يعتقد بعض السياسيين الغربيين أنه من المستحيل، أو ربما غير من المرغوب فيه، لأوكرانيا استعادة شبه جزيرة القرم، ويسعون عوضاً عن ذلك لتحقيق سلام زائف، حيث توافق كييف على إبقاء شبه الجزيرة في منطقة رمادية. كما وقد يرغبون ببقاء الوضع الراهن، مع استمرار شبه جزيرة القرم تحت السيطرة الروسية الكاملة.
بحسب صحيفة "ذا تليغراف" البريطانية، "تُظهر هذه المشكلة حقيقة أن قادتنا لم يقرروا بعد ما إذا كانوا يريدون حقًا فوز أوكرانيا. إذا رغبوا حقاً في فوز أوكرانيا، فلن يكون هناك شك في أنه يجب دعم القوات الأوكرانية هذا الصيف في سعيها لاستعادة شبه جزيرة القرم، مما سيؤدي إلى الانهيار التام للحملة الروسية.
لن يغير أي قدر من المغالطة السياسية حقيقة أن القرم هي المنطقة الحاسمة في هذه الحرب. فيمكنك قتل عدة مئات من الروس في ضواحي باخموت ويكون لك تأثير استراتيجي ضئيل. ولكن إذا طردت المئات من سيفاستوبول، القاعدة البحرية الروسية في شبه جزيرة القرم، فستكون قد غيرت مجرى التاريخ وأنهيت الحرب فعليًا".
وتابعت الصحيفة، "يمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع المراحل الثلاث الاتية: المهمة الأولى تتمثل في عزل شبه جزيرة القرم، ويمكن تحقيق ذلك قريبًا من خلال هجوم أوكراني ناجح يبدأ هذا الصيف. يمكن لقوات كييف كسر الجسر البري الذي تحتله روسيا بسهولة. المهمة الثانية هي بجعل القرم غير قابلة للدفاع عنها من قبل القوات الروسية.
ويمكن القيام بذلك باستخدام صواريخ دقيقة بعيدة المدى يوفرها الغرب، والتي يمكن أن تستهدف قاعدة سيفاستوبول البحرية وعشرات القواعد الأخرى أو نحو ذلك في أماكن مثل ساكي، ومركز اللوجستيات في دزهانكوي، والمقر الروسي الرئيسي في هينيتشسك. أما المهمة الأخيرة فهي تحرير شبه جزيرة القرم، واحتلالها واستكمال تدمير جسر كيرتش الذي يربطها بروسيا".
ورأت الصحيفة أن "الأوكرانيين لديهم الإرادة والقوة البشرية والكفاءة العسكرية للقيام بكل هذا. ويحتاج السياسيون الغربيون فقط إلى الاتفاق على أن هذه هي أسرع طريقة لإنهاء الحرب وبالتالي منح أوكرانيا الأسلحة التي تحتاجها. ما من حاجة للسفر حول العالم بحثًا عن "حل دبلوماسي" - والذي أصبح يعني تقسيم الأراضي الأوكرانية - عندما يكون هذا الحل الأبسط بكثير جاهزًا للتنفيذ. ففي غضون أشهر وليس سنوات، سيتحقق السلام. ستفقد البحرية الروسية أكبر مركز لها، وسيشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومساعدوه في الكرملين بالتواضع لدرجة أن إدارتهم ستقع في خطر عميق. أليس هذا مسارًا أفضل للنظام الدولي القائم على القواعد؟"
وبحسب الصحيفة، "إن الشعب الروسي نفسه يفقد الإرادة للدفاع عن القرم. كان يقال إنه حتى القادة الروس الذين أحببناهم - أولئك، مثل أليكسي نافالني، الذين وقفوا في وجه حكم بوتين القمعي - اعتقدوا أن القرم تستحق الضم. لفترة طويلة، رفض نافالني تقديم الدعم العلني للعودة الفورية لشبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا.
ومع ذلك، فإن فشل غزو بوتين الشامل قد غير الأمور. في شباط، نشر المنشق الروسي خطة من 15 نقطة تحدد رؤيته لروسيا ما بعد الحرب. وتنص على أن حدود أوكرانيا يجب أن تكون "معترف بها ومحددة بالعودة إلى عام 1991" - والتي تشمل شبه جزيرة القرم". وختمت الصحيفة، "لم تعد روسيا ما كانت عليه من قبل، فقد فقدت الثقة والاحترام العسكري. أملها الأخير هو الانتظار بيأس حتى تتغير الرياح السياسية في الغرب. هل سيقدم لها الغرب هذا المفتاح؟ أم انه سيرسل أخيرًا رسالة إلى العالم مفادها أنه سيتم الدفاع عن أوروبا؟"