السلطة الفلسطينية تتجسس على الصحافيين ببرمجيات بدائية

عربي ودولي
قبل 3 سنوات I الأخبار I عربي ودولي

 أعلنت شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي أنها أغلقت حسابات يستخدمها جهاز أمن السلطة الفلسطينية للتجسس على صحافيين ونشطاء حقوق الإنسان ومعارضين سياسيين، في تقرير يكشف ملاحقة السلطات الفلسطينية للمنتقدين قبل الانتخابات التشريعية، واستغلته حماس لتسجيل نقطة لصالحها.

وقالت الشركة الأميركية العملاقة في تقرير إنها حددت عمليات تجسس “ذات دوافع سياسية” تقوم بها مجموعة يعتقد أن مقرها غزة وتابعة لحركة حماس الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة.

ويأتي التقرير الذي صدر الأربعاء قبل نحو شهر من الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقرّر إجراؤها في 22 مايو المقبل والتي ستتنافس فيها خصوصا حركة فتح الممثلة بالسلطة الفلسطينية ومقرها مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وحركة حماس، وذلك للمرة الأولى منذ 15 عامًا.

ووفقا لفيسبوك فإن جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح استهدف “الصحافيين وأشخاصا معارضين للحكومة ونشطاء حقوق الإنسان والجماعات العسكرية المتواجدة بشكل أساسي في الضفة الغربية وغزة وسوريا، وبدرجة أقل المتواجدين في تركيا والعراق ولبنان وليبيا”.

وأشار إلى أن الجهاز استخدم “برمجيات خبيثة منخفضة التطور متخفية في شكل تطبيقات دردشة آمنة” للتسلل إلى أجهزة أندرويد وجمع المعلومات منها، بما في ذلك “سجلات المكالمات والموقع وجهات الاتصال والرسائل النصية”.

كما أنشأ جهاز الأمن الوقائي تطبيقًا مزيفًا دُعي الصحافيون لتقديم “مقالات متعلقة بحقوق الإنسان للنشر” عليه، وفق ما ذكر المحققون في التجسّس الإلكتروني في فيسبوك الذين كتبوا التقرير.

مايك دفيليانسكي: فيسبوك استخدمت إشارات وبنية تحتية تقنية للربط بين الشبكة وجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني

بالإضافة إلى ذلك استخدم جهاز الأمن حسابات مزيفة تظهر أنها لشابات وأيضًا “لداعمين لحماس وفتح ومجموعات عسكرية مختلفة وصحافيين وناشطين” من أجل “بناء الثقة مع الأشخاص المستهدفين وخداعهم لحثهم على تنزيل برامج ضارة”، وفق المصدر نفسه.

وأشار التقرير أيضا إلى ما أسماه “عمليات التجسس السيبراني التي ترعاها الدولة” والتي يعتقد أن “دوافعها سياسية”، وتقوم بها مجموعة “أريد فايبر”. ويقول باحثون مستقلون إن هذه المجموعة تشن هجمات إلكترونية من غزة تجاه إسرائيل منذ عام 2013.

وقالت شركة فيسبوك إن مجموعة “أريد فايبر” لم تستهدف إسرائيل هذه المرة، بل فلسطينيين من ضمنهم “أفراد مرتبطون بجماعات مؤيدة لحركة فتح ومنظمات حكومية فلسطينية وعناصر عسكرية وأمنية ومجموعات طلابية داخل فلسطين”.

وقال التقرير إن “أريد فايبر” استخدم “أكثر من مئة موقع ويب استضافت برامج خبيثة لنظامي التشغيل’آي أو أس’ و’أندرويد’، وحاولت سرقة بيانات الاعتماد من خلال التصيد الاحتيالي أو عملت كخوادم قيادة وتحكم”.

وأعلنت الشركة أنها أزالت حسابات تابعة لكل من الأمن الوقائي الفلسطيني ومجموعة “أريد فايبر”، ونشرت توقيع “البرمجيات الخبيثة وحظرت المواقع المرتبطة بنشاطها، وأبلغت الأشخاص” المستهدفين.

ورفض المتحدث باسم جهاز الأمن الوقائي عكرمة ثابت اتهامات فيسبوك، وقال “نحترم الإعلام والإعلاميين ونعمل ضمن قانون يحكم عملنا ووفق القانون والنظام ونحن ملتزمون. نحن نحترم الحريات والخصوصية وسرية المعلومات”.

لكن مايك دفيليانسكي، رئيس قسم التحقيق في التجسس الإلكتروني، قال إن الشركة استخدمت “إشارات وبنية تحتية تقنية” للربط بين الشبكة وجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، مضيفا أن “شركة فيسبوك لديها ثقة عالية في النتائج التي توصلت إليها”. وأوضح لرويترز قبل نشر التقرير أن أساليب الحملة كانت بسيطة لكن “نراها مستمرة”.

ونوه إلى أن جهاز الأمن الوقائي كثف أنشطته خلال الأشهر الستة الماضية أو نحو ذلك. وقال إن فيسبوك تعتقد أن الجهاز نشر حوالي 300 حساب مزيف أو مخترق لاستهداف ما يقرب من 800 شخص بشكل عام. ولم يتم تحديد أي من الأهداف بالاسم. وأصدرت فيسبوك تحذيرات فردية للمستخدمين المعنيين عبر منصتها وأزالت الحسابات المزيفة.

واتخذت الشركة إجراءات ضد حملة أخرى قائمة منذ فترة طويلة مرتبطة بمجموعة قرصنة مختلفة، كثيرا ما يطلق عليها اسم “الأفعى القاحلة”. ولم تذكر الجهة التي تقف وراء المجموعة.

وذكرت فيسبوك أن تلك المجموعة كانت تدير حسابات مزيفة على فيسبوك وإنستغرام، وأكثر من مئة موقع ضار، بالإضافة إلى التوسع في برامج المراقبة على نظام تشغيل هواتف آيفون. وأضافت أن الأهداف شملت مسؤولين في الحكومة الفلسطينية وقوات الأمن.

ويهدد تقرير فيسبوك بتوجيه ضربة أخرى محرجة لحركة فتح قبل أسابيع من إجراء انتخابات تشريعية، رغم أن سجل حركة حماس في ملاحقة المنتقدين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان ليس أفضل من سجل فتح.

واستغلت حماس التقرير لتوجيه انتقادات لاذعة للسلطة الفلسطينية، والمزايدة عليها في مجال الحريات، وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم في بيان صحافي “ننظر بخطورة بالغة لتقرير شركة فيسبوك حول عمليات تجسس وابتزاز واسعة يقوم بها جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية في رام الله ضد مواطنين وسياسيين ورجال إعلام وصحافيين فلسطينيين”.

وأضاف قاسم أن “هذا السلوك من الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بالتجسس على المواطنين مدان ومستنكر، وانتهاك واضح وخطير للقانون، وتعدٍ سافر على خصوصيات المواطنين التي كفلها القانون”.

واعتبر أن ما كشفه تقرير فيسبوك “يتنافى مع أصول العمل السياسي الوطني، ولا ينسجم مع الأجواء الوطنية المطلوب توفرها، خاصة ونحن في خضم العملية الانتخابية، ولا مع التوافقات الوطنية حول فتح حريات العمل السياسي”.

من جهتها استنكرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم” في بيان صحافي انتهاك الخصوصية من الأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر عمليات التجسس بما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني.

وطالبت الهيئة الحقوقية الحكومة الفلسطينية “بـاتخاذ إجراءات فورية لحماية خصوصية المواطنين وحرمة حياتهم الخاصة”، كما طالبت النائب العام “بـإجراء تحقيق شفاف بشأن الوقائع الواردة في بيان شركة فيسبوك واتخاذ المقتضى القانوني تبعًا لذلك”.