كتب/ نور جمال محمد أحمد كُرد
وماذا بعد ؛ نغفو ونستفيق ومابينهما شهيقُ رجاءٍ وزفيرُ ألمٍ وتنهيدةُ تسليم.
أجل أعلم ، كالعادة توقظك ليلًا أحلامًا تصبو إليها وتغرقك في التفكير تكاد تختنق أنْ لازالت هناك مسافاتٌ طوالٌ تقطعها لتطال يدك ذاك الحلم فتترقرق دموعُ رجاءٍ في عينيك وسرعان ماتتبخر لتصعد مع نسمات السحر نحو السماء؛ فتشع نجمة الصبح في حدقةِ عينيك أنْ انهض هيا فكلنا في انتظارك.
وعندئذٍ يشخص بصرك ويسافر ذهنك عاليًا ليعانق تلك النجمة؛ وفجأةً صوتٌ شجيٌ يقطعُ صمت ذاك السّحَر، ويحُط رحالَ سفرك الطويل، ليذكرك أنَّ كل ماتتمناه يتحققُ من هنا فهَلُمَّ هيا.
فلتُلَمْلِم شتاتَ روحك وتغسلَ حيرةَ قلبك من كل ذاك العناء، ولتُلبيَّ برضى ويقين ذاك النداء؛ وكيفَ تشعرُ الآن وقد سكنت روحك وهدأ روعك وجف دمعك المتلألأ في أفق الرجاء ؟!
وبين جناحي الفجرِ وأحضانِ الضياء تستنشق عبقًا مفعمًا بالأمل و تتنفسُ الصعداء.
وهأنتذا تستعدُ لتبدأ يومك ، لتجربَ خطوةً نحوَ الأمام أو خطوتينِ للوراء ؛
أيَّا كانَ اتجاهُ الخطوات ، فجميلٌ أنْ تخطو من الأساس ولسْتَ متسمرًا كوتدٍ في جنَّةٍ يودُ صاحبها لو يجتثهُ ويضرمهُ نارًا يستوقدُها لينيرَ حلكةَ جنتهِ ويزيلَ كل الشقاء.
أجل أعلمُ ماستخبرني ؛
ترتشفُ القهوةَ على عجلٍ وتمسكُ بهاتفك بيدين مرتجفتين وتحملُ على عاتقيكَ همومًا كالجبال، وعلى جبالِ همومكَ تلك تعانقُ العنانَ بطموحاتٍ شامخات _ فليس كل هم يُرديك قتيلًا ..بل قد يكون هو المحرك النفاث منْ يُطْلِقكَ أبعدَ مما كنت تتصور _ .
مهلًا دعني أكمل لم تقاطعني ياهذا؟
بل استرح هنا ودعني أكملُ عنك ، أعلم جيدًا ماستقوله.
وتهرول نحو حلمٍ من المفترض أنه ينتظرك كل يومٍ في نهايةِ ذاك الطريق؛ تسرعُ وتبطء وكأنكَ تريدُ التقدمَ والرجوعَ في ذاتِ الوقت،
ويتخللُ كل خطوةٍ دقائقُ تفكيرٍ لاتخاذِ القرار.
ولوهلةٍ يصمتُ ضجيج كل ذاك الشارع المكتظ وتُخرس وقعُ كل تلك الأقدام لم يعُدْ شيئًا مسموعًا؛ تلتفتُ يمنةً ويسرة ؛ وفجأة تسمعُ كل تلك الأمنيات وتبصر كل ذلك الرجاء في أعينِ الناس من حولك .
"ياإلهي لم يعد صخب السيارات حتى مسموعًا ، ما كلُ هذي الآمالُ وتلك الأحلامُ وحتى الآلآم على وجوههم ! "
أرايتْ ؟؟ أجل .. لستَ وحيدًا.
أوتظنُ أنكَ وحدك من يحلم من يخفقُ ويتعثر من يكابدُ وينهض!
أتظُنُّ أنكَ وحدكَ منْ يحملُ ألمًا وأملًا في كل صباح !
لا فأنتَ مخطئ ، لستَ وحيدا مطلقًا فكل هؤلاء يستقيظون مثلك تماما يسعون يسارعون الخطى ويحلمون أنْ ذاتَ يومٍ سيتحقق مايريدون أو على الأرجح يخفف عنهم وطأة مايشعرون.
أأدركتَ الآن ماأعني ؟!
أجل فهمتُ لستُ وحدي فالكل يتألمون ورغم الألمِ يحلمون ومع الحلمِ يكابدون ليحققون مايصبون إليه ويظل للأمل أنينًا في جوفِ الطامحين.
لكن أخبرني كيف عرفتَ كل هذا عني؟! وكأنكَ تقرأُ مايجولُ بخاطري؟!
حسنًا ، سأجيبك وأروي ظمأ سؤالك.
أنا هو أنت ، وأنت هو أنا ، وكلانا إنسان يحلم ، ويعيد المحاولة مرارًا لأجل الوصول ولسنا وحدنا فغيرنا أناسُ كُثُر يهرعون بشغفٍ نحو أحلامهم.
فإما الوصول، وإما الوصول ،وإما الوصول ، ولا خيار رابع سوى الموتُ بشرفِ المحاولة.