تحقيق الاستقرار النسبي لسعر الصرف هو الهدف المرغوب للسياسات النقدية والمالية والاقتصادية لاي بلد من البلدان كونه سيؤمن مستوى من الاستقرار الاقتصادي ويوفر البيئة الاقتصادية الملاءمة لكل عوامل الانتاج المشاركة في النشاط الاقتصادي مستهلكين ومستثمرين ومنتجين ومستوردين . والاستقرار النسبي لسعر الصرف مرتبط بواقع المؤشرات الاقتصادية الكلية وبمستوى فعالية السياسات المالية والنقدية المنفذة .
في بلادنا في ظل الحرب هناك اختلالات اقتصادية عميقة في ميزان المدفوعات وفي الحساب الجاري وفي المالية العامة عندما يتعلق الامر باقتصاد الشرعية هذا اولا ثم ان غياب الاحتياطيات الخارجية للحكومة لدى البنك المركزي هو محدد هام يمكن البنك المركزي من التدخل للحفاظ على استقرار سعر الصرف كلما تطلب ذلك وهو كما نعلم في ادنى مستوى له او مفقود تماما. عدا عن عدم تكامل السياسات المالية والنقدية وهو مايبقي البنك المركزي في الواجهة وحيدا عندما يتعلق الامر بسعر الصرف او بصرف رواتب موظفي الدولة كون المركزي يتولى مهام خزينة الدولة في ظل غياب السياسات المالية والاقتصادية المؤثرة .وفي بيئة سياسية وامنية معقدة تتنازع على السلطة وخاصة في العاصمة المؤقتة عدن مع فشل حكومة المناصفة في تحقيق اهداف المسار المتفق عليه في اتفاقية الرياض. لذلك فإن الانفلات على اكثر من صعيد يبدو قدرا محتما في ظل هذه الاختلالات وخاصة عندما يتعلق الامر بسعر الصرف وهو العنوان الاقتصادي العريض الذي يعكس واقع اقتصاد الدول ووضعها الاقصادي .وتفسير ذلك ان الحكومة ايضا فشلت في حشد الموارد العامة الضريبة والجمركية مع مايتبدى ايضا من انقسامات وصراعات داخل حكومة الشرعية انعكست اثارها سلبا على الواقع الاقتصادي وفي غياب الرشادة الاقتصادية وعدم استغلال الموارد النفطية وغير النفطية الاستغلال الامثل خاصة في ظل وجود منسوب عالي جدا للفساد لا احد يستطيع ان ينكرة. في صنعاء استطاع الحوثيون تحقيق استقرارا في سعر الصرف امام الدولار في المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم بعد ان اعتمدوا الطبعة القديمة من عملة الريال واعتبروها وكانها عملة نقدية خاصة بهم لكن في المقابل عملوا على حشد الموارد الضريبة والجمركية ووصلت عوائدهم بعد فتح المنافذ الجمركية البرية الى اكثر من ترلبون ريال وهو رقم تاريخي مقابل ٣٥٠ مليار ريال هي حجم الموارد الضريبة والجمركية السنوية لحكومة الشرعية. لكنهم حققوا ذلك بسطوة امنية شديدة الوطاة وتنصلوا عن دفع رواتب موظفي الدولة. يضاف الى ذلك ان الحوثيون ورثوا مؤسسات الدولة مماسهل لهم تنفيذ اجراءاتهم وفوق ذلك فان العون الدولي بكافة اشكالة الذي قد يصل الى اكثر من مليارين دولار سنويا ياتي عبر صنعاء عدا عن تحويلات المغتربين التي تبلغ نحو مليارين ونصف سنويا تاتي ايضا عبرهم لانهم سيطروا على البنوك التجارية والاسلامية لهذا حافضوا على قيمة سعر الصرف وان كان غير حقيقي وهو ناتج عن ندرة الاوراق النقدية القديمة بالمقارنة مع حجم العملة الاجنبية المتوفرة لديهم والتي تاتي بالاضافة الى المصادر الخارجية فانها في المعظم من المحافظات التي تقع تحت سيطرة حكومة الشرعية لان معظم فروع البنوك والمؤسسات الصيرفية هي فروع للمؤسسات المالية في صنعاء وتحول العملات الاجنبية اليهم .
هل الحلول الامنية الموجه لاستقرار سعر الصرف مجدية ؟
استقرار سعر الصرف يرتبط بواقع المؤشرات الاقتصادية الحاكمة كما اوضحنا واعتمادا على واقع وطبيعة البيئة الاقتصادية والسياسية السائدة وطبيعة البنى التنظيمية و التشريعية والقانونية المتوفرة وعلى مدى ادارة المعروض النقدي الذي يتلائم مع حاجة الاقتصاد . في عدن تدخل الانتقالي عبر اعلى سلطة فيه بهدف وقف التدهور المستمر لسعر الصرف بعد ان بلغ سعر الدولار الامريكي حاجز الالف والمئة ريال لكل دولار وقد استحسن الناس هذا العمل بناء على النتائج الذي خرج به آخر اجتماع مع الصرافين والغرفة التجارية. لكن مايعيب هذا الجهد انه يتم بمعزل عن البنك المركزي وهو المؤسسة المعنية بادرة سعر الصرف من خلال سياساتة النقدية وهذا يعكس ربما طبيعة التقاطعات والا ختلافات داخل حكومة المناصفة التي ولدت ميتة .كما ان التركيز على سعر صرف الريال السعودي ربما جاء من اهميتة التبادلية والاقتصادية لكن الدولار ظل يتحرك بعد الاجراءات عكسيا وهو المتغير المستقل فيما الريال السعودية هو متغير تابع ويرتبط بالدولار عند نحو ٣.٧٥ ريال لكل دولار . لكن الى مدى يستطيع المجهود الامني وقف تدهور سعر الصرف . ان الامر مرتبط بقانون العرض والطلب وتظل الاجراءات الادارية والامنية مكملة ومحدودية الاثر واذا استمرت هي الاداة الوحيدة فقد يخلق سوق موازية اخرى ومع ذلك في ظل الانفلات نامل النجاح لهذه الجهود عدا عن الجهد الشعبي ومع ذلك تضل الاجراءات الامنية محدودة الاثر اذا تجنبت الاخذ بعين الاعتبار العوامل الاقتصادية الحاكمة.
د.يوسف سعيد احمد