اليمنيون يدفعون ثمن "ألغام الحوثي"

محليات
قبل سنة 1 I الأخبار I محليات

كان الطفل اليمني عبدالمجيد راجح يسير في الطريق إلى منزله فرأى لعبة، لكنه عندما أخذها بيده انفجرت بشكل مدوٍّ ليفقد على أثرها ذراعه ويتشوه جسده.

 

وبالرغم من تعافي عبدالمجيد ذي الـ13 عاما من إصابة اللغم الحوثي المموه فإنه فقد قدرته على التأقلم مع أقرانه والاندماج في المجتمع، بسبب تعرضه لصدمة نفسية في ظل غياب تام للتأهيل النفسي بعد الإصابة، خصوصاً للأطفال.

 

وبمناسبة اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، قال عبدالمجيد لـ"العين الإخبارية"، إنه وجد في الطريق لعبة، وبمجرد أخذها انفجرت ولم يفق إلا في مستشفى أطباء بلا حدود في المخا بعد أن عجز عن تحريك ذراعه اليمنى.

 

 

 

ويضيف الطفل الذي يسكن كوخا متهالكا في مديرية موزع غربي محافظة تعز(جنوب)، إن "التشوهات التي خلفها اللغم الحوثي أصبحت تسبب لي الحرج أمام زملائي، ما دفعني لوقف الدراسة في الصف السادس من المرحلة الابتدائية".

 

وأوضح: "كان الطلاب يسخرون من إعاقتي، ومن عدم قدرتي على الكتابة، وحتى عدم قدرتي على اللعب مع أصدقائي، فأصبت بعقدة نفسية، وأحلم بطرف لذراعي ليكتمل جسدي".

 

عبدالمجيد هو واحد من 9 آلاف و500 يمني أصيبوا وقتلوا إثر ألغام وعبوات وفخاخ مليشيات الحوثي خلال 9 أعوام، كما يعد واحدا من مئات الأطفال الذي تعرضوا لصدمات نفسية عنيفة بعد إفلاتهم بأعجوبة من الموت.

 

وتلجأ مليشيات الحوثي لتفخيخ ألعاب الأطفال وحتى الأقلام وأوانٍ منزلية وتحويلها إلى مصائد للأطفال الصغار وللكبار ممن يجهلون خدع وحيل المليشيات الإرهابية، فضلا عن زراعة الألغام بعشوائية في الطرقات والمواقع الحيوية.

 

ووجهت واشنطن وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وعشرات المنظمات المحلية والدولية دعوات لمليشيات الحوثي في اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام الذي يصادف 4 أبريل/نيسان من كل عام، وحثتها على سرعة تسليم خرائط الألغام التي جلبت المآسي لليمنيين والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.

 

حقول الألغام بالحديدة

وكشف تقرير حقوقي يمني عن زراعة مليشيات الحوثي 92 حقلا للألغام في 12 مديرية في محافظة الحديدة التي تحتل العدد الأكبر من حيث أعداد الضحايا وعدد الحقول وتوزيعها المكاني.

 

التقرير المعنون بـ"حقول الألغام في تهامة.. مصايد بشرية كامنة"، والصادر عن منظمة رصد للحقوق والتنمية والمجموعة الجنوبية المستقلة، الثلاثاء، وثق سقوط 381 ضحية، من بينهم 174 طفلاً خلال 2022 في محافظة الحديدة، غربي اليمن.

 

وكشف التقرير عن وجود 3 ورشات حوثية لتصنيع الألغام بالحديدة لمليشيات الحوثي، مشيرا إلى أن حقول الألغام التي زرعتها المليشيات تسببت في حرمان سكان المحافظة من سبل العيش وحتى حرية التنقل والسفر بين المديريات وجعلتهم تحت دائرة الخطر الوشيك، إضافة إلى التلوث البيئي الذي يعد كارثيا وسيظل أثرة على البيئة لعقود مقبله.

 

 

 

ورصد التقرير -الذي تلقته "العين الإخبارية"- من بين 92 حقلا نحو 54 حقلاً بلغت مساحتها 268.79 كيلومتر مربع، و36 مساراً ملغوماً بلغ 191.91 كليومتر، في أبشع جريمة يمكن وصفها في تاريخ محافظة الحديدة.

 

وأشار إلى أن ألغام مليشيات الحوثي حرمت 40% من سكان محافظة الحديدة الذين يعملون في الصيد التقليدي من مساحات شاسعة في السواحل، ما ضاعف الفقر واتسعت رقعته عاماً بعد آخر.

 

كما أكد أن الألغام والأجسام القابلة للانفجار لمليشيات الحوثي تسببت في إغلاق 63 منشأة صناعية، وكذا منعت وصول ملاكها إليها بسبب تطويقها بحقول الألغام وعدم نزع أو تطهير أي من تلك المنشآت.

 

ونبه إلى أن التصحر والتلوث البيئي زحف على مساحة 250.892 هكتارا بنسبة 47% منها بما يساوي 14% من المساحات الإجمالية من مساحة محافظة الحديدة، وأن 1,220,428 نسمة في 11 مديرية لقوا تبعات انهيار الأنشطة الاقتصادية بسبب الألغام الحوثية وأضحوا ضحايا قد تكون أبشع كارثة عرفها التاريخ.

 

كما نشر الحوثيون الألغام والعبوات الناسفة في مناطق زراعية واسعة بالقرب من أودية "نخله" وتفرعاته "سهام" و"وادي زبيد" وتفرعاته، الأمر الذي يؤدي إلى آثار بيئية خطيرة على التربة بسبب الأمطار وسيول الأودية التي عادة ما تتفرع إلى مساحاتٍ زراعية.

 

وتشير الإحصائيات إلى انحسار خارطة توضح المساحات التي انتشرت فيها الألغام في شرق مديرية حيس، هذه المساحات تحاذي وادي نخله المساحات الزراعية من 2200 هكتار زراعي في العام 2014 إلى 90 هكتارا خلال العام 2022، وفقا للتقرير.

 

في السياق، قالت الأمم المتحدة إن حوادث الألغام الحوثية تسببت بوقوع أكثر من 50 ضحية بين المدنيين في محافظة الحديدة منذ مطلع العام الجاري 2023.

 

وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA)، مايكل بيري، في رسالة بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام: "في الأشهر القليلة الأولى من هذا العام وحده، تم الإبلاغ عن وقوع أكثر من 50 ضحية مدنية جراء حوادث الألغام في الحديدة".

 

وأضاف بيري، أن أبناء الحديدة خاصة، واليمن بشكل عام عانوا لفترة طويلة من آفة الألغام من مخلفات مليشيات الحوثي، "ويجب علينا أن نجد سبيلاً لوقف هذا النزيف من المدنيين".

 

أحدث الإحصائيات

ولا تزال حياة المدنيين في 11 محافظة يمنية معرضة لمخاطر كبيرة نتيجة تلوث مناطق واسعة بالألغام والعبوات الحوثية التي تزرعها منذ العام 2014.

 

ووفقا للمرصد اليمني للألغام في تقرير فإنه وثق خلال الفترة من الأول من يناير/كانون الثاني 2022 وحتى 4 أبريل/نيسان 2023، سقوط 872 ضحية في صفوف المدنيين، معظم هؤلاء الضحايا سقطوا في محافظة الحديدة الساحلية.

 

كما توزع باقي الضحايا في محافظات تعز والبيضاء ولحج وأبين والضالع وشبوة ومأرب والجوف وصعدة وحجة.

 

 

 

وأشار إلى أن "الضحايا الذين سقطوا بألغام الحوثيين هم 349 قتيلا منهم 120 طفلا و19 امرأة، و4 مهندسين من العاملين في مجال التطهير".

 

ولفت إلى سقوط 523 جريحا منهم 217 طفلا و33 امرأة، والعشرات من هؤلاء المصابين يعانون من إعاقات مستديمة.

 

كما تعرضت 64 مركبة مدنية لتدمير كلي أو جزئي، وتدمير 83 دراجة نارية ونفوق نحو 460 رأسا من الماشية (أغنام- أبقار- جمال) في أبريل/نيسان من العام الماضي، إلا أن تحركات المدنيين ومحاولة عودة النازحين إلى مساكنهم غير ما خصصت لها، وفقا للتقرير.

 

ودعا المرصد مليشيات الحوثي إلى التوقف الفوري عن زراعة المزيد من الألغام وتسليم الخرائط التي زرعتها، والعمل بشكل جدي على الاستفادة من التمويلات التي تتلقاها من جهات مانحة في تطهير المناطق المأهولة تحت سيطرتها من الألغام.

 

كما دعا المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، إلى أن يكون ملف الألغام والذي يعد أحد أخطر ملفات الحرب في اليمن في قائمة أولويات النقاشات الدائرة.