تحسين الوضع الاقتصادي بين الإصلاحات المطلوبة وإشكالية عدم المبالاة الحكومية

البلد الذي يعاني من أزمات متعددة، يواجه تحديات اقتصادية كبيرة تهدد استقراره الاجتماعي والسياسي. رغم وجود حلول مقترحة لتحسين الوضع الاقتصادي، إلا أن عدم مبالاة الحكومة والقيادة السياسية يُعد عائقًا رئيسيًا يعيق أي تقدم نحو التنمية والاستقرار. فكيف يمكن للاقتصاد أن ينهض في ظل غياب الإرادة السياسية الفاعلة؟ بدون إرادة سياسية حقيقية وإصلاحات جذرية، ستظل الأزمة الاقتصادية تتفاقم، مما يزيد من معاناة الشعب ويضعف فرص تحقيق الاستقرار والتنمية. فان الخطوات الجادة باتت ضرورة ملحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. الوضع الاقتصادي: تحديات كبيرة وحلول ممكنة: اليمن يعاني من انهيار اقتصادي متعدد الأوجه، بدءًا من انخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وصولًا إلى انهيار البنية التحتية المالية والخدمية. ومع ذلك، هناك خطوات يمكن اتخاذها لتحسين الوضع، لو وجدت الإرادة السياسية والتنفيذ الفعّال. 1. تعزيز إيرادات الدولة: الشفافية والمساءلة: أحد التحديات الرئيسية هو ضعف تحصيل الإيرادات وتوريدها إلى الخزينة العامة. وعليه يلزم عمل الإجراءات التالية: -  إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الإيرادات، مع استخدام أنظمة إلكترونية متطورة، يمكن أن يقلل من الفساد ويضمن وصول الأموال إلى الخزينة العامة. ومع ذلك، يظل غياب الشفافية والمساءلة في الإدارة الحكومية عقبة كبيرة. - الاستغلال الأمثل للموارد: يجب أن تعمل الحكومة على استغلال الموارد الطبيعية بشكل أمثل لتعزيز الإيرادات الوطنية. - تبسيط النظام الضريبي وجعله أكثر عدالة وفعالية يُعد خطوة مهمة نحو زيادة الإيرادات الحكومية. استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين عملية تحصيل الضرائب سيساعد في تقليل التهرب الضريبي وضمان وصول الإيرادات إلى الخزينة العامة. 2. التحول الرقمي وإلغاء عملة فئة الألف ريال: - إلغاء العملة فئة (الألف ريال) الطبعة القديمة والجديدة ويتم الاستبدال من خلال الإيداع المباشر الى حسابات البنكية.  - تعزيز الشمول المالي من خلال التحول الرقمي يمكن أن يسهم في تقليل الفساد وتسهيل التعاملات المالية.  - إنشاء شبكة وطنية للتحويلات المالية تربط بين المؤسسات المالية سيعزز كفاءة النظام المالي, ويجعل من السهل على الجميع إدارة أموالهم ,لكن هذه الخطوات تتطلب إرادة سياسية قوية، وهي ما تفتقر إليها الحكومة حاليًا. إذا تم تنفيذ هذه الحلول بشكل فعّال، يسهم ذلك في استقرار الوضع الاقتصادي وتحسين قيمة العملة. 3. إصلاح النظام المالي استقلالية البنك المركزي: - إعادة هيكلة البنك المركزي لتعزيز استقلاليته وفعاليته في إدارة السياسة النقدية يُعد خطوة ضرورية. بالإضافة إلى ذلك، تحسين خدمات البنوك وتعزيز الشفافية ,و توفير قنوات تمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعد محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي. ومع ذلك، يظل الإصلاح المالي بعيدًا عن أولويات الحكومة. 4. تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات: تحسين بيئة الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتوفير الحوافز الضريبية يمكن أن يجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية. لكن تحقيق الاستقرار الأمني يظل شرطًا أساسيًا، وهو ما يتطلب جهودًا سياسية وأمنية جادة. 5. إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص:    -دور المجتمع المدني: يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا مهمًا في مراقبة تنفيذ الإصلاحات وضمان الشفافية والمساءلة.    - تمكين القطاع الخاص: يجب أن يكون القطاع الخاص شريكًا رئيسيًا في عملية التنمية الاقتصادية. يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير التمويل اللازم وتسهيل الوصول إلى الأسواق الدولية. عدم مبالاة الحكومة إشكالية تعيق التنمية: رغم وجود حلول مقترحة، فإن عدم مبالاة الحكومة والقيادة السياسية بالوضع الاقتصادي يُعد أحد العوامل الرئيسية التي تعيق أي تقدم. هذه الإشكالية تتجلى في عدة مظاهر: 1. غياب الشفافية والمساءلة: تُتهم الحكومة بعدم وجود آليات شفافة لإدارة الموارد العامة، مما يؤدي إلى تسرب الأموال وعدم وصولها إلى الخزينة العامة. هذا الوضع يزيد من تفاقم الفساد المالي والإداري، ويقلل من فرص تحسين الخدمات الأساسية. 2. ضعف الإرادة السياسية: رغم وجود خطط وإستراتيجيات مقترحة لتحسين الاقتصاد، إلا أن التنفيذ الفعلي يظل ضعيفًا بسبب غياب الإرادة السياسية. القيادة السياسية غالبًا ما تكون منشغلة بالصراعات الداخلية والخلافات السياسية على حساب الأولويات الاقتصادية. 3. إهمال القطاعات الإنتاجية: القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة تُهمل بشكل كبير، رغم أنها تشكل أساس الاقتصاد اليمني. عدم الاهتمام بتنمية هذه القطاعات يؤدي إلى تراجعها، مما يفاقم البطالة ويقلل من فرص تحقيق النمو الاقتصادي. 4. عدم الاستجابة للأزمات الطارئة: في ظل الأزمات الاقتصادية الطارئة، مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانهيار العملة المحلية، تظهر الحكومة عاجزة عن تقديم حلول سريعة وفعالة. هذا يزيد من معاناة المواطنين ويضعف ثقتهم في قدرة الحكومة على إدارة الأزمات. الآثار المترتبة على عدم المبالاة: 1. تفاقم الفقر والبطالة:    عدم الاهتمام بالوضع الاقتصادي يؤدي إلى تفاقم معدلات الفقر والبطالة، مما يزيد من المعاناة الاجتماعية ويخلق بيئة خصبة للاضطرابات. 2. انهيار الخدمات العامة:    - مع تراجع الإيرادات الحكومية وعدم الاهتمام بتحسين الخدمات، تزداد معاناة المواطنين في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة. 3. هروب الاستثمارات:    - عدم الاستقرار السياسي وغياب الإصلاحات الاقتصادية يجعل اليمن بيئة غير جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية. ما المطلوب؟ 1. إرادة سياسية حقيقية:    - يجب أن تتحمل القيادة السياسية مسؤوليتها الكاملة تجاه المواطنين، وأن تتبنى سياسات اقتصادية واضحة وفعالة لمعالجة التحديات. 2. تعزيز الشفافية والمساءلة:    - إنشاء هيئات مستقلة للإشراف على إدارة الموارد العامة ومحاسبة المسؤولين عن أي إهمال أو فساد. 3. إعادة بناء الثقة:    - يجب أن تعمل الحكومة على استعادة ثقة المواطنين من خلال تحسين الخدمات العامة والاستجابة الفعالة للأزمات الاقتصادية. 4. دعم القطاعات الإنتاجية:    - الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة يمكن أن يوفر فرص عمل ويعزز النمو الاقتصادي.

* نقيب المحاسبين رئيس مركز المستشارين