منذ المشاورات اليمنية اليمنية في الرياض وإعلان نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وحكومته الجديدة في ابريل 2022م، والحديث يتكرر عن السلام واستعدادات الشرعية للسلام، وفي نفس الوقت هناك تساؤلات أخرى عن استعدادات الشرعية للردع العسكري في حال تنصل الطرف الانقلابي عن التزاماته، لا سيما في حال قرر التحالف العربي إنهاء عملياته العسكرية في اليمن!
هما سؤالان عن السلام والحرب، في ظاهرهما مختلفان، لكن ليس لهما إلا إجابة واحدة، لن تخرج -في نظر أي وطني مسؤول- عن التأكيد على: وحدة مركز القرار السياسي، ووحدة السلاح، واستعادة روح الشراكة باستيعاب القوى السياسية وقوى المقاومة التي تعرضت للإقصاء والتهميش، وإنهاء حالة التشظي على المستوى الوطني عامة وعلى مستوى الساحة الجنوبية خاصة، وتوحيد الموقف من القضية الجنوبية كقضية وطنية، وتقديم عدن كنموذج للعاصمة السياسية باستقرار سلطات الدولة فيها، وفتح مقار البعثات والسفارات.
بهكذا إجراءات تستطيع الشرعية أن تذهب إلى أي مفاوضات سلام وهي بالفعل تمثل الدولة اليمنية، وكذلك تستطيع أن تتخذ خيار الردع في حال تنصل الطرف الآخر عن التزامات السلام.
بدون هكذا إجراءات فإن الوقت يمضي لغير صالح الشرعية، فالأطراف الدولية والإقليمية ذات الصلة بالأزمة اليمنية لديها أولويات أخرى في المنطقة تراها بحسب مصالحها أهم وأكثر إلحاحا من الملف اليمني، وإذا استمر وضع الشرعية ومكوناتها بهذا المستوى من الترهل والتفكك فإننا قد نجد أنفسنا أمام مفجاءات صادمة، ليس آخرها قول القائل: ويقضى الأمر حين تغيب تيم.." بل قد تكون الخاتمة أشنع من مصير "شرعية" أشرف غني في أفغانستان!
وحتى لا نصل إلى ذلك المصير علينا أن نراجع حساباتنا على المستوى السياسي والعسكري والإداري من الآن، والآن ضيق، وأن لا نكرر سيناريو المماحكات والحسابات الذاتية الصغيرة والحسابات الحزبية الضيقة التي جلبت الانقلاب وأسقطت الدولة عام 2014م، وأن ننظر إلى مصير الوطن بمسؤلية، فالجميع في سفينة واحدة، ومن يعول على النجاة ببعض ألواح السفينة المتناثرة فهو واهم.