حينها كنت طفلاً صغيرا لا أعي الكثير... غير أن دمعات أبي حاضرة في ذاكرتي!!
كان أبي رحمه الله فرحا مسروراً كغيره من الناس في قريتنا..
انطلق أبي -رحمه الله- إلى سطح منزلنا وهو يحمل سلاحه (الآلي) وإذا به يطلق العديد من الأعيرة النارية في الهواء، كل من كان حوله قام بنفس العملية حتى اني اتذكر كمية الرصاص.. كنت حينها طفلا صغيرا، سارعت لجمع قشرات الرصاص حيث كانت لها قيمة عند الاطفال.
نزل أبي من سطح المنزل مسرعا ليفتح التلفاز، نزلت بعده مسرعا، وإذا برجل فصيح يخطب على شاشات التلفاز وكان يلبس وشاحا أبيضا بحضور جمهور من الناس.. التفت إلى أبي وكان مشدودا بخطاب هذا الزعيم، وفجأة أرى دموع أبي على خديه..
همست في أذن والدتي حفظها الله لماذا يبكي أبي؟، ومن هذا الرجل الذي يخطب ودموعه تتساقط وهو يقول (إنها لُحْمَة إنها لُحْمَة)؟! قالت: هذا ياسر عرفات؛ الرئيس الفلسطيني.
قلت لها: ولماذا يبكي أبي؟ قالت أمي، بلهجة يعلوها الفرح مصحوبة بدموع الفرح: يا بني اليوم تحققت الوحدة اليمنية! كان مشهدا عجيبا مؤثرا.
خرجت إلى أزقة القرية والناس تتجمع بجوار بيتنا من أجل مشاهدة التلفاز، حيث أنه لا يوجد عدد كثير من الأجهزة، فضلا أنه لا توجد كهرباء، غير أن التلفاز يشتغل على البطارية.
تجمع الناس وكل واحد يهنئ الآخر في مشهد عجيب، لم يمح من ذاكرتي.. ذلك اليوم كان يوم الـ22 مايو 1990م، يوم اعلان الوحدة اليمنية.
تلك المشاعر لا يمكن لأحد أن ينكرها، وتلك الفرحة لا يمكن لأحد أن يتجاوزها.. ومرت الايام.. حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.. ألا قاتل الله من أفقد الوحدة ذلك الألق الجميل.
بقلم: عمرو اليونسي يافع - جنوب اليمن 22 مايو 2022