قالت مجلة أمريكية إن نهج واشنطن تجاه جماعة الحوثي هو تجسيد للإهمال الاستراتيجي، فيما الحملة العسكرية التي تقودها واشنطن لتأمين الملاحة في البحر الأحمر لا تزال غير ناجحة.
وذكرت مجلة "ريسبونسبل ستيت كرافت" في تقرير أعده الباحثان جوناثان هوفمان وبنجامين جيلتنر أن "استراتيجية واشنطن لن تنجح وهي مكلفة للغاية، وتعرض حياة أفراد الخدمة الأميركيين المتمركزين في المنطقة لحماية السفن الأجنبية في المقام الأول للخطر، وتخاطر بزعزعة استقرار اليمن والمنطقة الأوسع نطاقا".
وقالت "علاوة على ذلك، ورغم أن الحوثيين يحتفظون بحوافزهم الفريدة، فإن رفض واشنطن الاعتراف بحرب إسرائيل في غزة باعتبارها المحفز الأصلي لهجمات الحوثيين يمنع أي أمل في وقف هذه الهجمات في البحر الأحمر".
وبحسب التقرير، فإن القوات الأمريكية تلعب لعبة "ضرب الخلد" في البحر الأحمر بينما تتجاهل إدارة بايدن معالجة أصول الصراع.
وحث التقرير واشنطن أن تنهي على الفور نشاطها العسكري ضد الحوثيين، وأن تضغط على الدول الأوروبية والآسيوية لتولي دور أكثر استباقية في حماية سفن الشحن الخاصة بها، وأن تتوقف عن دعم حرب إسرائيل في غزة على أمل تهدئة التوترات المتصاعدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن هناك ثلاث مشاكل رئيسية في استراتيجية واشنطن الحالية تجاه الحوثيين: أولا، إنها خالية من الأهداف السياسية الملموسة والقابلة للتحقيق في حين تثقل كاهل دافعي الضرائب الأميركيين بتكاليف باهظة.
وأضاف "فمنذ نوفمبر 2023 نفذ الحوثيون ما يقرب من 200 هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ استهدفت السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر، وأغرقوا سفينتين وقتلوا ثلاثة بحارة على الأقل. في المقابل لجأت الولايات المتحدة إلى أسلوبها المعتاد في الشرق الأوسط -القوة العسكرية- بقيادة عملية حارس الرخاء في ديسمبر 2023، وعملية بوسيدون آرتشر في يناير 2024م".
وطبقا للمجلة، فإن حتى الآن أنفقت واشنطن أكثر من مليار دولار على الذخائر لضرب الحوثيين واعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار القادمة.
وقالت "مع ذلك فشلت هذه الجهود في ردع الحوثيين، ومن غير المرجح أن تنجح"، مشيرة إلى أن أغلب الهجمات التي نفذها الحوثيون وقعت بعد أن بدأت الولايات المتحدة وشركاؤها حملتها الانتقامية، وهو ما يُظهِر بوضوح أن الجهود الأميركية فشلت في ردع المزيد من العنف.
وأردفت "من غير المرجح أيضاً أن تعمل الولايات المتحدة على تدهور قدرات الحوثيين إلى الحد الذي يجعلهم غير قادرين على مهاجمة السفن العابرة للبحر الأحمر، فبعد ما يقرب من عشر سنوات من القتال ضد القوات التي تقودها السعودية -بدعم من الولايات المتحدة- أثبتوا براعتهم في أسلوب "إطلاق النار والهروب" في القتال، وأسلحتهم رخيصة وسهلة الحركة ومتناثرة في مختلف أنحاء اليمن".
وما يثير السخرية -حسب المجلة- هو أن المسؤولين الأميركيين يدركون الفجوة بين هذه الحملة العسكرية وأهدافها السياسية الظاهرية.
تضيف المجلة الأمريكية "على الرغم من أن هجمات الحوثيين عطلت الشحن العالمي وحرية الملاحة عبر البحر الأحمر، فإن المشاركة العسكرية المتبادلة من جانب أمريكا لم تحل هذه القضية".
واستدركت "استخدم الحوثيون عواقب هجمات حماس في 7 أكتوبر لتحدي إسرائيل والولايات المتحدة وسط صرخة دولية متزايدة بشأن الحرب في غزة. لقد سمح هذا للحوثيين بتعزيز صورتهم كوجه للدولة اليمنية، وفي الوقت نفسه صرف الانتقادات بعيدًا عن حكمهم الاستبدادي".
وأوضحت أنه الآن، وصلت المناقشات التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء هذا الصراع الكارثي إلى طريق مسدود، حيث أعاقتها التبادلات العسكرية الجارية بين الولايات المتحدة والحوثيين.
وأشارت إلى أن استمرار العمل العسكري الأمريكي ضد الحوثيين يهدد بتعريض الهدنة الضمنية الهشة بين المملكة العربية السعودية والحوثيين للخطر، ويهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن.
ولفتت إلى أن الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين يهدد بتفاقم التوترات الإقليمية المتزايدة، ودفع الشرق الأوسط نحو حرب على مستوى المنطقة.