محمود الصبيحي.. جنرال "الحرب والسلم"

محليات
قبل سنة 1 I الأخبار I محليات

محارب جسور، عرفته الميادين مقاتلا وصقلته الأعوام ابنا للمؤسسة العسكرية وكرجل للسلم والحرب.

 

إنه اللواء الركن محمود سالم الصبيحي وزير الدفاع اليمني الأسبق الذي غادر قضبان مليشيات الحوثي بعد 8 أعوام من وقوعه في الأسر بكمين غادر، لا تزال تفاصيله غامضة حتى اليوم.

 

الصبيحي (75 عاما) يعد أحد أهم القادة العسكريين الذين تم إطلاق سراحهم في ثاني أكبر عملية لتبادل الأسرى والمختطفين في اليمن التي ترعاها الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، والتي انطلقت اليوم الجمعة على مدار 3 أيام.

 

وتسلط "العين الإخبارية" في هذا التقرير الضوء على محطات بارزة في حياة الرجل الذي يملك سيرة زاخرة، خطها وسط معتركات الحروب ودفع ثمنها سنين من عمره ليكون القائد العسكري الذي فجر شرارة المواجهة مع مليشيات الحوثي ورجل السلم الذي يضع خروجه أولى لبنات السلام.

 

من هو الصبيحي؟

في عام 1948 شهدت بلدة "هويرب" في مديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج قدوم مولود جديد أسماه والده "محمود" لينشأ في مسقط رأسه بين قبائل "الصبيحة" ويترعرع على قيم الوفاء والشهامة والكرامة.

 

وكان محمود الصبيحي ما زال في عمر 15 عاما عندما قام أجداده الجنوبيون بطرد المستعمر البريطاني عام 1963، وأصبح بعد 28 عاما من مولده خريجا من الكلية العسكرية في عدن ليحمل شهادة البكالوريوس في العلوم العسكرية عام 1976.

 

ويعد الصبيحي أحد أبرز الضباط الذين حصلوا على درجة الماجستير في العلوم العسكرية من أكاديمية فرونزا التابعة للاتحاد السوفيتي عام 1982، ثم دورة في القيادة والأركان في ذات الأكاديمية عام 1988.

 

وباشر الصبيحي أولى مهامه في منصب مدير ديوان بوزارة الدفاع في عدن بين عامي 1976-1978، ثم أركان حرب لواء ملهم 1982-1986، قبل أن يتقلد عام 1986-1988 منصب قائد للواء 25 ميكا.

 

وفي عام 1988 عينت القيادة الجنوبية الصبيحي قائدا للكلية العسكرية واستمر في منصبه حتى 1990 عقب الوحدة مع الشمال ودمج المؤسسات العسكرية ليعين الرجل نائبا لمدير الكلية الحربية اليمنية وهو منصب شغله لمدة عامين.

 

وإثر كفاءة الرجل وخبرته العسكرية أعادت القيادة اليمنية الصبيحي إلى منصب قائد اللواء 25 ميكا في مدينة زنجبار عاصمة أبين (جنوب) خلال 1993-1994 وهو آخر المناصب العسكرية التي تقلدها بعد مشاركته ووقوفه لحماية أرضه في الجنوب.

 

ولم تغر المناصب العسكرية الرجل ووقف بثبات للدفاع عن الجنوب عندما تم اجتياحه خلال صيف 1994، ليدفع نتيجة موقفه ذلك ضريبة باهظة امتدت 15 عاما مشردا خارج بلاده وبعيدا عن أسرته.

 

عودة الصبيحي

بحسب مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية"، فقد عاد الصبيحي إلى اليمن عام 2009 ليعين مستشارا عسكريا للرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح.

 

وعين الرئيس الأسبق صالح، الصبيحي قائدا لمحور العند عام 2010 ومنحه رتبة "لواء" بعد عام من وصوله ثم عينه قائدا للواء 201 ميكا في مارس/ آذار 2011 ليسجل الرجل محطات لا تنسي في محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة أبين.

 

وعمد الرجل خاصة بعدما تم تعيينه قائد للمنطقة العسكرية الرابعة في 10 أبريل/نيسان 2013 إلى تشكيل اللجان الشعبية والتي قصمت ظهر تنظيم القاعدة بعد أن حاول تأسيس أولى إماراته انطلاقا من مدينة زنجبار في أبين.

 

وعقب انقلاب مليشيات الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014، سارع الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي بتعيين اللواء الصبيحي وزيرا للدفاع في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعد أن فككت المخابرات الإيرانية والحوثية وزارة الدفاع وبدأت بالتمدد صوب الجنوب.

 

لكن ابن الصبيحة الذي خبر الحرب صغيرا وكبيرا لم يستسلم، حيث عاد إلى معقله ومسقط رأسه ليشكل أول سياج عسكري لحماية تعز والجنوب من تمدد مليشيات الحوثي، إلا أن الخيانات كانت تحاصره من كل جانب.

 

وفي فبراير/شباط عام 2015، وبينما كان الرجل يسابق الزمن للدفاع عن قاعدة العند من السقوط في قبضة مليشيات الحوثي التي كانت قد انتشرت في مديريات متفرقة من محافظة لحج، سقط الصبيحي أسيرا في كمين غادر ما زالت تفاصيله غامضة حتى اليوم.

 

ووقع الصبيحي أسيرا إلى جانب قادة عسكريين بارزين وهم اللواء فيصل رجب واللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس اليمني السابق، وظل الصبيحي وزيرا للدفاع من معتقله حتى أواخر 2018 حينما تم تعيين محمد المقدشي وزيرا للدفاع لتسمح حينها مليشيات الحوثي له بإجراء أول اتصال هاتفي.

 

والصبيحي هو أحد القادة العسكريين والسياسيين المشمولين بالقرار الأممي 2216 الذي يلزم مليشيات الحوثي باطلاق سراحه، لكن المليشيات رفضت إطلاق سراحه خلال 4 جولات تفاوض وظلت تتخذه ورقة ضغط لابتزاز المجتمع الدولي.

 

ويشكل خروج الصبيحي ضمن عملية تبادل الأسرى أول خطوات تعزيز الثقة بين الأطراف اليمنية، لكن مصادر قالت لـ"العين الإخبارية"، إن قوات العمالقة الجنوبية أطلقت مقابل خروج اللواء الركن محمود الصبيحي أكثر من 50 أسيرا حوثيا جلهم ممن تم أسرهم في الجبهات.