الرّمد يجتاح مناطق يمنيّة ورؤية السلطات لمواجهته ضبابيّة

محليات
قبل سنة 1 I الأخبار I محليات

انتشر مرض الرمد في مدينة عدن ومحافظات يمنية أخرى، مخلفاً مئات المصابين، جلهم من الأطفال، من دون أن تحرّك الجهات الرسمية الحكومية ساكناً.

 

وبدأ الرمد يجتاح مدينة التواهي في عدن منذ أيلول (سبتمبر)، قبل أن ينتشر في مديريات عدن ومحافظات مجاورة.

 

ويصيب الرمد العينين بالتهاب واحمرار شديدين، ويشعر المريض بالحكة في عينيه ووجود أوساخ بداخلهما يحاول على إثرها إزالتها، لكنها محاولات تضاعف المرض وتسرّع انتقاله إلى الآخرين.

 

يوسف سالم شاب يمني في العقد الثاني من عمره أصيب بالرمد خلال الأسبوع المنصرم. ويقول لـ"النهار العربي": "شعرت بداية بوجود شيء في عيني وبحاجة شديدة لأحكّها بغية إزالة هذا الشيء، لكن مع استمرار لمس عيني بدأ الاحمرار الشديد يزداد".

 

وعن سبب انتقال المرض إليه قال: "أنا سائق باص أجرة وبلا شك في أنني خالطت مرضى بالرمد من دون أن أعرف، كون المرض منتشراً حالياً في أحياء عدن كلها".

 

سالم يعزو انتشار المرض بين أوساط الشعب اليمني، وخصوصاً في عدن، إلى عدم وجود التوعية الكافية بأضرار الرمد، وبضرورة ابتعاد الشخص المصاب من ملامسة الآخرين والاحتكاك بهم.

 

الحاجة إلى اهتمام وانتباه

أما عن تعامل الطب اليمني مع مريض الرمد، فقد أوضح سالم أنه ذهب إلى أحد المشافي فوجد عشرات المصابين معاً في صالات الانتظار، لافتاً إلى أن المشفى لم يكلف نفسه تخصيص صالة انتظار لمصابي الرمد كي لا ينقلوا العدوى إلى الآخرين.

 

والرمد عدوى بكتيرية معدية تنتقل عن طريق ملامسة الشخص المصاب وتؤثر على العينين، وتصيب الأطفال والكبار على حد سواء.

 

 

وسجلت المستشفيات الحكومية والخاصة في عدن ارتفاعاً في أعداد المصابين بالرمد خلال الأيام الماضية، وتبيّن أن أغلب الحالات المسجلة هي من شريحة الأطفال الذين قُدّمت إليهم العلاجات والنصائح اللازمة للقضاء على العدوى.

 

وتقول الدكتورة رندا سعيد محمد، اختصاصية طب وجراحة العيون لدى دائرة الخدمات الطبية للقوات المسلحة الجنوبية: "لوحظ تفشي مرض رمد العين بعد موجة الرياح التي تعرضت لها مدينة عدن. ويعرف هذا المرض بأنه إحدى المشكلات التي تصيب العينين نتيجة تعرضها لأنواع البكتيريا أو فيروسات تصيب ملتحمة العين".

 

أعراض الرمد وعلاجه

وتصف أعراض المرض بأنه "يبدأ بالشعور بجسم غريب داخل العين، ومن ثم يصاحبه الشعور بالحكة والاحمرار الخفيف مع تورم العين وبدء تكوّن إفرازات في زاويتها الداخلية مع تفاقم الأعراض نفسها، والشعور بألم عند بعض الحالات، إضافة إلى الحساسية من الضوء والرؤية الضبابية، مع دموع كثيرة في العين المصابة وصعوبة فتحها، وخاصة أثناء الاستيقاظ من النوم".

 

وعن كيفية الوقاية من المرض وعلاجه تقول: "يمكن استخدام الكمادات الباردة للتخفيف من أعراض المرض، ويُنصح العمال والأطفال وطلاب المدارس المصابون بأعراض المرض بالتزام منازلهم ومراجعة طبيب العيون واستخدام العلاج المناسب بانتظام، وتجنب التجمعات والاختلاط والأماكن المزدحمة، كون المرض سريع الانتشار، وتجنب التعرض للرياح والأتربة، وتجنب فرك العينين".

 

وتطمئن الطبيبة رندا محمد بأن لا خطورة بالغة على النظر جراء الرمد، لكنه يأخذ وقته من أسبوع إلى عشرة أيام وينتهي بالالتزام بالوقاية وتعليمات اختصاصي العيون.

 

وبحسب تقرير صادر عن الإدارة العامة للترصد الوبائي ومكافحة الأمراض والأوبئة في وزارة الصحة والسكان، فإن الرمد عبارة عن التهاب يصيب الغشاء الذي يغطي بياض العين ويغلف الجفون من الداخل، وعند التهاب هذا الغشاء يحدث اتساع في الأوعية الدموية فيه، وتمتلئ بالدماء كوسيلة دفاعية فتصير العين حمراء، وقد يختلف الأمر بين الأفراد تبعاً لقوة جهازهم المناعي.

 

 

ويشخص مرض التهاب ملتحمة العين بالفحص الروتيني للعين عند الطبيب. وعموماً فإن مرض التهاب الملتحمة يستلزم رعاية طبية خاصة. وبالنسبة للنوع الفيروسي فيتم شفاؤه ذاتياً بعد فترة معينة تراوح بين خمسة إلى عشرة أيام، وقد تستمر لفترة أطول إذا حدثت مضاعفات جانبية وامتد الفيروس إلى أجزاء أخرى من العين.

 

 

المدارس مفتوحة... وفِرقٌ للتوعية

وعلى رغم ازدياد انتشار حالات الإصابة بالرمد، إلا أن رياض الأطفال في المدارس الخاصة في عدن لا تزال مفتوحة، ما أطلق تحذيرات من انتشار العدوى أكثر خلال الأيام المقبلة بشكل أوسع.

 

وأكد الدكتور أدهم محمد عوض، المدير العام لمكافحة الأمراض والترصد الوبائي في وزارة الصحة والسكان في اليمن، أن عدد المصابين في عدن وحدها بلغ 2850 حالة خلال الشهر المنصرم، فيما بدأ المرض بالانتشار في المحافظات المجاورة حيث وصل مجمل الحالات المصابة إلى 5480.

 

 

وقال في حديث لـ"النهار العربي": "تم إشعار جميع منسقي الترصد وفرق الاستجابة والترصد المجتمعي في المحافظات بأهمية رصد حالات الرمد".

وأضاف: "نزلت بعض الفرق في المحافظات استجابة لبلاغات مجتمعية عن وجود حالات في سوق العامر بالتواهي، وتم الكشف عن 20 حالة في بعض المدارس، منها الفالح والتجديد، إضافة إلى أكثر من 80 حالة في مناطق مختلفة".

 

ولفت إلى أن الفرق انتشرت "بناءً على بلاغات بوجود المرض في مدارس ومعسكرات وأسواق في عدن، ومن أجل رصده والتثقيف بضرورة ابتعاد المصابين من الأماكن المزدحمة".

 

وختم: "تم إجراء تثقيف صحي للمناطق والمؤسسات التي زارتها فرق الاستجابة، بهدف التوعية عن كيفية الوقاية من المرض، كما تم التواصل مع مدراء الصحة المدرسية لإعداد الإرشادات الخاصة بالطلاب في المدارس".