عبث ممنهج، تمارسه مليشيات الحوثي بحق الرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولي وذلك إثر مخالفتها قوانين الطيران المدني وتعريض المسافرين للمخاطر.
ومنذ قرصنتها 4 طائرات للخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء في يونيو/حزيران وتفجيرها أزمة عميقة كادت تعرض الناقل الوطني الوحيد للإفلاس قبل تدخل الأمم المتحدة في رعاية اتفاق اقتصادي في 22 يوليو/تموز الماضي، والسماح لها بإدارة وتسيير رحلات تجارية بعدد “3 رحلات أو حسب الحاجة للهند والقاهرة".
لكن مليشيات الحوثي رغم الموافقة على هذا الاتفاق، عادت لمحاولة الالتفاف على مضامينه من خلال خطوات ومخالفات أبرزها "تغيير أرقام الرحلات وتكرارها وعدم الالتزام بمواعيد الإقلاع وعدم تمييز وتحديد الطائرات، وتجاهل الأذن المسبق أو حتى التنسيق مع مطار الوصول"، وفقا مصدر ملاحي ومعلومات رصدتها "العين الإخبارية". آخر الحوادث وكان آخر هذه الخطوات والمخالفات الحوثية الممنهجة، يوم الخميس، عودة رحلة من الأجواء كانت متجهة إلى العاصمة الأردنية عمان بعد محاولة قيادات المليشيات تسييرها دون استكمال الإجراءات والقوانين المعمول بها.
وعند مراجعة أدوات مفتوحة المصدر متخصصة بتتبع الطيران، تبين مجددا أن مليشيات الحوثي تواصل تكرار وتغير أرقام الرحلات بما فيها رحلة اليوم التي تظهر أنها تحمل رقم"IY650" فيما جدولتها المليشيات تحت رقم "IY646”، بحسب ما نشرته.
كما تظهر الأدوات أن الطائرة كانت من طراز "A320” التي تضم 180 مقعد، وغيرتها مليشيات الحوثي إلى "A330” التي تستوعب 405 راكبا في التصميم ذي الدرجة الواحدة أو 253 في النموذج ذي الثلاث درجات.
وهو ما أكده مصدر ملاحي لـ"العين الإخبارية"، أن "طائرة إيرباص 330 ذات السعة المقعدية الكبيرة لم تخضع للصيانة بما في ذلك محركها وكانت تعرض المسافرين لمخاطر كبيرة، وتعد هي أول طائرة اختطفها الحوثيون قبل أكثر من شهر من اختطاف 3 طائرات أخرى من فئة A320 في مطار صنعاء عند هبوطها لنقل الحجاج ".
وتشير قواعد سلامة الطيران المدني إلى أن هذه الفئة من الطائرات الكبيرة تكون غالبا "مرتفعة المخاطر" وتخضع "للوائح تنظيمية أكثر صرامة" ويتعين تمييزها مسبقا، وهو ما تتجاهله مليشيات الحوثي عمدا.
وأقرت مليشيات الحوثي على لسان ما يسمى مدير مطار صنعاء خالد الشائف أن جماعته غيرت بالفعل "طراز الطائرة من "إير باص 320" إلى "إير باص 330” التي لم تخض للصيانة، وزعم أنه "إجراء داخلي" وأنها كانت تقل 274 راكب وأقلعت عند الساعة الـ6 صباحا.
وزعم الشائف خلال حديثه لفضائية الحوثيين "تلقي الطائرة بلاغ من مركز الملاحة في جدة، حيث يقع مركز التنسيق والأذن المسبق، بالعودة إلى مطار صنعاء لمخالفة الرحلة القوانين المعمول بها".
وكشف القيادي الحوثي هدف جماعته ضمنيا من هذا العبث بأنها تسعى "لتشغيل أي طائرة وبحرية تامة"، في التفاف على ثان بند من الاتفاق الاقتصادي الأممي والذي ينص على "استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا" بالإضافة "لتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة".
ليست الأولى.. أهداف خفية وليس هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، إذ سبق وأُعيدت رحلات أخرى من الأجواء بسبب تسييرها من قبل مليشيات الحوثي دون استكمال إجراءات الإذن المسبق، أو الإقلاع قبل الموعد والتوقيت المحدد.
وفي حادثة أخرى، أقلعت قبل أيام، طائرة من مطار صنعاء إلى عمان الأردن دون حقائب المسافرين، ما أحدث ضجة كبيرة، وبررها الحوثيون بتجاوز "الوزن"، لكن مراقبون اعتبروا الحادثة "دليل إضافي على عشوائية هذه المليشيات وعدم اتباع أي إجراءات منظمة للرحلات".
كما أثارت مليشيات الحوثي في 26 يوليو/تموز الماضي ضجة كبيرة بسبب ما أسمته وسائل إعلام يمنية وناشطون "رحلة سرية" وذلك بعد رصد هبوط للمرة الأولى لطائرة يمنية في مطار رفيق الحريري في العاصمة اللبنانية بيروت، وأُثيرت شكوك كثيرة حول ما نقلته.
آنذاك، تعمدت مليشيات الحوثي أن تقلع الطائرة قبل موعدها المحدد بساعتين من مطار صنعاء وعند وصولها إلى مطار الملكة علياء في الأردن ومخالفة وقت الهبوط وجهت إلى مطارات بديلة بحسب النظام المعتاد واتجهت الطائرة على نحو مفاجئ إلى بيروت.
وأكدت مصادر خاصة ، أن "الرحلة كانت تقل 16 راكباً فقط عند إقلاعها من مطار صنعاء إلى الأردن وتحول مسارها إلى بيروت، كما عادت اليوم التالي إلى صنعاء وهي تقل 20 راكبا فقط”.
كما أجرت مليشيات الحوثي "خلال يوليو/تموز رحلات بين صنعاء والأردن قلت مسافرين محدودين لأول مرة، ولم يتجاوز عددهم الـ 70 راكبا خلال الذهاب أو أقل من ذلك بكثير (من 30 إلى 50 راكب) خلال الإياب والعودة".
ووفقا لمصادر فإن هذا العدد من الركاب "لا يؤمن النفقات التشغيلية لرحلات الطائرات المختطفة" وأن هناك "أهداف خفية وسرية خلفها بما في ذلك الرحلة الى بيروت" التي أثارت الجدل وسط ترجيحات بنقل خبراء.
وجرى استئناف الرحلات من مطار صنعاء رسميا في مايو/أيار 2022 للمرة الأولى منذ 6 أعوام وذلك بموجب الهدنة الأممية، إذ كانت الرحلات تدار بانتظام من عدن حتى حدوث أزمة "اختطاف الطائرات" لحظة نقلها للحجاج العائدين ومحاولة المليشيات تسيير رحلات دون ضوابط.