شعور بالامتعاض من موقف التحالف ومن السعودية بالذات، فيما يتعلق بحرب الخدمات التي تنتهجها الشرعية بإيعاز من التحالف-او بغض طرفه عنها في احسن حال- تجاه معظم محافظات الجنوب وتجاه عدن خاصة. هكذا بدأ الاخ عيدروس الزبيدي،رئيس هيئة رئاسة المجلس االانتقالي الجنوبي،وان كان قد ظهر محافظا على رباطة جأشه المعهود بها،ومتمسكا بنبرة التحدي والاعتزاز بعلاقته بالجندية الى درجة طغت معها بهذا الخطاب على نقاط اكثر اهمية كان يفترض ان يسلط عليها الضوء كثيرا ويخفف من مفردات صادمة من قبيل الضرب بيد من حديد، مثل ان يؤكد باكثر من مكان بالخطاب على حق الناس برفض اشكال الظلم والعسف والتجويع وحقهم بالتظاهر السلمي، ويؤكد تفهم الانتقالي لاحتجاجاتهم التي لا يجب ان تخرج عن سياقها التي خرجت من أجله.
فصمت التحالف وموقفه الغريب حيال ما يجري بالجنوب من احتجاجات شعبية،وبقائه اي التحالف مكتوف الايدي مع معرفته بالجهات المتبسببة بهذا الوضع، وموقفه تجاه تقدم الحوثيين المتسارع بعدد من الجبهات المتاخمة للجنوب خلال اليومين الماضيين، وتثاقله عن الضغط على الشرعية للايفاء بتعهداتها وبالذات التعهدات المتعلقة بتوفير الخدمات وانتظام صرف المرتبات،علاوة على الرسالة الصادمة والاستفزازية التي تعمد ان يبعث بها هذا التحالف مؤخرا للانتقالي ولكل القوى والشخصيات الجنوبية المتبنية فعلا للقضية الجنوبية من خلال الإعلام السعودي وبالذات قناة العربية بفتح ملفات قديمة تنكىء ماضي الجنوب وتعيق اي تحرك سياسي لا يدور بالفلك السعودي..
... كل هذه المواقف المريبة وغيرها الصادرة عن هذا التحالف كانت كافية لدى الاخ عيدروس الزبيدي لتثير حنقه المبطن الذي لم يستطع مواراته، واغفل لأول مرة اشاداته المعهودة بدور التحالف،الى درجة ان رمى بأعلام هذا التحالف بعيدا عن طاولته.
... فهذه الاحتجاجات وضعت الرُجل وكثير من قيادات الانتقالي وقوى الحراك الجنوبي- اعني القوى الحقيقة بالحراك- في مازق حقيقي وفخ نصبته له هذه الشرعية بالتنسيق مع السفير السعودي لاغراق عدن في خضم الفوضى كنتيجة طبيعة لحجب الخدمات وإغراق السوق بالعملات المحلية بطبعات متتالية دونما غطاء نقدي، وتصاعد الاسعار، لتتكور كل هذه التحديات على شكل غضبة شعبية بوجه الانتقالي وقوى الحراك الاخرى،فالانتقالي يعلم جيدا ان هذه الجموع الشعبية الغاضبة تمتلك الف حق لتغضب وتثور من واقع معرفته للجهات التي تقف خلف هذه المعاناة بغية ان يصطدم بهذه الجموع، وبالذات معاناة قطع المرتبات والكهرباء وانهيار العملة والغلاء المريع.. . فحين نتحدث عن مأزق الانتقالي فنقصد انه وجد نفسه بين حجرتي رحى: تفهمه لمنطقية وعدالة هذه الغضبة الشعبية وبين نيران هذه الثورة وتداعياتها على السلم والامن العام وممتلكات العام والخاص، وخشيته من ان يجد نفسه فاشلا في حال خرجت الامور عن السيطرة وتعرضت ارواح الناس وممتلكاتهم لسوء، وخوفه من اي صدام مسلح مع المحتجين، لما لهذا الامر ان حدث من تداعيات خطيرة، سيما وان ثمة جهات ووسائل إعلام قد كشرت وبقوة عن انيابها تحاول استثمار هذه الاحتجاجات سياسيا واخراجها من سياقها المطلبي وعن سلميتها،والمؤشرات على الارض لا تخطأها عين.