شعر الحوثيون بأن الاتفاق السعودي الإيراني والمبادرة السعودية العمانية وخارطة الطريق الأممية باتت تكبلهم وتقيدهم، وبالتالي ليس أمامهم من خيار إلا القبول بها.

بالمقابل الحكومة الشرعية صارت تتبنى الحل السياسي كخيار استراتيجي لها، بحسب ما نص عليه بيان مشاورات الرياض ابريل 2022م، خصوصا مع انسداد كافة الخيارات الأخرى. لذا يمكن اعتبار خارطة الطريق الأممية هي خيار الحد الممكن بالنسبة لقوى الشرعية، في مقابل السينارويهات الصعبة المتوقعة في حال إنهاء التحالف العربي مهماته في اليمن. 

لهذه الأسباب كان الترحيب بالخارطة متتابعا من جميع الأطراف -الشرعية والانقلابية- رغم أنها لا تزال إطارا عاما. لكن هناك أحداثا جديدة طرأت في المنطقة، وبدأت تؤثر بشكل متصاعد على هذا المسار.

أهم هذه الأحداث: التصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، وإعلان أمريكا عن تحالف داعم لاسرائيل باسم "حارس الازدهار" ثم الضربات الأمريكية البريطانية، وأخيرا إعادة أمريكا تصنيف الحوثيين في قوائم الإرهاب. وهنا يبرز السؤال العريض: هل ستؤدي هذه التطورات إلى صناعة سيناريو جديد بديل لخارطة الطريق الأممية؟!

في تقديري أن الرغبة الإسرائيلية باتت مكشوفة في تقويض جهود السلام في اليمن، وترى البديل إدخال اليمن ضمن استراتيجيتها المعروفة "المعركة بين الحروب" -وهي اسراتيجية ردع محدود اتبعتها مع حزب الله وتبقي الصراع مستداما وفي حدوده الدنيا. أما بالنسبة للموقف الرسمي للإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية فلا يزال يظهر الدعم للمبادرة السعودية العمانية وخارطة الطريق الأممية، لكن أولوية "أمن إسرائيل" المرتفعة في لندن وواشنطن -منذ السابع من اكتوبر- قد تؤدي إلى تغير في هذا الموقف الداعم لخارطة السلام أو قد تدفع نحو تأجيله.

لا يوجد أي سيناريو يمكن أن يؤدي إليه استمرار التصعيد في البحر الأحمر والضربات الأمريكية البريطانية على اليمن غير سيناريو استمرار الأزمة والنزاع المستدام. فمن الواضح أن هذه الضربات لا تهدف للقضاء على سلطة الحوثيين الانقلابية وكذلك لا تهدف لتمكين الحكومة المعترف بها دوليا. 

الحوثي يراهن على هذا السيناريو، لأنه يمنحه مبررا للتنصل من خارطة الطريق الأممية، ويمنحه فرصة للخروج من الاختناق الذي سببه له الاتفاق السعودي الإيراني، ولأن الضربات غير المميتة تصنع منه بطلا وطنيا وقوميا وتمنحه أفقا تفاوضيا في فضاء دولي مع الغرب -عبر إيران- ضمن ما يعرف ب"مفاوضات السلة الواحدة".

.....

يتبع

#اليمن #خارطة_الطريق #البحر_الأحمر #الحوثيين