيضاً بمعدلات عالية، ما يشكل خطراً كبيراً على حياة الإنسان.

 

فخلال ساعات يمكن أن تحصل وفاة لأن ارتفاع مستويات البوتاسيوم في الدم بمعدلات عالية يمكن أن يؤدي إلى توقف القلب.

 

في هذه الحالة من الضروري الإسراع في معالجة هذا الارتفاع في معدلات البوتاسيوم وأيضاً  الهبوط في ضغط الدم والنزف الذي يمكن أن يكون الناجي قد تعرض له.

 

هذا، إضافة إلى أهمية معالجة الالتهابات تجنباً للمضاعفات وانخفاض مستويات الكالسيوم والمغنيزيوم في الدم، كما يحصل عادةً.

 

وأيضاً يجب معالجة مستويات الحموضة في الدم وضبطها حتى تعود إلى مستوياتها الطبيعية، لاعتبار أن جفاف السوائل في الجسم يؤدي إلى ارتفاع مستويات الحموضة في الدم.

 

أما من يعاني قصوراً في الكلى فيجب المباشرة سريعاً بغسل الكلى لإنقاذ الحياة. فمع القصور في الكلى يمكن أن ترتفع نسبة الكرياتينين التي تعتبر مادة سامة في الدم ولا بد من ضبطها حتى لا يتوقف القلب.

 

في نسبة 30 في المئة من الناجين من تحت الأنقاض، تفرض حالة الناجي بتر أعضاء لأن الأطراف والعضلات تكون قد ماتت.

سرعة التدخل تعتبر في غاية الأهمية عندها، لهذا تزيد فرص النجاة في حال توافر الإمكانات وتدخل سريع في مثل هذه الكوارث.