حماة.. عقود من التهميش وتحديات أمام إعادة الإعمار

محليات
قبل 22 ساعة I الأخبار I محليات

عانت مدينة حماة على مدى خمسة عقود من تهميش ممنهج من نظام الأسد الأب والابن، أثر بشكل كبير على بنيتها التحتية وواقع خدماتها الأساسية.

وقد أدى هذا الإهمال إلى تعطل العديد من المرافق الحيوية، فيما تعرضت معالم المدينة البارزة، مثل نهر العاصي والنواعير، إلى تدهور ملحوظ، بما في ذلك تصريف مياه الصرف الصحي إلى مجرى النهر داخل المدينة.

 

ولعل هذه التحديات دفعت المسؤولين في حماة إلى إطلاق حملة "حماة تنبض من جديد" للوقوف على تلك الخدمات والبدء بإعادة الحياة إلى معالم المدينة الأثرية والسياحية.

 

وتستهدف الحملة التي انطلقت مطلع فبراير/شباط الحالي جميع جوانب الحياة الخدمية والمهنية والسياحية في المدينة، كانت البداية بإزالة رموز النظام السابق كالحواجز الاسمنتية وإعادة طلاء الأرصفة والأماكن العامة والعديد من حملات النظافة التي شارك فيها المجتمع المحلي ضمن الأحياء.

 

وفي المرحلة الثانية يتم العمل الآن على تنظيف مجرى نهر العاصي وإعادة ترميم النواعير التي تشتهر بها مدينة حماة التي سميت على اسمها (أم النواعير) بالإضافة إلى البدء بترميم عدد من المساجد الرئيسية والمدارس في المدينة.

 

تحديات إعادة التأهيل

عن هذا كشف عبد الحميد خالد، ممثل منظمة "رحمة بلا حدود" والمسؤول عن مشروع تنظيف مجرى نهر العاصي وإدارة النفايات الصلبة في حماة، في حديث لـ"العربية/الحدث.نت"، أن المشروع واجه عدة تحديات رئيسية منذ انطلاقه، أبرزها استمرار تصريف مياه الصرف الصحي إلى مجرى النهر، وغياب بنية تحتية مناسبة لجمع النفايات، إضافة إلى تهالك المعدات والآليات المستخدمة في عمليات التنظيف.

 

وأوضح خالد أن أعمال تنظيف مجرى النهر ستستمر لمدة 60 يومًا، بالتزامن مع إعادة ترميم هياكل النواعير الخشبية، التي تعد من أبرز المعالم الأثرية للمدينة.

 

كما أشار إلى بدء تنفيذ مشروع استبدال حاويات القمامة القديمة بأخرى ذكية، بهدف الحد من التلوث البيئي وتقليل انتشار الروائح والحشرات في شوارع المدينة.

مشاهد صادمة

وقد أدى قطع المياه عن نهر العاصي في إطار عملية تنظيف مجراه إلى ظهور أساسات أحد الجسور الأثرية في منطقة باب النهر، إذ بدت متهالكة ومهددة بالانهيار نتيجة تدهور ملحوظ في بنيتها.

 

في حين أن تاريخ الجسر يعود إلى الحقبة الرومانية، وفقًا لما أفاد به المهندس أنس المنجد، أحد سكان حي باب النهر القريب من الموقع.

 

وأشار المنجد إلى أن العديد من الجسور الأثرية والمعالم السياحية في المدينة لم تشهد أعمال صيانة منذ سنوات عديدة، ما جعلها عرضة للتأثيرات البيئية والجوية التي أسهمت في تآكل أساساتها بشكل كبير.

 

وأكد أن تلك الأساسات بحاجة ماسة إلى تدعيم وصيانة فورية للحفاظ على المعالم التاريخية قبل أن يصبح التدهور غير قابل للتعافي.

 

محافظ حماة يتحدث

من جانبه، أكد محافظ حماة، عبد الرحمن السهيان، في مقابلة تصريح لـ"العربية/الحدث.نت"، أن تلوث نهر العاصي يعود بشكل أساسي إلى تراكم الترسبات الناتجة عن تصريف مياه الصرف الصحي، والتي تصل في بعض المناطق إلى سماكة ثلاثة أمتار، مما أدى إلى تعكر مياهه وانتشار الروائح الكريهة والأوبئة.

 

وشدد على أن أي جهود لتنظيف النهر ستكون غير مجدية ما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية للتلوث، وفي مقدمتها تحويل مجرى الصرف الصحي إلى قنوات بديلة متاحة، بدلًا من تصريفه مباشرة في النهر.

كذلك أشار إلى أن الإهمال والاستهانة بسلامة المعالم البيئية في عهد النظام السابق كان لهما دور رئيسي في وصول النهر إلى هذا الوضع المتردي.

 

وأضاف أنهم يتلقون يوميا العديد من الاتصالات من الأهالي ورجال الأعمال المقيمين خارج سوريا من أجل تقديم المساعدة ضمن حملة حماة تنبض من جديد ما دفعهم إلى تخصيص حساب بنكي للحملة يمكن من خلاله التبرع بالأموال، إضافة إلى تخصيص رقم ساخن للتواصل مع المسؤول عن الحملة في المحافظة.

 

أزمة حادة

يذكر أنه بعد 13 عاما من الحرب الدامية، تواجه سوريا التي كانت في عزلة دولية خلال عهد الأسد العديد من التحديات، من إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإطلاق عجلة الإعمار، فضلا عن إعادة تأسيس البنى التحتية، والقوات المسلحة، وإعادة اللاجئين، والنهوض بالاقتصاد المتهالك، وغيرها الكثير.

 

كما لم يكن القطاع الطبي بعيداً عن هذه المشاكل، إذ تواجه سوريا أزمة حادة تعاني بسببها المستشفيات الحكومية من نقص شديد في المعدات الطبية الأساسية، بما فيها أجهزة التنفس الاصطناعي والمراقبة الحيوية وغيرها.