يبدو أن شرارة الخلاف الشرس الذي تفجر علناً بين ليلة وضحاها بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحليفه السابق إيلون ماسك بدأت قبل نحو أسبوع.
فقبل دقائق فقط من دخول ماسك المكتب البيضوي لحضور حفل توديعه، الأسبوع الماضي، سلّمه أحد مساعدي ترامب ملفاً خاصاً.
وضم الملف المذكور وثائق تظهر أن جاريد إسحاقمان، مرشح ترامب لإدارة ناسا المقرب من ماسك، تبرع لديمقراطيين بارزين في السنوات الأخيرة.
وداع علني ودي
رغم ذلك، وضع ترامب غضبه جانبًا واستجمع قواه في وداع علني ودي للحليف، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".
لكن بمجرد أن غادرت الكاميرات المكتب البيضوي، واجه الرئيس الأميركي مالك منصة "إكس" ماسك، وبدأ يتلو عليه بعض التبرعات بصوت عالٍ وهو يهز رأسه.
فيما حاول رئيس شركة تيسلا أن يشرح، قائلا إن إسحاقمان، رجل الأعمال الملياردير الذي كان من المقرر أن يصبح مدير ناسا القادم، جيد ويهتم بإنجاز الأمور على أكمل وجه.
كما أقر بأنه تبرع للديمقراطيين، لكنه شدد في الوقت عينه على أن الكثير من الناس فعلوا ذلك أيضًا.
بل رأى ماسك أن تعيينه قد يكون أمراً جيداً، لأنه سيظهر أن الرئيس "على استعداد لتوظيف أشخاص من جميع المشارب".
لم يقتنع
إلا أن ترامب لم يتأثر ولم يقتنع، بل أكد أن "الناس لا يتغيرون"، وفق ما أوضح 13 شخصًا على دراية مباشرة بالأحداث.
علماً أن تبرعات إسحاقمان للديمقراطيين لم تشكّل سابقا مشكلة لفريق ترامب، فقبل ترشيحه لرئاسة ناسا، اطلع الرئيس الأميركي ومستشاروه على ملف التبرعات، حسب ما أكد شخصان مطلعان.
لكن بحلول يوم الجمعة الماضي، عندما اطّلع ترامب على تفاصيل تلك التبرعات، بدا واضحا أنه غيّر رأيه.
في حين لم يُقدّم ماسك دفاعاً يُذكر عن صديقه، إذ كان قلقًا من القيام بذلك مع وجود أشخاص آخرين، بمن فيهم سيرجيو غور، مدير مكتب شؤون الموظفين الرئاسي، الذي اختلف معه بشأن مسائل أخرى تتعلق بالتوظيف.
فيما اعتقد ماسك أنه سيتمكن من التحدث إلى الرئيس في وقت ما بعد الاجتماع على انفراد، لكن الفرصة لم تتح له أبدا لعرض وجهة نظره والدفاع عن مرشحه.
صدمة ماسك
حيث فوجئ بعد ساعات من حفل الوداع بالمكتب البيضوي، بسحب ترامب ترشيح إسحاقمان، حينها صُدم ماسك من سرعة حدوث كل ذلك.
فيما شكلت تلك اللحظات مؤشرا على تصاعد التوترات بين الرجلين، والتي انفجرت على الملأ مساء الخميس، مطيحة بما كان يُعتبر أحد أكثر التحالفات غرابة في السياسة الأميركية.
إذ أكد مقربون من الرجلين أن الخلاف حول إسحاقمان أدى إلى تسريع الانفصال بينهما، بعد أن بدأت العلاقة تفقد زخمها على مدى الأشهر القليلة الماضية مع صدام ماسك بمسؤولي ترامب.
حتى انفجرت مساء الخميس وتصاعدت حدة الخلاف بينهما، إلى أن وصلت إلى مطالبة ماسك بعزل الرئيس الأميركي، وتعيين نائبه جي دي فانس مكانه.
فيما عزا ترامب هذا التصرف "المجنون" كما وصفه إلى تعاطي حليفه السابق للمخدرات. وقال لمساعديه إن سلوك ماسك مرتبط بتعاطيه للمخدرات، وفقًا لشخصين مطلعين على محادثات الرئيس الخاصة.
ترشيح فاشل
وكانت رئاسة وكالة "ناسا" أهم بالنسبة لماسك بين كل المناصب في الحكومة الفيدرالية، نظرًا لأهميتها البالغة لشركة سبيس إكس، شركته المتخصصة في الصواريخ.
لذا، كان اختيار ترامب لإسحاقمان، الذي سافر إلى الفضاء مرتين مع سبيس إكس للإشراف على الوكالة، ذا فائدة شخصية كبيرة لماسك.