تعاني مديرية الأزارق في محافظة الضالع من أمراض خطيرة نتيجة تدفق السيول الجارفة لمياه الصرف الصحي القادمة من محافظة إب اليمنية، حيث تتعمد مليشيات الحوثي الإرهابية في حربها على الجنوب كل أنواع كل أنواع الأسلحة ومن ضمنها تخزين مياه الصرف الصحي في حاجز كبيرة طوال العام ، وعند امتلاءه ، تقوم بإطلاق المياه لتصب في مديرية الأزارق والمسيمير الحدودية، مما يسفر عن انتشار الأوبئة والأمراض بين الأهالي ومنتسبي القوات الجنوبية المرابطين في تلك المناطق.
لم تترك مليشيات الحوثي وسيلة إجرامية إلا واستخدمتها لاستهداف المواطنين، إذ تتعرض الأحياء السكنية والقرى الحدودية للقذائف العشوائية التي يطلقها الحوثيون عندما تتعثر محاولاتهم أمام القوات المسلحة الجنوبية، وفي ظل عجزهم عن اختراق الجبهات الحدودية ، لجأت هذه المليشيات إلى إطلاق الأحواض الممتلئة بمياه الصرف الصحي نحو مديرية الأزارق، الأمر الذي يتسبب في تهديد حياة السكان من خلال تلوث الهواء ومياه الشرب، فضلاً عن تأثيره السلبي على الزراعة وانتشار الأمراض والأوبئة.
وأفادت مصادر محلية عن وفاة حالات بسبب تلك الأمراض وإصابة حالات عديدة من الأطفال وكبار السن، مما يزيد من الضغط على المركز الصحي الذي لا يستوعب عدد القادمين اليه.
احتياجات ماسه:
يشير الدكتور منصور عايض، مدير المركز الصحي في منطقة الغيل، إلى انتشار عدة أمراض في مناطق الغيل، منها الكوليرا، والإسهالات المائية، والحميات بأنواعها، والبلهارسيا وسوء التغذية. ويرجع عايض أسباب ذه الأمراض إلى انتشار تلوث المياه نتيجة السيول الملوثة بمياه الصرف الصحي ومخلفات القمامة القادمة من محافظة إب اليمنية.
على الرغم من الدعم المتاح من منظمة إنقاذ الدولية ومكتب الصحة والسكان بالمحافظة، يؤكد عايض أن هناك حاجة ماسة لتوفير المزيد من الأدوية لتلبية احتياجات المجتمع ومعالجة جميع الأمراض, بالإضافة إلى ذلك، يحتاج المركز إلى توسيع المبنى، وإجراء الترميمات اللازمة، وتوفير المعدات الطبية والأثاث بحيث أن المركز لا يستوعب عدد المرضى القادمين إليه.
موضحاً أن مناطق الغيل بحاجة ملحة لتوفير مياه شرب نقية من خلال تنفيذ مشاريع مياه محمية من السيول خاصة تلك السيول القادمة من محافظة إب المحملة بمياه الصرف الصحي والقمامة ويعتبر تحسين مياه الشرب في المنطقة خطوة أساسية للحد من انتشار الأوبئة، حيث أن المياه الحالية تُستمد من آبار مفتوحة معرضة للتلوث بسبب السيول، ولا توجد لدى الأهالي آبار محكمة، مما يُسهم في تفشي الأمراض.
فيما أشار الدكتور جمال المحرابي إلى معاناة أهالي غيل الأحمدي في مديرية الأزارق، الذين يتعرضون سنويًا خلال موسم الأمطار لتدفق السيول الملوثة بمياه المجاري والصرف الصحي من محافظة إب اليمنية حيث يصل أول سيل إلى المنطقة بلون أسود ورائحة كريهة، نتيجة فتح مجاري الصرف الصحي في إب التي تصب مباشرة في السيلة وتتراكم مخلفات هذه المجاري، وتنقلها السيول إلى المناطق الجنوبية، كمحافظة الضالع حجر مرورا بالازارق ثم المسيمير لحج مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الأهالي حيث تنتشر الأمراض والأوبئة القاتلة نتيجة تلوث مياه الشرب، التي تقع آبارها على مشارف مجرى السيول، ويتسرب مياه المجاري إلى هذه الآبار السطحية، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض مثل الإسهالات الحادة والبلهارسيا والكوليرا وغيرها من الأمراض الخطيرة نتيجة تدفق مياه الصرف الصحي في الوادي.
الحوثي وسلاح المجاري:
أوضح القاضي عماد القطوي أن مليشيات الحوثي الإرهابية تقوم بإطلاق مياه الصرف الصحي ومخلفات القمامة بشكل متعمد نحو مديرية الأزارق مما يتسبب في أضرار جسيمة للسكان مشيراً إلى أن هذه الممارسات تؤدي إلى تلوث مصادر المياه وانتشار الأمراض مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعيشون أصلاً في ظروف معيشية صعبة. كما أكد أن هذه الأفعال تعتبر جزءًا من استراتيجية الحوثيين لإلحاق الأذى بالمناطق التي لا تخضع لسيطرتهم، حيث يستخدمون التلوث البيئي كسلاح لإضعاف الأهالي الذين يشكلون عقبة أمام تقدمهم.
وفي ذات السياق أفاد المهندس بكر المحرابي بأن السيول الجارفة القادمة من محافظة إب اليمنية المحملة بمياه الصرف الصحي ومخلفات القمامة التي تطلقها مليشيا الحوثي الإرهابية عمداً لتؤثر بشكل كبير على القطاع الزراعي في المناطق الجنوبية حيث تتدفق هذه السيول المحملة بمجاري مياه الصرف الصحي إلى مناطق الغيل وتورصة وبعض المديريات المجاورة مما يؤدي إلى تلوث التربة والمياه وهذا التلوث يؤثر سلبًا على خصوبة التربة مما ينعكس سلبًا على المحاصيل المزروعة.
وأضاف المحرابي أن المحاصيل المزروعة في تربة ملوثة تصبح غير صالحة للاستهلاك البشري أو الحيواني مما ينذر بكارثة صحية للناس مضيفاً تتسبب ذلك السيول في انتشار الأمراض النباتية ولعلاج هذه الأمراض يتطلب الأمر مزيدًا من استخدام المبيدات الحشرية والكيماويات وهو ما ينعكس أيضًا سلبًا على صحة البيئة وسلامة المزارعين.
وقال الصحفي عبد الكريم الجزري إن مليشيا الحوثي تستخدم في حربها على الجنوب أساليب خبيثة تهدف إلى إلحاق أضرار جسيمة بالجنوب وشعبه سواء كان ذلك بالقصف العشوائي على منازل المواطنين في المناطق الحدودية بغية ترويع المواطنين وإلحاق الضرر بالبنية التحتية سواء في البيوت أو المدارس وغيرها. وأشار الجزري إلى أن إطلاق مياه مجاري الصرف الصحي باتجاه مناطق الجنوب يدل على عجز مليشيا الحوثي في المواجهة المباشرة مع القوات المسلحة الجنوبية المرابطة في حدود الجنوب عامة والازارق والمسيمير خاصة مما جعلهم يلجأون إلى استخدام أساليب أخرى بهدف الإضرار بالمواطنين والمقاتلين المرابطين في تلك المناطق. موضحاً أن الحوثي لم يستطع التقدم باتجاه الجنوب رغم امتلاكه مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وبكل ترسانته العسكرية التي سيطر عليها في عام 2015 حيث امتلك كل أسلحة الدولة بعد إسقاط جميع مناطق الشمال بيده ومع ذلك لن يستطيع العودة إلى الجنوب باستخدام سلاحه الفتاك المتمثل في مياه الصرف الصحي.
وفي تصريح لمدير مكتب الصحة في مديرية الأزارق د. محمد صالح المقرعي اكد تفشي حالات الكوليرا والإسهالات المائية في المديرية مشيراً إلى أنه قد تم التنسيق مع مكتب الصحة بالمحافظة والسلطة المحلية لفتح محجرين صحيين لاستقبال حالات الكوليرا في المديرية الأول في ذجلال والثاني في منطقة تورصة حيث بدأ العمل طوعياً بإمكانيات بسيطة قبل أن تتدخل بعض المنظمات لدعم هذه المحاجر.
إحصائيات
أوضح المقرعي أن الكوليرا تنتشر حالياً بشكل كبير في منطقة بلاد الأحمدي من أقصى شان إلى اعمور وحورة غنية وتورصة وغيرها من المناطق المجاورة حيث تم تسجيل حوالي 2490 حالة مشتبه بها منذ أبريل من هذا العام، منها 224 حالة إيجابية بالفحص السريع و7 حالات مؤكدة مخبرياً. كما تم الإبلاغ عن وفاة طفلة في حورة غنية وإصابة جميع أفراد أسرتها المخالطين الذين تم نقلهم إلى محجر تورصة لتلقي العلاج. كما تم تنفيذ جلسات توعية من قبل المنظمات العاملة حول كيفية الوقاية من الكوليرا وتوزيع سلات نظافة للمصابين والمخالطين.
فيما أشار المقرعي إلى أن المشكلات الرئيسية هي تدفق مياه المجاري في وادي تبن وقلة الوعي بخطورة المرض وصعوبة الوصول إلى المرافق الصحية في القرى داعياً جميع الأهالي إلى عدم الاستهتار بمرض الكوليرا وتجنب الاختلاط بالمصابين وغسل اليدين جيداً بالماء والصابون قبل وبعد الأكل وشرب المياه النظيفة والمغلية كما طالب بحل مشكلة مياه الصرف الصحي في المديرية وتفعيل جهود التوعية من خلال خطباء المساجد والمنظمات الدولية بزيادة الدعم والتدخل بشكل أكبر من خلال توفير الادوية والمستلمزمات الوقائية وكذلك مواد النظافة وغيرها داعياً منظمة اليونيسف لتفعيل فرق الاستجابة السريعة الطارئة في مناطق انتشار الوباء
وفي ختام هذا التقرير ناشد أهالي مديرية الأزارق الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان للتدخل الفوري لوقف الأعمال الإجرامية التي ترتكبها المليشيا الحوثية بحق المواطنين، واتخاذ تدابير عاجلة للحد من انتشار الأوبئة والأمراض التي تهدد حياتهم ومزارعهم.