يثير استمرار العمل بـ"قانون الدفاع" بموجب مرسوم ملكي بناء على طلب من مجلس الوزراء لمواجهة جائحة كورونا، جدلا واسعا في الأوساط الأردنية السياسية والشعبية في ظل تصاعد الدعوات إلى إلغائه.
ويرفض طيف واسع من الأردنيين العمل بقانون الدفاع لمواجهة فايروس كورونا، حيث زادت الحكومة من مدة حظر التجول في محاولة للسيطرة على انتشار الوباء الذي شهد أرقاما غير مسبوقة خلال الأيام الماضية.
وأبدى أردنيون غضبهم من تمديد الحظر الليلي قائلين إن الأوضاع الاقتصادية لم تعد تحتمل المزيد من القيود وتنبئ بكارثة، في ظل زيادة أعداد العاطلين عن العمل إضافة إلى ارتفاع الأسعار.
ومع تشديد الإجراءات تعالت الأصوات في الاحتجاجات التي تزامنت مع "حادثة السلط" للمطالبة بإسقاط القانون، وتصدر وسم "يسقط قانون الدفاع" قائمة الأكثر تداولا على تويتر بالأردن.
وتنص المادة 124 من الدستور الأردني على أنه "إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ، يصدر قانون باسم قانون الدفاع".
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وجه رئيس الحكومة السابق عمر الرزاز إبان صدور مرسوم إقرار العمل بالقانون، بأن "يكون تطبيقه والأوامر الصادرة بمقتضاه في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية، ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير، التي كفلها الدستور".
ويرى خبراء أن استمرار العمل بقانون الدفاع أوقف غالبية القطاعات الاقتصادية في الأردن، ما أدى إلى فقدان مئات الآلاف من العاملين مصادر دخلهم، وبالتالي أضعف قدراتهم المالية، وسبب لهم عجزا عن الوفاء بالتزاماتهم واحتياجاتهم العائلية الأساسية.
وشهد الأردن ارتفاعا كبيرا وغير مسبوق في نسبة البطالة، التي بلغت نهاية العام الماضي 24.7 في المئة، بارتفاع 5.7 في المئة عن العام 2019، وفق ما أعلنته دائرة الإحصاءات العامة.
واعتبر صالح العرموطي، رئيس كتلة الإصلاح النيابية، أن "استمرار العمل بقانون الدفاع من شأنه وقف العمل بكل قوانين الدولة، ويصبح صاحب القرار في الدولة هو شخص رئيس الوزراء فقط أو من يفوضه".
وتابع "الواجب ونحن دولة المؤسسات والقانون وقف العمل بقانون الدفاع، لأنه أصبح قانون جباية وتضييق على الحريات وحقوق المواطنين والتعسف في استعمال الحق، وانعكس سلبا على القطاع الاقتصادي".
وأردف "الأصل أن يطبق قانون الصحة العامة، وهو يفي بالغرض ويغطي كل ما يجب".
وتنص المادة 22 من قانون الصحة العامة الأردني الصادر عام 2008، على أنه "إذا تفشى مرض وبائي في المملكة أو أي منطقة فيها، فعلى الوزيـر أن يتخذ جميع الإجراءات وبصورة عاجلة، لمكافحته ومنع انتشاره".
ولفت العرموطي، وهو نقيب محامين أسبق، إلى أنه "صدرت الإرادة الملكية بتطبيق القانون في أضيق الحدود، وأنا أرى أنه طبّق في أوسع مجاله، وهو شيء مؤسف جدا".
وأوضح "إن بعض أوامر قانون الدفاع أدت إلى خلل دستوري تمثل في إمكانية تعديلات تشريعية نص عليها القانون، خاصة في ما يتعلق بالعمل وإجراءات التقاضي، ما أدى إلى قيام المحامين في فترة معينة بالتوقف عن المرافعات بسبب الإخلال وتجاوز أوامر الدفاع للنصوص الدستورية والقانونية".
وعن دور البرلمان تجاه القانون، بين العرموطي أنه جرى "تقديم الأسئلة للحكومة حسب النص الدستوري بإلغاء قانون الدفاع، وإن البدائل (للقانون) متوفرة".
ولفت إلى أن "ارتفاع حالات كورونا ليس مبررا لاستمرار قانون الدفاع، خاصة أنه مضى عليه عام كامل"، مشددا على أن "الخلل بالحكومة".
وقال كريم كشاكش، أستاذ القانون الدستوري في جامعة اليرموك (حكومية)، "إن قانون الدفاع استثنائي، لم يفعّل إلا لجائحة كورونا، على ألا يمس الحقوق، ويجب أن يكون في نطاق الدستور".
وبيّن أن "هناك تجاوزات للسلطة التنفيذية من خلال التطبيق العملي، فالقانون لا يقيد سقوف الحريات العامة".
وتابع "القانون يحتاج إلى تعديل جوهري، فهو لا يعاقب إلا على الجنحة ولم يتناول الجناية، كما أنه لم يحقق توازنا بين حقوق الأفراد والجانب الاقتصادي".
وشدد كشاكش على أنه "يجب ألا يبقى هذا القانون لعام آخر، فأنا لا أرى حاجة له، فهو يتيح لرئيس الوزراء إساءة استخدام السلطة، وحصر القرارات بيده".
وأشار إلى أن "المبرر الحقيقي لوقف القانون على الفور هو عدم حاجتنا له، لتعطيله العمل القانوني وإعطائه فرصة لتجاوز حدود السلطة".