العرب اللندنية : صراع أجنحة في صفوف الحوثيين يلقي بظلاله على مسار التسوية

محليات
قبل 11 أشهر I الأخبار I محليات

كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”العرب” عن تعثر المفاوضات حول تمديد الهدنة الأممية في اليمن، نتيجة تراجع الحوثيين عن تفاهمات سابقة تمت خلال زيارة الوفد السعودي لصنعاء، ومحاولة إجراء تعديلات جديدة تتضمن مطالب إضافية لا تحظى بموافقة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وأشارت المصادر إلى وجود خلافات عاصفة داخل جماعة الحوثي بين أجنحة نافذة حول طريقة التعاطي مع جهود التسوية الرامية إلى وقف الحرب في اليمن والشروع في تنفيذ حزمة ذات طابع إنساني واقتصادي، قبل الولوج إلى حوار مباشر بين الأطراف اليمنية على الحل النهائي.

وقالت المصادر نفسها إن زيارة مبعوث الأمم المتحدة الخاص هانس غروندبرغ إلى صنعاء وعدن ولقاء قيادات حوثية وأخرى في الشرعية اليمنية كان الهدف منها تذليل العوائق التي تسببت بها الاشتراطات الحوثية الجديدة، والتي قوبلت برفض الحكومة اليمنية، إضافة إلى استمرار الجهود المكثفة التي تقوم بها مسقط والرياض للدفع بالمفاوضات قدما.

ماجد المذحجي: من غير المرجح الوصول إلى نتيجة حاسمة قريبا ورجحت المصادر أن تشهد العاصمة العمانية جولة جديدة من المفاوضات بين الوفد السعودي والحوثيين، في حال أصر الحوثيون على العودة إلى الوراء في مسار التفاهمات التي تم التوصل إليها في المرة السابقة، نتيجة حالة الانقسام وازدواج القرار الذي قد يكون تعبيرا عن حالة انقسام حقيقية أو نوع من تبادل الأدوار داخل الجماعة.

ورجح ماجد المذحجي، مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، أن لا تصل مفاوضات الهدنة إلى نتيجة حاسمة في القريب العاجل في ما يتعلق بالقضايا والملفات الأساسية بين الأطراف، وتحديدا بين المملكة والحوثيين، والتي مازالت كبيرة.

واستدرك المذحجي في تصريحات لـ”العرب”، “هذا لا يعني وقف مسار المفاوضات، لكن بدون طموحات كبيرة في أن نشهد مفاجآت قريبة لتفكيك العقد الأساسية في الملف، والتي ما زالت محمولة على رفع الحوثيين لسقف حل مسار الصراع”.

وتابع أن الحوثيين كانوا يراهنون على اندفاعات المملكة نحوهم، لكن الزيارة الأولى لصنعاء لم تخرج بنتائج وكانت مخيبة للآمال بالنسبة للمملكة، ولذلك فإن الزخم سيتوقف بالتأكيد.

وحول الدور الإيراني في تحديد المواقف الحوثية، بعد إعلان طهران عن فصل المسار الإيراني عن اليمني، قال المذحجي إن “الايرانيين لم يرفعوا يدهم من الملف وما زال استثمارهم الطويل فيه محركا أساسيا لإدارتهم للدور الحوثي إن صح الوصف، حيث يعتقدون أنهم بإمكانهم انتزاع مكاسب من دون تقديم التضحيات في الملف اليمني وأنهم قد وصلوا إلى الحد الأقصى للدعم السياسي والعسكري للحوثيين، فلن يقدموا على خطوة إضافية لأن الاستثمار بالأساس قد أتى بنتائجه مع الحوثيين، لكن لن يخسروا أو يكسروا الشوكة التي صنعوها في اليمن في خاصرة الخليج العربي، فلذلك ما زال المسار معقدا وطويلا”.

مصطفى الجبزي: جماعة الحوثي تحتكم إلى مرجع فرد يحاط بهالة من القداسة وشكك الباحث السياسي اليمني مصطفى الجبزي في حقيقة وجود خلافات داخل الجماعة الحوثية، وتأثيرها على مسار التسوية، قائلا “من المتوقع جدا أن تظهر خلافات في أي جماعة وهذه من طبيعة السلطة، لكن أدوات معالجتها وتقنين الصراع يمكناها من حسم الأمر كما هو الحال في القرار الجماعي ودمقرطة الكيانات”.

وأضاف الجبزي “هذا غير متوفر في جماعة الحوثي، وأنا لا أؤمن بصراع أجنحة داخلها في هذه المرحلة لسببين، الأول أن الجماعة تحتكم إلى مرجع فرد يحاط بهالة من القداسة تسمح له بضبط إيقاع الاختلاف. والثاني أن مرحلة الحرب تعزز التضامن العضوي داخل الجماعة. أي أن الاختلافات الراهنة هي ليست لتقاسم الكعكة إنما حول كيفية تعظيم الكعكة وإثبات ولاء للفكرة المؤسسة”.

واعتبر الباحث اليمني في تصريحات لـ”العرب” أن ما يجري “هو اختلاف تفان لا أكثر، وهذا لا يمنع من وجود أشخاص يرون في أنفسهم أهمية وأن الجماعة تدين لتضحياتهم أو أشخاص لديهم طموح شخصي وينشطون في إطار آلية المحاصصة القائمة”.

وأضاف “يمكن أن ينشأ خلاف يقود إلى تصدع عندما تحصل الجماعة على استقرار ويبدأ التنافس على الريع، لاسيما مع الجيل الثاني. وحاليا الريع أكثر من أفراد الجماعة وكلما ظهرت مطالب منهم بحصة اقتطعوا لها من المال العام أو المنهوب”.

رماح الجبري: الأرضية السياسية في اليمن ليست مهيأة لتحقيق سلام ويرى الباحث السياسي ومدير المرصد الإعلامي اليمني رماح الجبري أن “الميليشيا الحوثية، ومن خلفها إيران، سقطت في اختبارها الأول وهو الأسهل من بين اختبارات كبيرة تتطلبها المرحلة القادمة، بما فيها الاعتراف بحقيقتها وواقعها في اليمن كانقلابيين وجماعة متمردة تعمل لأجندة خارجية”.

وعلق الجبري على تعثر المفاوضات مع الحوثيين بالقول “لا يوجد للتفاؤل مكان في علاقة بالتفاوض مع الميليشيا الحوثية، ما دامت تمسك بأسلحتها والعالم يتسامح معها ويقدم لها الحوافز الكبيرة التي تثير شهوة السلطة لديها، لتطمح إلى السيطرة والحكم في اليمن”.

ولفت إلى أن الأرضية السياسية في اليمن ليست مهيأة لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام يلبي حقوق أبناء الشعب اليمني، لاسيما وجماعة الحوثي تمتلك وسائل الضغط وتقصف الموانئ اليمنية والأعيان المدنية، في حين أن الحكومة الشرعية تمضي وفقا للإرادة الدولية التي يمكن أن تفرض اتفاقا أشبه باتفاق ستوكهولم الذي لم ينفذ منه شيء ونتج عن ضغوط ومقاربات دولية.

وعن أبرز العوائق التي تعترض طريق السلام في اليمن، قال الجبري في تصريحاته لـ”العرب”، “منذ سنوات والحوثيون يرفضون أي خطوات للتقدم تجاه إنهاء الحرب وتحقيق السلام، كون حالة الفوضى والحرب يعتبرونها المناخ الملائم لتحقيق مكاسب سياسية من خلال التفرد بالسلطة وقمع الخصوم ونهب الإيرادات وفرض الجبايات، ومن خلال أدلجة المجتمع وتنشئة جيل جديد يؤمن بأفكارهم العنصرية، ولذلك أي توجه حقيقي وجاد للتوجه نحو السلام يمثل تهديدا لمصالح القيادات الحوثية المستفيدة من الحرب ماديا وسياسيا، وأيضا تهديدا لمشروع أيديولوجي طائفي خلفه تنظيم سلالي يتبناه من عشرات السنين”.

وعن التصريحات الإيرانية بشأن فصل المسار الإيراني عن اليمني، أضاف “حديث إيران عن أن قرار الحوثيين بأيديهم استغفال للإقليم والعالم كونها تمتلك قرار الميليشيا، ومجلس الحرب الجهادي؛ التنظيم السري الذي يدير الحرب في اليمن، يتبع الحرس الثوري الإيراني، وعبدالملك الحوثي عضو فقط في المجلس، ما يعني أن أيران تمتلك قرار الحرب والسلم في اليمن بأدق تفاصيله”.