افتتح عقد التسعينات من القرن الماضي بسقوط الاتحاد السوفيتي 1991م، وافتتح عقد الألفية الثانية بضرب برجي التجارة في نيويورك في سبتمبر 2001م، وافتتح عقد العشرية بالربيع العربي 2011م، واليوم يفتتح عقد العشرينات بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان 2021م.
أهمية هذه الأحداث أنها أحداث مفصلية ومفتاحية، تطوي مرحلة سابقة، وتفتح العالم أمام مرحلة جديدة من الأحداث والصراعات والتحالفات، والتي تستمر غالبا لعقد كامل.
لقد كان عقد التسعينات عقد تثبيت القطبية الواحدة وتصفية مخلفات الامبراطورية الشيوعية، ثم كان عقد الألفية عقد الحرب الأمريكية على ما يسمى بالارهاب واحتلال أفغانستان والعراق، ثم كان عقد العشرية المنصرمة عقدا عربيا بامتياز، في أحداثه وفي اهتمام العالم به، حتى أن الرئيسين الأمريكيين الذين عاصرا هذا العقد افتتحا فترتيهما الرئاسيتين بزيارة عاصمتين عربيتين، قبل أي عاصمة أخرى في العالم!.
واليوم يبرز السؤال: يا ترى ما هي معالم العقد الجديد الذي افتتح أحداثه من وسط آسيا، من هناك من أفغانستان، ذلك البلد الذي تلتقي على حدوده أربع حضارات عالمية وأربع أمم كبرى (الهندية، والصينية، والروسية، والفارسية، والتركية) إضافة إلى موقعه المؤثر مع باكستان في العالم الاسلامي، والممتد إلى البلاد العربية.
للعلم، العقل الغربي يعيش هاجس صراع الحضارات واستداعاء التاريخ، وهذا ما نقرأه في كتابات كبار الفلاسفة والمفكرين السياسيين الغربيين أمثال: فوكوياما وكيسنجر وهنتجتون، إضافة إلى أن مراكز صنع القرار الأمريكي على وجه التحديد تعطي اهتماما كبيرا لافتتاحيات العقود الزمنية والخطط العشرية، وهذا الأمر ملفت للنظر، ويستطيع المتابع الدقيق رصده من خلال تصريحات وكتابات السياسيين والمتحدثين الرسميين!
يبقى السؤال الاستشرافي المهم: ما هي معالم العقد القادم بالنسبة لبلداننا العربية، هل ستتجه الأمور نحو تصفية الأزمات الحالية التي تعصف بمنطقتنا وينتقل مركز الصراع العالمي في العقد القادم باتجاه الشرق الأقصى، أم أن بؤرة الصراع العالمي ستظل هنا حيث لا تزال أعقد قضية في التاريخ المعاصر لم تعرف طريقها إلى الحل (قضية فلسطين)، هنا في المنطقة التي تمثل قلب العالم ومخزن الطاقة ومركز المقدسات الدينية وجدار الاحتكاك المباشر والتاريخي بالعالم الغربي؟!.