قبل مائة عام من يومنا هذا ، حدثت اول ثورة ضد حكم الامامة في اليمن ، انطلقت تلك الثورة من داخل مديرية حبيش في محافظة إب وحررت المديرية لمدة ستة اشهر من فلول الامامة ، وظل الثوار متمركزون داخل مديريتهم في مواجهة مع الجيش الامامي حتى انهزموا داخل المديرية الوحيدة في اليمن التي اعلنت الثورة وظلت تواجه لوحدها .
لم تتطرق كتب التأريخ لهذه الثورة كالمؤرخين المهتمين بثورة 26 سبتمبر ، ربما لأنها حدثت بوقت مبكر خلال بضع سنوات من تولي الامام يحيى الحكم وقبل مدة اقل من نصف قرن من قيام من زوال حكم الامامة عبر ثورة سبتمبر الخالدة . وانما تطرق لهذه الثورة بعض كاتبي التأريخ الامامي كالمجاهد ومطهر الذين وصفوا ثوارها بالبغاة ورصدو الزهو والافتخار بعد القضاء عليها مما يدل على ان تلك الثورة هزت عرش الامامة في صنعاء ولعل قول الشاعر الامامي الذي انشد فرحاً عند القضاءعليها من حيث قصيدته التي قال فيها. وسل عن حبيش حين زاغ عقابه فمالت عليه بالدمار صقور وطار بمن ساواه في البغي هائماً وما ضمه بعد البوار ذكور . ويقصد الشاعر هنا بزيغ عقاب حبيش الشيخ محمد عايض العقاب احد مشائخ المديرية الذي قاد تلك الثورة.
من خلال ما تطرق له المؤرخون الاماميون وما حدثنا عنه بعض الاجداد في منطقتنا التي قامت بها الثورة وان كانت معلوماتهم يسيرة كون تلك الثورة قامت بعهد اباء الاجداد او اجدادهم قبل مائة عام ، إلا اننا من خلالها نجمع معلومات كافية لتأريخ ثورة يجب ان تكون لها مكانتها التأريخية . مما يرويه الاجداد انهم سمعوا ان هناك افراد من بعض الاسر من اقاربهم الذين كانوا مشاركين بالثورة فروا لمدينة عدن بعد الهزيمة ووصلوا لهناك وغيروا القابهم وعاشوا بسرية خوفاً من الاحتلال الذي كان يقبض على كل من يقف ضد الامامة وفق اتفاق بين الانجليز والامامة . حسب احفاد احد الثوار الذي عاد للمنطقة التي فر منها جده وهو من مواليد عدن انه هناك من ابناء حبيش ولدوا في عدن وتربوا فيهم و تغيرت القابهم اثناء هروب اجدادهم لهناك ولا يعلمون شيئاً عن سبب هجرة اجدادهم لعدن ومن امثلة اولئك الاستاذ نجيب محمد سعيد احد محرري الاخبار في اذاعة عدن وهو حفيد احد رجال تلك الثورة حيث ان جده الثائر من ابناء عزلة قحزة مديرية حبيش.
تلك الثورة حدثت عام 1919 ، حيث ان ابناء حبيش وعلى رأسهم الشيخ محمد عائض العقاب ، رفضوا الاذعان لحكم الامامة ، وهجموا على عسكر الامام في مدينة ظلمة مركز المديرية وقتلوهم وشردوهم . على اثرها ارسل الامام يحيى جيشاً كبيراً من صنعاء بقيادة وزير دفاعه ووصل ذلك الجيش إلى المخادر وهناك ارسل مندوباً لمفاوضة الثوار وقائدهم بالانسحاب وطاعة الامام او الحرب ، وعند وصول المندوب رفض الثوار وقائدهم الاذعان واعطوه طلقة رصاص بندق شيكي وقالوا له قل لامامك ليس معنا سوى هذا ، عاد المندوب لقائد جيش الامامة بتلك الرصاصة التي كانت جواباً يحمل تحدي الثوار للامامة وجاهزيتهم للمواجهة ، تحرك جيش الامامة نحو حبيش وكان الثوار قد تمركزوا في جبل مشاعر وحصن خدد وهو المكان الاستراتيجي الذي يقع وسط حبيش ومن يتمركز فيه يستطيع ان يصد اي زحف قادم من الامام ومن اليمين والشمال ، بينما تمركزوا في جبل العقاب الذي يقع في غرب حبيش.
تقدم جيش الامامة نحو حبيش وهناك تفاجأ بكمين محكم نصبه الثوار في منطقة المشيرق ودارت هناك مواجهة عنيفة استند فيها الثوار لهجوم مباغت تمركز من اعالي جبل مشاعر لمساندة زملاءهم الذين يخوضون المعركة تحت الجبل بالمشيرق لتنتهي المعركة بخسارة جيش الامامة وقتل اعداد كبيرة منهم وتم دفنهم في منطقة المشيرق حيث دارت المعركة بمقبرة منفردة خصصت لاولئك القتلى تسمى مقبرة الثمين تقع بين قرية الميناء وصمع والنجر بعزلة المشيرق .
بعد تلك الهزيمة انسحب قائد الجيش الامامي للخلف وجاءه امداد من صنعاء ولكنه لم يعود للمواجهة مباشرةً عبر الطريق وموقع المعركة السابقة ، واستخدم طريقة اخرى تتمثل في محاصرة الثوار داخل حبيش من اتجاه الامام والهجوم عليها من الخلف جهة الغرب باتجاه العدين من خلال تنسيق الامامة مع بعض المشائخ في العدين كالشيخ محمد عبدالرب ومحمد عبدالوهاب الذين قاموا بشن هجوم مفاجئ على الثوار المتمركزين بجبل العقاب غرب حبيش ويطعونهم من الخلف ليتزامن مع تحرك جيش الامامة نحو الثوار الذين تمركزوا بجبل مشاعر وهناك اصبح الهجوم من الامام والخلف ليتراجع الثوار ويفروا ويتقدم جيش الإمامة لمنطقة ظلمة مركز المديرية ويسيطر عليها ثم تحرك لكل ارجاء المديرية ليداهم كل منازل الثائرين ويهدمها وينهبها ويصادر كل ممتلكاتهم .