بعد حرب 2015 كنت اسكن في منطقة بير فضل بجوار مسجد الشافعي، كان هناك محل لبيع الخضار والفواكه بجوار المنزل، وكنت امر عليه بشكل يومي لشراء الاحتياجات اليومية من الخضار والفواكه، كان يعمل في المحل شخص اسمر كبير في السن عريض البنية وعمره يتجاوز 60 سنة، عمله الرئيسي تنظيف الخضار " الكراث، والبقل، والجرجير" .
كل مره ازور فيها المحل كنت اشعر ان هذا الشخص يحمل هم كبير وان خلفه حكاية كبيرة، وما يؤكد شعوري نظراته لي وكأنه يعرفني جيداً .. لم يكن بينا اي حديث غير السلام فقط .
وفي يوم من الايام وانا رايح الدوام في الصباح الباكر وعند مروري من امام محل الخضره قام هذا الرجل من مكانه واقترب من سيارتي وهو يناديني بأسمي وعلامة الفرحة مرسومة على وجهه .
استغربت اول مره يفعلها وأول مره يناديني بأسمي.
اقترب مني وقال هات العلوم؟
قلت اي علوم قال ما تعرف حوطة لحج تحرره من القاعدة وفلان قتل وفلان اعتقلوه وذكر لي اسماء قيادات في تنظيم القاعدة معروفة في لحج ! وتحدث عن عمليات دقيقة حدثت منها قصف الطيران لمواقع القاعدة وقتها ..
انا تسمرت مكاني ونزلت من السيارة اواصل معه الحديث وجلست بجواره امام محل الخضره .
طبعاً هذا كان في العام 2016 اثناء حملة تطهير عاصمة لحج الحوطة والمناطق المجاورة لها من عناصر القاعدة ..
واصلت معه الحديث قلت بالله عليك من انت يا حاج ؟
قال وهو مبتسم استطيع اقولك اليوم من انا !
قلت من ..
قال انا عميد في الأمن السياسي من مدينة الحوطة كل زملائي تم اغتيالهم من قبل القاعدة لم يراعوا كبر سنهم ولا انهم متقاعدين ولم يعد يربطهم اي شي بالدولة غير راتبهم التقاعدي، اجبرتني الظروف الى الهروب الى عدن والعمل مع صاحب الخضره لكي اعول أسرتي ..
لكن بعد هذا الانجاز سأعود الى مدينتي مرفوع الرأس وغداً باذن الله ستكون العودة ..
حدثني بحزن عميق عن رفاقه الذين تم اغتيالهم وسط شوارع وازقة الحوطة!
حدثني وهو مقهور كيف يراق دم ضباط وكوادر الجنوب في الحوطة دون ان يستطيع احد ان يتحدث مع انهم يعرفون القاتل ومنزل القاتل ..
حدثني كيف كانت القاعدة تقتنص ضباط الجنوب قبل 2015 في شوارع الحوطة رغم انهم متقاعدين ولم تنفذ عملية اغتيال واحده في ضباط الأمن المركزي وقوات النجدة وقوات الجيش التي كانت تتبع الاخوان ونظام صالح ..
اسهب في الحديث عن الرعب الذي اصاب المواطنين وعدم قدرتهم على ابلاغ الاجهزة الامنية عن المجرمين والقتلة، كون الكثير ممن تقدموا ببلاغات قتلوا على يد عناصر القاعدة وداعش .
هذه هي لحج لمن لا يعرفها قبل الحرب وبعدها !
وللقصة بقية ...