خبير مصرفي يتحدث عن إغلاق الحسابات المصرفية الحكومية لدى البنوك التجارية وشركات الصرافة

محليات
قبل شهر 1 I الأخبار I محليات

تحدَّث الخبير المصرفي والمالي ورئيس مركز المستشارين المالي معاذ عبدالواحد الصبري حول مدى نجاح خطوة إغلاق الحسابات الجارية للجهات الحكومية في التصدي للفساد.

 

وقال الصبري "سأستعرض قرار الحكومة القاضي بإغلاق جميع الحسابات الجارية الحكومية في البنوك التجارية وشركات الصرافة من جوانب عدة، علمًا بأن القرار يُعد خطوة تهدف إلى توحيد الإيرادات الحكومية وتعزيز الرقابة على المال العام ومحاربة الفساد"، مضيفًا بقوله "إلا أن هذا القرار أثار جدلاً واسعًا حول مدى فعاليته في تحقيق الأهداف المنشودة، خاصة في ظل غياب آليات محاسبة واضحة للمخالفين".

 

وتحليلاً للقرار أشار الخبير المالي إلى أن من الناحية النظرية يمثل إغلاق الحسابات الحكومية في البنوك الخاصة خطوة إيجابية نحو تعزيز الشفافية والرقابة على الأموال العامة، لافتًا إلى أن بالتركيز على هذه الحسابات ووضعها في جهة واحدة، سيمكن المراقبين من تتبع الحركات المالية بشكل أدق والكشف عن أي تحويلات مشبوهة.

 

وأكد معاذ الصبري في حديث لـ صحيفة "الايام" العدنية أن هذه الخطوة قد تساهم في تقليل فرص الهدر والفساد، حيث يصعب على المسؤولين اختلاس الأموال أو تحويلها إلى حسابات شخصية عندما تكون جميع المعاملات المالية تتم تحت رقابة مركزية.

 

وفيما يخص أهداف هذا القرار بحسب الحكومة، قال الخبير المصرفي "إن التوجيه بإغلاق الحسابات المصرفية الخاصة للجهات الرسمية يفضي إلى تعزيز الرقابة من خلال تجميع جميع حسابات الجهات الحكومية في مكان واحد، مما سيؤدي إلى تسهيل عمل الجهات الرقابية لمتابعة الحركة المالية وتحديد أي انحرافات، بالإضافة إلى تقليل فرص ارتكاب جرائم الفساد مثل اختلاس الأموال العامة وتحويلها إلى حسابات شخصية، وكذا سيساهم القرار في توحيد الإجراءات المالية وتسهيل عملية التخطيط والموازنة، ومن نتائجه الإيجابية كذلك حصر جميع الإيرادات الحكومية في حساب واحد بالبنك المركزي والذي سيمكن الحكومة من الحصول على صورة واضحة عن حجم الإيرادات والمصروفات مما سيساهم في تحسين عملية التخطيط المالي.

 

ولفت المتخصص في الشؤون المالية إلى أن هذا الإجراء سيشارك في زيادة الشفافية أثناء التعاملات المالية الحكومية، وسيعمل على التقليل من فرص الفساد والمحسوبية، موضحًا أن توقيف الحسابات الحكومية المتعددة في المصارف سيساعد الحكومة على تقليل التكاليف الإدارية المرتبطة بإدارة هذه الحسابات، لكن رئيس مركز المستشارين المالي استدرك قائلاً "إن على الرغم من الأهداف النبيلة لهذا القرار، إلا أنه يواجه عددًا من التحديات والمخاوف، منها مخاطر المضاربة والتهريب وهي أكثر ما تثير قلق الحكومة والمتمثل باحتمالية قيام بعض المسؤولين الحكوميين بمضاربة الأموال التي تم سحبها من البنوك التجارية على العملة الأجنبية، ومن ثم تهريبها إلى الخارج عبر الصرافين، وهذه المخاوف ليست مجرد تخمينات، بل هي مبنية على واقع ملموس، حيث شهدنا في الماضي العديد من حالات تهريب الأموال وارتكاب جرائم فساد"،

 

مردفًا أن عدم محاسبة المخالفين الذين لم يقوموا بتوريد المبالغ المطلوبة، يُشجِّع على الاستمرار في هذه الممارسات، حيث يمكن للمخالفين الاستفادة من هذه الأموال في المضاربة على العملة الأجنبية ومن ثم تهريبها إلى الخارج.

 

وشدد الخبير المالي على وجوب أن تكون الحكومة جادة في مكافحة الفساد، وأن تتخذ إجراءات حاسمة ضد كل من يثبت تورطه في أي مخالفة مالية، مؤكدًا أنه إذا تم تطبيق القانون على الجميع فإن هذا القرار سيكون خطوة مهمة نحو بناء اقتصاد قوي وعادل.

 

وفي ذات السياق وضع رئيس مركز المستشارين بعض مقترحات للوصول إلى النتائج المرجوة، حيث قال "قرار إغلاق حسابات الجهات الحكومية في البنوك التجارية هو قرار مهم ولكن يجب أن يكون مصحوبًا بإجراءات أخرى لضمان نجاحه وأولها تطبيق القانون على جميع المخالفين، بغض النظر عن موقعهم أو نفوذهم، ثم تطوير الأنظمة الرقابية لضمان شفافية الحركة المالية وكشف أي محاولات للفساد، والأبرز من تلك المقترحات مكافحة الفساد من خلال تطبيق القانون على جميع المخالفين، مهما كان موقعهم، وتوعية المواطنين بأهمية مكافحة الفساد ودورهم في الإبلاغ عن أي مخالفات".

 

وبيّن معاذ عبدالواحد الصبري أن تعزيز الرقابة على تحويل الأموال سيعطي نتائج ملموسة من خلال تشديد الرقابة على شركات تحويل الأموال، والتأكد من أن جميع التحويلات تتم بشكل قانوني، مركزًا على تطوير نظام مصرفي متكامل يوفر الخدمات المصرفية اللازمة لجميع فئات المجتمع، مما يقلل من الحاجة إلى اللجوء إلى السوق الموازية.

 

ونوَّه المتخصص بالشؤون المصرفية على تعزيز التعاون الدولي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول، مضيفًا أن إغلاق الحسابات الحكومية في البنوك الخاصة هو خطوة أولى في طريق مكافحة الفساد، ولكنها ليست كافية وحدها، ويجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات إضافية لتعزيز الشفافية والرقابة، وأن تعمل على بناء مؤسسات قوية قادرة على مكافحة الفساد على المدى الطويل، داعيًا المجتمع المدني والمواطنين إلى لعب دوراً فاعلاً في مراقبة أداء الحكومة ومحاسبة المسؤولين.