العرب اللندنية : مقاربة أممية جديدة للتسوية في اليمن سبق وأن لمّحت إليها واشنطن

محليات
قبل 10 أشهر I الأخبار I محليات

يقوم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ بتحركات حثيثة هذه الأيام بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وسط أنباء عن حمله لمقاربة جديدة تمهد لحل شامل للأزمة اليمنية، سبق أن لمحت إليها الإدارة الأميركية قبل فترة.

وتأتي تحركات المبعوث الأممي في ظل جمود في المفاوضات التي ترعاها عمان بين جماعة الحوثي والسعودية، والذي تباينت المواقف حول خلفياته بين من يربط الأمر بتدخل أميركي وآخرين اعتبروا أن إعلاء الحوثيين لسقف شروطهم حال دون الوصول إلى توافق بين الجانبين.

ورجح مصدر سياسي يمني رفيع المستوى الثلاثاء أن تطرح الأمم المتحدة قريبا "خطة جديدة للسلام" في البلاد. وقال المصدر إن "الأمم المتحدة بدأت الآن جهودا منفصلة (عن الجهود الإقليمية) لمحاولة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، وإجراء مشاورات لبناء الثقة في الجوانب الاقتصادية والعسكرية قبل الانتقال إلى مفاوضات شاملة لتشارك السلطة".

وأفاد بأنه "مع توقف الاتصالات بين السعودية والحوثيين، فإن الفرصة متاحة للأمم المتحدة لقيادة الجهود وإبقاء زخم السلام واستمرار التهدئة القائمة". وأشار المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لكونه غير مخول له الإدلاء بتصريحات، إلى أنه "من المرجح بعد جولة اللقاءات الأممية هذه التي ستشمل القوى السياسية أيضا، أن يطرح المبعوث الأممي هانس غروندبرغ خطته للسلام في اليمن".

◙ فرص نجاح أي خطة سلام في اليمن ترتبط بإرادة الفرقاء اليمنيين تقديم تنازلات والتوصل إلى تسوية واقعية وعقد غروندبرغ يومي الأحد والاثنين سلسلة لقاءات في السعودية وسلطنة عمان بعد فترة مراوحة، بدا أن الهدف منها هو فسح المجال للوساطة العمانية. وخلال الجولة الحالية التقى غروندبرغ في الرياض رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ووزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، إضافة إلى السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن المعتمدين لدى اليمن.

كما التقى في مسقط مسؤولين عمانيين، إضافة إلى كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبدالسلام. ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة الحاضر - الغائب في تحركات غروندبرغ في المنطقة، وما يروج عن مقاربة جديدة لحل الأزمة المستمرة منذ تسع سنوات.

ويشير المراقبون إلى أن تيموثي ليندركينغ، المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، سبق وأن أشار في جولة له في المنطقة في أبريل الماضي إلى وجود حاجة لاتفاق جديد لتحقيق السلام في اليمن، لافتين إلى أن ذلك التصريح أثار تساؤلات عديدة، لكن عودة الحراك الأممي قد تقود إلى أجوبة عن هذه التساؤلات.

ويوضح المراقبون أن الولايات المتحدة لم تكن على ما يبدو مقتنعة أو راضية عن اعتماد السعودية مسارا منفصلا للتفاوض مع الحوثيين، من أجل ضمان الانسحاب من الساحة اليمنية، وتقرّ واشنطن بجدوى أن تتم معالجة الصراع من مختلف جوانبه المتشعبة.

ويلفت المراقبون إلى أن فرص نجاح أي خطة سلام في اليمن ترتبط أساسا بإرادة الفرقاء اليمنيين تقديم تنازلات والتوصل إلى تسوية واقعية، وهو ما لا يبدو واضحا حتى الآن حيث يصر الحوثيون على رفع سقف شروطهم، في المقابل يبدو وضع السلطة الشرعية أعقد من ذي قبل.

ويبيّن المراقبون أن اليوم هناك خلافات عميقة بين مكونات السلطة الشرعية، حيث أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتمسك باستعادة دولة الجنوب، في المقابل تدفع أطراف أخرى نحو أقلمة بعض المحافظات الغنية بالنفط، على غرار المساعي الجارية لحزب التجمع الوطني للإصلاح الذي يمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان نحو إقامة إقليم في محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى.

ويشير المراقبون إلى أن الإشكال الحقيقي في اليمن يتمثل في أن كل طرف ينظر إلى أي تسوية من منظار مدى استجابتها لطموحاته الخاصة وأجنداته، وهذا التمشي سيقود اليمنيين حتما إلى طريق مسدود، ولن تنجح أي وصفة أممية كانت أو إقليمية في حل الأزمة.

◙ واشنطن لم تكن مقتنعة أو راضية عن اعتماد السعودية مسارا منفصلا للتفاوض مع الحوثيين من أجل ضمان الانسحاب من الساحة اليمنية

وفي رده على التساؤل عما إذا كانت التحركات الأممية والدولية بشأن اليمن قد تعثرت، أوضح المصدر اليمني أنه "لا يمكن القول إن الجهود الجارية فشلت أو تعثرت ما دامت مستمرة، وما لم يقل أي طرف إن جهوده فشلت، فلا ينبغي قطع الأمل أمام أي مساع حسنة على هذا الصعيد".

وتابع "من المهم التفريق بين الجهود الراهنة، فالأمم المتحدة لم تكن جزءا من المشاورات التي اقتصرت على الرياض ومسقط وجماعة الحوثي، لأن هذه الجهود تتعلق بإعادة الحوثي إلى الهدنة". وأردف “الحكومة الشرعية تنتظر نجاح هذه الجهود، بينما تنتظر الأمم المتحدة الخطوة التالية حيث يفترض انتقال المهمة إليها في إدارة الحوار".

ويعاني اليمن منذ تسع سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وجماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات، من بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.

ومنذ مدة تتكثف مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات قامت بها وفود سعودية وعمانية إلى صنعاء، وجولات خليجية للمبعوثين الأميركي والأممي إلى اليمن تيم ليندركينغ وهانس غروندبرغ.

وتصاعدت آمال اليمنيين في إحلال السلام بعد أن وقعت السعودية وإيران بوساطة الصين في 10 مارس الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية، لكن هذه الآمال سرعان ما تبددت إثر اتضاح أن الأمور أعقد من حصرها في حل بين الدولتين.