كتب/ سيف محمد الحاضري
لانريد مجلس قيادة رئاسي صامت مثل أبو الهول، وفاغر فاه ينتظر ما الذي يُملى عليه فينطق به، مثل هذا إنما هو إفقاد الوطن سيادته واستقلاله وجعله مجرد تابعٍ لقوى تعبر في مجمل تحركاتها ومفاوضاتها سلما أو حرباً عن مصالح دولها ونحن نربأ بالمجلس وفيه من الشخصيات مايعتد بها أن يقع في هكذا خطأ تاريخي استراتيجي فادح، لذلك هو اليوم مسئول بشكل مباشر عن معرفة مايجري من مباحثات مع الحوثيين حيال السلام وما يقوم به التحالف في هذا المضمار، وأن يكون الحضور معبراً عن إرادة وطن وشعب، وأي تقاعس عن هذا الأمر هو لاشك تنازل يمس الدولة في الصميم ويجعل المجلس الرئاسي مجرد ديكور ليس أكثر، وشاهد زور على مفاوضات يجريها التحالف بمايعبر عن مصالحه، بغضّ النظر عما ينتج في هذا الجانب من خسارة في حق اليمنيين، وهو أمر ينبغي الاحتراز منه والتوجه للجماهير ومكاشفتها بالحقيقة ومايعتمل من وراء ستار، فهي الضامن الحقيقي لخط سير تصاعدي في اتجاه استرداد وطن من قوى تآمرية ماكرة، وأخرى انقلابية.
لم يعد اليوم مقبولا تكرار الخطأ والبقاء مثل (الكومبارس) مع التحالف. اليمن شريك استراتيجي لاينبغي تجاهله أو القفز عليه، وهو صمام أمان لدول المنطقة بحكم الجغرافيا، ولاتقدر هذه الدول مطلقاً - لو وجدت إرادة وطنية تنتمي للحياة - أن تتجاوزه أي قوة مهما بلغت من الهيمنة والقوة.
اليمن على الخارطة قوي بما يمتلكه من قدرات وإمكانات وعدالة القضية التي يناضل من أجلها. ضمن هذا السياق ينبغي أن يصبح مفهوماً لدى مجلس الرئاسة أن المناط به تحديد بوصلة النضال، وخوض معترك التحديات بنفسه هو وليس التحالف الذي سيجد نفسه ملزماً بالوقوف مع الشرعية الجماهيرية ومطالب شعب وتوجهات قيادته، من هنا لابد أن يكون حضور مجلس الرئاسة معبراً عن السيادة الوطنية وله القول الفصل في الحوار سلماً أو حرباً، وما على التحالف سوى مباركة الخطوات، وأي تنازل عن هذا إنما هو خيانة للوطن ودماء الشهداء والجرحى، وتعبير عن أزمة ضمير وفقدان انتماء إلى الأرض والإنسان، نقولها بصدق وصراحة فلم يعد الأمر يقبل المهادنة والخنوع والاستسلام على حساب وطن.
ونحن هنا لانطالب بفك الارتباط عن التحالف فالشراكة هنا استراتيجية وتعني أمن ومستقبل المنطقة كلها وإنما نطالب أن تأخذ اليمن موقعها الطبيعي كشريك لا تابع أعمى يتحمل الجميع مسؤولياتهم لمواجهة التحديات التي تهدد أمن ومستقبل دول المنطقة وفي مقدمتها أمن السعودية.
وفي ضمن هذا السياق مجلس الرئاسة معني بتوفير متطلبات المواجهة لحسم المعركة وتجنيد كامل الإمكانات باتجاه بوصلة واحدة وهي استرداد الوطن، والتحرر من الاستبداد، والقضاء على الانقلاب الإيراني الحوثي، وتطبيع الحياة سياسياً واقتصادياً وعلى كافة الأصعدة.
في كل الأحوال القادم يتطلب تآزر الجهود والوقوف في خندق واحد نضالاً وعملاً، وتمكين الجيش بأن يكون قادراً على الحسم، وهنا نسأل: ما الذي اشتغل عليه مجلس الرئاسة في حشده للإمكانات؟ وهل أعدّ موازنة لهذا الأمر وأخضعها للرقابة والتنفيذ.؟..
إن مؤشرات خطيرة تجعلنا ندق جرس الإنذار بأن مايجري لهو أمر بالغ الخطورة في هذا المنحى، فخصم مليار ونصف من مرتبات الجيش في مأرب لايجعلنا متفائلين، ويكشف عن مسار نرجو أن لايكون، وعن حالة تخبط ورغبة في قهر رجال الرجال وذلك مالم ولن يحدث مهما بلغ مستوى المؤامرة، ونقولها مؤامرة بصدق مالم نجد موازنة تعبر عن حشد حقيقي وإعطاء الميامين في الميدان مرتباتهم كاملة غير منقوصة، وتقديم كامل الدعم وتذليل أي صعاب تواجههم، بدون ذلك فالمخبأ قميء وسيئ.
إننا نرقب مسارات مؤلمة تنبيء بخطر، ودعونا نكون أكثر صراحة ووضوحاً. فالتحالف بقيادة السعودية والإمارات يتفرد بمباحثات السلام في غياب الشرعية، وتُدار خلف الكواليس أمور لاتفقه معناها الرئاسة، كل ذلك يتم بمعزل عن المجلس الرئاسي، فهل يتحول هذا المجلس إلى شاهد زور ومجرد حالة احتفاء للتوقيع حتى على مشنقة وطن وتلبية لمصالح التحالف؟ ذلك أمر نتركه للشرعية التي عليها أن تناضل لاسترداد القرار السيادي. مالم فإن القادم مزرٍ، واجندة الحوثي حاضرة على الطاولة وستفرض بقوة مابقي العجز عن الفعل وغاب القرار الوطني الشجاع، وترك الحبل على الغارب يتولاه من لايحسنون صنعاً ويضمرون شراً.
إننا نشير إلى هذا الأمر قبل أن يقع الفأس في الرأس، ومازال في الوقت متسع لعمل مايستحق أن يكون معبراً عن وطن وإرادة جماهير خارج أي ترتيبات تعيق اللُحمة الوطنية وتبحث عن التشذرم وتهزم الحلم الكبير في هزيمة قوى الشر.
ولعلنا نذكر هنا أن مهمة استرداد وطن تقع على كل القوى الخيّرة وفي المقدمة النخب السياسية والثقافية والاجتماعية، التي عليها أن تنتصر للإنسان ولمعركة المصير الواحد والمستقبل المنشود، وأن تعبر قولاً وعملاً عن رفضها لأي اجندة تحاول إعاقة النصر وإحداث اختلالات لصالح الحوثيين، عليها أن تقوم بواجبها بنقد مدروس لكل خطوة يقوم بها التحالف والرئاسي، وأن تتخلى هذه النخبة عن أنانيتها وسعيها لخلق خصومات جانبية لامعنى لها، وثارات تكرّس هيمنة القوى الرجعية، عليها أن تعرف مايدور خلف الكواليس من حوارات سلماً أو حرباً، وأن لاتغضّ النظر عن هذا وأن تكون في مستوى بطولتها في الدفاع عن حالة (عريس وعروسته) أو ماشابه ذلك، فيما هي تتهرب من استحقاقات تاريخية باختراعها قضايا تافهة وانحيازها إلى هذه التفاهة. نقول ذلك ونحن نواجه مؤامرات داخلية وخارجية ولاسبيل لتجاوزها إلا بالعمل في جبهة واحدة، خندق واحد، إرادة واحدة، وإن الشعب (جيش وطني لايذل).
للرئاسي نقول: الحمل ثقيل والمسؤولية عظيمة والتاريخ يفتح صفحاته لكم، لذا أحسنوا بأفعالكم كتابة تاريخكم .. واعلموا إن كان الله قد يسر لكم حكم هذه البلاد والشعب فإنه أيضاً قد أعد لكم محكمة العدل التي أنتم حتماً إليها ذاهبون.