رجح محام لولي العهد الأردني السابق الأمير حمزة بن الحسين مساء الاثنين قرب التوصل إلى حل للنزاع العلني النادر داخل العائلة الحاكمة في البلاد، واصفا الوساطة بأنها كانت "ناجحة".
ونقلت وكالة أسوشيد برس عن المحامي الذي لم تفصح عن هويته بأن "الوساطة التي قام بها الأمير الحسن، عم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كانت ناجحة وحل الخلاف غير المسبوق داخل العائلة الحاكمة قريبا".
ويأتي تصريح محامي الأمير بعد أن أفاد الديوان الملكي الهاشمي في الأردن الاثنين بأن الملك عبدالله الثاني كلف عمه الحسن بن طلال بمهمة الوساطة مع الأمير ولي العهد السابق.
ووفقا للديوان الملكي الأردني فإن الأمير حمزة وقع رسالة قال فيها "أضع نفسي بين يدي جلالة الملك، مؤكدا أنني سأبقي على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، سائرا على دربهم، مخلصا لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك، وملتزما بدستور المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة. وسأكون دوما لجلالة الملك وولي عهده عونا وسندا".
وأضاف حمزة في رسالته "لا بد أن تبقى مصالح الوطن فوق كل اعتبار وأن نقف جميعا خلف جلالة الملك في جهوده لحماية الأردن ومصالحه الوطنية".
ويرى مراقبون أن محاولة تطويق الأزمة داخل الأسرة الحاكمة لا يمكن أن تمر مرور الكرام، لاسيما بعد الحديث عن اعتقالات واتهامات لشخصيات بارزة سياسيا وعشائريا، مما دفع عشيرة المجالي الاثنين إلى تنفيذ وقفة احتجاجية تنديدا باعتقالات طالت أبناء من العشيرة في قضية الأمير حمزة.
ولعل أبرز ما ينتظره الأردنيون هو نتائج التحقيق وكيفية إحالة الموضوع على المحكمة العسكرية وإلى أي مدى يمكن أن تصل هذه المحاكمة، والكشف عن الجهات الداخلية والخارجية التي اتهمتها السلطات الأردنية بالتآمر على زعزعة النظام وإثبات ذلك.
وقرر النائب العام في عمان الثلاثاء حظر النشر في القضية المرتبطة بولي العهد السابق وآخرين حفاظا على سرية التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية.
وقال نائب عام عمَّان حسن العبداللات إنّ حظر النّشر سيكون إلى حين صدور قرار بخلاف ذلك، ويشمل الحظر وسائل الإعلام المرئي والمسموع ومواقع التواصل الاجتماعي، ونشر وتداول أي صور أو مقاطع مصورة "فيديوهات"، تتعلق بهذا الموضوع وتحت طائلة المسؤولية الجزائية.
وبين أنّ هذا القرار جاء سندا لأحكام المادة 255 من قانون العقوبات، و38 ج.د من قانون المطبوعات والنَّشر والمادة 39، من القانون ذاته، والتي تجيز للنيابة العامة حظر النّشر في كل ما يتعلق بأي مرحلة من مراحل التّحقيق حول أيّ قضية أو جريمة تقع في المملكة.
وحذر الجيش الأمير السبت من تصرفات قال إنها تمس "الأمن والاستقرار" في الأردن أحد حلفاء واشنطن الرئيسيين. وفي وقت لاحق قال الأمير حمزة إنه قيد الإقامة الجبرية في المنزل. واعتقلت السلطات عددا من كبار الشخصيات أيضا.
والأحد أعلنت السلطات الأردنية أن "تحقيقات أولية" أظهرت تورط الأمير حمزة مع "جهات خارجية" وما تسمى بـ"المعارضة الخارجية" في "محاولات لزعزعة أمن البلاد" و"تجييش المواطنين ضد الدولة"، وهو ما نفاه الأمير عبر تسجيل مصور منسوب إليه.
وقال الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني في تسجيل صوتي إنه لن يلتزم بالأوامر بعد منعه من أي نشاط ومطالبته بالتزام الصمت.
ولئن كان الأمير حمزة لا يمثل خطرا مباشرا على الملك، فإن تصرفاته تشير إلى حرصه على تعزيز مكانته لدى الأردنيين العاديين بعد عزله من ولاية العرش.
وقال الأمير حمزة في التسجيل "أنا ما بدي أتحرك عشان أبدأ أصعّد هسه (الآن). بس أنا أكيد مش راح ألتزم لما يقولك ممنوع تطلع، ممنوع تغرد، وممنوع تتواصل مع الناس. وبس مسموح لك تشوف العائلة".
وأضاف "هذا شوية يعني أتوقع إنه مش مقبول بأي شكل من الأشكال. وحاليا منتظر الفرج".
وهزت الأحداث الأخيرة صورة الأردن كواحة للاستقرار في الشرق الأوسط.
ولم يتضح السبب الذي دفع المملكة إلى التضييق على الأمير حمزة الآن، لكنه عرّض نفسه لخطر متزايد بتكثيف زياراته في الأسابيع الأخيرة لتجمعات عشائرية ينتقد مشاركون فيها الملك وحكومته بصراحة أكبر.
وقد زاد الغضب الشعبي منذ وفاة تسعة من مرضى كوفيد - 19 عندما نفد الأكسجين من مستشفى حكومي حديث البناء، الأمر الذي كشف عن إهمال أُلقي باللوم فيه على سوء الإدارة والفساد. واستخدمت السلطات الغاز المسيل للدموع في فض احتجاجات.
وقال المسؤولون إن الأمير حمزة توجه إلى منازل المتوفين لتقديم التعازي في محاولة لسرقة الأضواء من الملك، الذي توجه في وقت سابق إلى المستشفى لتهدئة الخواطر.
وكان الملك عبدالله قد عزل الأمير حمزة من ولاية العهد في 2004.
وفي تسجيل مصور أرسله محامي الأمير حمزة إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" السبت انتقد الأمير تفشي الفساد وسوء الإدارة والحوكمة.
ولا يعتبر الأمير مصدر خطر على النظام الملكي الذي يتمتع بالتأييد الكامل من الجيش والأجهزة الأمنية، لكنه كسب تعاطفا بين الأردنيين المتشككين في اتهامات الحكومة بأن له صلات بالخارج والذين يقولون إنها حملة لتشويه سمعته.
وقال مستخدم لتويتر يُدعى علي الطراونة في تغريدة "هذا اغتيال شخصية دون أدلة".
وكتبت مؤيدة للأمير حمزة لم تذكر من اسمها سوى رزان على تويتر تقول "لا خير في بلد يسجن أميره".
ويرى آخرون أن الأمير مدفوع فقط بالرغبة في الانتقام لتحييده بعد تجريده من ولاية العرش، وأنه يحاول كسب الشعبية في التجمعات العشائرية بتقليد نبرة ولغة والده الملك الراحل الذي يحظى بمكانة كبيرة بين أبناء الشعب.
ويرتبط الأمير بعلاقات قوية مع أبناء العشائر الأقل حظا، الذين شعروا في السنوات الأخيرة بوطأة الانكماش الاقتصادي وعجز الدولة عن مواصلة توفير الوظائف، التي كانت تستوعب لفترة طويلة أبناء العشائر في المناطق الريفية والبدوية.