من الحكمة في التربية أن تربي ابنك على تقبل الفشل كما تربيه على الحرص على النجاح، سواء في الدراسة أو المسابقات الرياضية أو الأمور الحياتية الأخرى. فهذا النهج التربوي يساعد على بناء الشخصية المتزنة.
فالانسان السوي هو الشخص المصطلح مع نفسه بإيجابياتها وجوانب النقص فيها، والمتقبل لظروف الحياة بسرائها وضرائها. فتراه يتعامل مع النجاحات بدون بطر، ويتعامل مع لحظات التعثر باتزان مماثل دون انهيار ويأس وقنوط (لكَي لَا تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ، وَلَا تَفۡرَحُوا۟ بِمَاۤ آتاكُمۡ)، وهذا خلق عظيم يحتاج أن يتدرب عليه الناشئة من الصغر.
على المربي -سواء كان الأب أو الأم أو المعلم- أن يعي هذه المعادلة التربوية، فكما يحرص على تشجيع المتربي على منافسة الأقران والحرص على التفوق ومنحه الجوائز التشجيعية على ذلك، عليه في نفس الوقت أن يدرب المتربي على تقبل التعثر وحالات الفشل التي تواجهه، فالمربي الحكيم هو الذي يستطيع أن يجعل من المحن منحا، وهذه قمة المهارة التربوية.
من ناحية علاقة الاقران ببعضهم، على المربي أن يعود المتربي على تقبل تفوق الآخرين وتميزهم عليه في بعض جوانب الحياة -من غير حسد- وأن يذكره بأن التمايز بين البشر أمر نسبي، فمثلا تجد بعض التلاميذ متفوقين في الذكاء العقلي والتحصيل الدراسي بينما غيرهم متفوقين في الذكاء الاجتماعي أو الذكاء العاطفي أو المهارات الحركية، وفي كل خير. وإحاطة المربي بهذه النظرة الشاملة أمر جد مهم، وعليه أن يحسن نقلها إلى أبنائه وتلاميذه، وهذا من التربية على الاستقرار الوجداني والإيماني، فالله الخالق الحكيم قد قسم المهارات بين البشر كما قسم الارزاق "وكل ميسر لما خلق له".