في ظل الأوضاع التي تمر بها اليمن، أصبح الكثير من الشباب عاطلين عن العمل ، ما جعلهم يبحثون عن مصدر دخل لتوفير أبسط إمكانيات جعلهم على قيد الحياة. في ورشة صغيرة بدون سقف، كان الشاب الثلاثيني جميل عبدالله يحمل إسطوانة الأكسجين، وحين بادرناه بسؤال " لماذا تحتاج هذه الاسطوانة؟!"، أجابنا: " هي الأداة التي من خلالها أحصل على لقمة عيشي، حيث من خلال الاسطوانة أقوم بتلحيم ثقوب أنابيب الثلاجات والمكيفات" وأضاف: " إن لم تبحث لك عن حرفة تسّير لك أمور حياتك، فستضطر لتسول الناس".
ترك "جميل عبدالله" صفوف المدرسة وهو في الصف الثامن قبل أن يعود لها مجدداً، ليبحث له عن عمل يعول به اسرته، فكان البحر واصطياد السمك أقرب الطرق المتاحة، وخاصة أنه ينتمي إلى أسرة جلهم من الصياديين.
بعد سنوات من العمل في البحر استيقظ "جميل" ليجد نفسه هو ذلك الشخص الذي كان منذ سنوات، وأن حاله لم يتغير كما كان يرجوه عند تركه للمدرسة، فعاد إلى المدرسة بعد انقطاع دام لأكثر من 8 سنوات، عاد الى المدرسة مبرهناً للجميع أنك بالعلم تنقش اسمك على الصخر مهما كانت الظروف المحيطة بك.
واصل "جميل" دراسته، وبحث له عن حرفة يسير بها أمور حياته، فوجد ما يرجوه. فلم يمنعه التقدم في العمر أن يتخرج العام الماضي من الثانوية العامة، وهو ينوي أيضاً مواصلة دراسته الجامعية، وتحصل خلال فترة دراسته على حرفة في التكييف والتبريد، وأصبح معظم الناس في منطقته يطلبون مساعدته في إصلاح اجهزتهم العاطلة.
يقول "ناصر عزان" أحد المستفيدين من حرفة الشاب "جميل عبدالله" : " لقد كان لديّ ثلاجة عاطلة، وفكرت كثيراً في أن أتخلص منها بعد إن قال لي كثير من المهندسين بأنها تحتاج إلى مبلغ كبير لإعادة إصلاح مكينتها، وعندما استعنت بالشاب جميل، أخبرني أنها فقط بحاجة إلى بعض الترميمات وسدّ للثقوب في أنبوبتها، ولم يكلفني الأمر سوى 2000 ريال يمني، إنه أمر لا يصدق إن يكون لدينا مهندسين في الأمانة والأخلاق والخبرة كأمثال جميل"
يقول جميل: " نحن الشباب أعطانا الله طاقة وعقل، وبعضنا لا يجد من يرشده في استخدام طاقته وعقله في خدمة نفسه ومجتمعه".
وأضاف: " يجب علينا التوضيح للشباب الذين يلعنون الحرب، وأقول لهم بإمكانكم أن تصنعوا من الليمون الحامض شراباً حلواً بإضافة حفنة من السكر عليه". جميل عبدالله شاب طموح تمكن من التغلب على الأوضاع السيئة التي تمر بها البلاد وتوفير حياة كريمة له ولأسرته ونأمل أن تساهم منظمات المحلية والدولية بدعم الشباب أمثال جميل، واعتبارهم أنموذج في الكفاح من أجل العيش الكريم.