شن محمد عمار؛ رئيس أكبر كتل المعارضة في البرلمان التونسي، هجوماً على حركة النهضة الإسلامية، متهماً إياها ببيع جوازات سفر لعناصر من جماعة الإخوان في مصر، والتستر على اللوبيات المالية الفاسدة، وتلقي أموال غير شرعية من عدة دول أجنبية، وذلك خلال حوار أجراه منذ أيام مع قناة “التاسعة” التونسية.
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان، في مقابلة: “إن حركة النهضة قد أقدمت على بيع جوازات سفر تونسية لأعضاء من تنظيم الإخوان المسلمين في مصر بين عامَي 2012 و2013″، مؤكداً أنه يمتلك الوثائق التي تؤكد المعطيات التي ذكرها.
وأوضح عمار “رغم امتلاكي كل الإثباتات الرسمية لهذه التهم؛ فإنني امتنعت عن تسليمها للقضاء، لعلمي أن الأجهزة الأمنية على علم بها وتملك المؤيدات اللازمة؛ ولكنها لم تتوجه إلى القضاء”.
ولم تتوقف اتهامات الحركة الإسلامية بتونس عند هذا الحد؛ بل بلغت حد كشفه عن استفادة الأخيرة من تمويلات مشبوهة من الداخل والخارج.
محمد عمار وقال عمار، خلال ذات الحوار: “لديّ معلومات أكيدة عن تلقي الحركة أموالاً غير مشروعة من تركيا وبريطانيا وألمانيا، ومبالغ نقدية أخرى تصلها في أكياس سوداء”.
وأضاف رئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان: “هناك لوبي مالي نافذ في البلاد يدفع شهرياً 500 ألف دينار؛ لحركة النهضة (200 ألف دينار) وحليفَيها ائتلاف الكرامة (150 ألف دينار) وقلب تونس (150 ألف دينار)؛ حفاظاً على مصالحه”.
ويسود اعتقاد شعبي وسياسي داخل تونس اليوم مفاده أن حركة النهضة ترعى الفساد وتحمي الفاسدين؛ وهي التي تسيطر على القضاء وتوجهه بما يخدم مصالحها حصراً. كما سبق أن اتهمها وزير الدولة التونسي السابق المكلف بملف مكافحة الفساد، محمد عبو، في سبتمبر الماضي بالفساد، وقال حينها “إن حركة النهضة أفسد ما يوجد في الساحة السياسية التونسية”، وأنها “غارقة في التجاوزات القانونية منذ سنة 2011”.
باسل ترجمان المحلل السياسي باسل ترجمان، اعتبر أن المعطيات التي تم طرحها من قِبل النائب ليست خافية على أغلب التونسيين؛ سواء المتعلقة بالتمويلات المشبوهة التي تتلقاها الحركة أو مسألة جوازات السفر.
وقال ترجمان لـ”كيوبوست”: “إن قضية جوازات السفر التي منحتها الحركة لأطراف مصنفة إرهابية كعناصر الإخوان المسلمين، خطيرة جداً وتضع الدولة في موضع اتهام أمام بقية الدول التي تتابع هذه التجاوزات الكبيرة، وقد تعتمدها كورقة ابتزاز في مرحلة معينة. والأخطر من هذا أنه رغم مرور هذه السنوات على هذه الحادثة؛ فإنه لم تتولَّ أي من الحكومات المتعاقبة متابعة هذا الملف، والكشف عن حيثياته، وملاحقة المتورطين فيه بشكل مباشر. ولهذا أعتقد أنه من الواجب اليوم، رفع الغطاء عن الموضوع وإيلاؤه الأهمية التي يستحق؛ لأن منح جوازات سفر بهذا الشكل أمر خطير وارتداداته وخيمة على الدولة عاجلاً أو آجلاً”.
ولكن في المقابل لم يخفِ ترجمان أن يتم تجاهل القضية رغم خطورتها مجدداً، ما دامت هناك أطراف سياسية تهيمن على المشهد السياسي والقضائي أيضاً.
يعيش الشارع التونسي حالة احتقان من تصرفات النهضة وقال المحلل السياسي شارحاً: “أستبعد فتح تحقيق في الغرض يكشف ويتتبع الضالعين في القضية طالما أن حركة النهضة وحلفاءها يسيطرون على المشهد، كما أن الحكومة الحالية رهينة للحركة، وبالتالي يمكننا القول إنها غير معنية بحلحلة الملف”.
كما لم يستنكر ترجمان تلقي الحركة تمويلات خارجية وداخلية كبيرة على غرار التي كشف عنها النائب، معتبراً أن أغلب التونسيين على يقين بأن الحركة تتلقى تمويلاتٍ كبيرة مشبوهة من جهات بعينها.
وقال ترجمان معلقاً على ذلك: “تدعي الحركة دائماً أن مصدر تمويلها يأتي من تبرعات منخرطيها، والحال أنه بالعودة إلى سِجل هؤلاء نجد أنهم من أصحاب الدخل المحدود؛ وبالتالي فإن مساهمتهم لا تعادل بأية حال من الأحوال ما تضخ الحركة في مختلف أنشطتها، ويكفي أن نلقي نظرة على نفقات المسيرة التي نظمتها مؤخراً، لنكون على يقين بأن تمويلات الحركة مثيرة للشبهات وتتجاوز المعدل الذي يفرضه القانون؛ ولكن المؤسف أنه لن يتم سؤالها من أي لك هذا؟ وسيتم التغاضي عن الموضوع حتى، وسيترك المجال أمام الفساد ليستشري ما دامت تتحكم بمقاليد الأمور”.
البرلمان التونسي وتجدر الإشارة إلى أن حركة النهضة متهمة؛ خصوصاً هذه الأيام، من عدة أطراف، بتسييس القضاء واستخدامه كورقة ضغط في التعامل مع خصومها. وكانت قضية وكيل الجمهورية البشير العكرمي، الذي تمت تبرئته رغم اتهامه بالتستر على قضايا وملفات إرهابية في علاقة باغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وأحداث سوسة وباردو الإرهابية، القطرة التي أفاضت الكأس، وكشفت عن مدى تغلغل الحركة في جهاز القضاء.
وخلال المقابلة أكد محمد عمار أيضاً أن تونس ستكون أفضل دون رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. “هناك قناعة كبيرة لدى نواب الشعب الشرفاء أن هناك مشكلة ومعضلة كبيرة في تونس تتمثل في تسيير راشد الغنوشي لمجلس نواب الشعب، وأن إسقاطه هو جزء من إنقاذ تونس من مشكلاتها الكثيرة. أعتبر لو أنه أقدم على الاستقالة، فإن المشهد السياسي سيكون أفضل في تونس”.
وقد يتحدد مصير الغنوشي على رأس البرلمان، خلال هذا الأسبوع؛ إذ يتأهب خصومه للبت هذا الأسبوع في هذا المنصب، في وقتٍ تشهد فيه البلاد أزمة سياسية خانقة بدأت منذ قرابة شهرين، عندما رفض الرئيس قيس سعيد، تعديلاً وزارياً أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، بتوجيه وإشراف من حركة النهضة.