بإعادة الانتشار.. أميركا "تتحفز" ضد روسيا والصين في إفريقيا

عربي ودولي
قبل 3 سنوات I الأخبار I عربي ودولي

تخطط الولايات المتحدة للقيام بعملية إعادة انتشار في إفريقيا، وتقوية علاقاتها بحكومات القارة، لمكافحة النفوذ الصيني والروسي المتصاعد هناك، مستغلة في ذلك الأزمات الأمنية الناجمة عن نشاط حركات التمرد والإرهاب في بعض الدول، والأزمات الاقتصادية التي فاقمها فيروس كورونا وحاجة هذه الدول لأخذ اللقاح من واشنطن.

 

ففي نهاية العام الماضي، وبينما أعلنت واشنطن انسحاب قواتها من الصومال، كانت موسكو تعلن عن اتفاق بخصوص تدشين قاعدة عسكرية بحرية في بورتسودان، وهو الأمر ذاته الذي تتحرى تنفيذه بكين التي أنشأت أول قاعدة عسكرية لها في جيبوتي، قبل نحو ثلاثة أعوام.

 

ولذلك، فإن هناك تخوفات جمة لدى فرنسا فيما يتصل بخطوات واشنطن التي تتجه إلى سحب قواتها أو خفض عناصرها من المنطقة، حسبما يوضح المحلل السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأميركي، مهدي عفيفي، والذي يرى أن واشنطن التي لديها قوات عسكرية في حوالي 30 دولة إفريقية تفكر، مؤخرا، في الاكتفاء بالدور الاستخباراتي واللوجيستي عوضا عن التواجد العسكري.

 

ويضيف عفيفي لـ"سكاي نيوز عربية": "يعد الدور الأميركي في إفريقيا مهما وحساسا، وذلك لعدة اعتبارات، من بينها إحداث توازن في تلك المنطقة المتوترة أمنيا وسياسيا؛ فواشنطن تقوم بتوفير كافة الموارد المتعلقة بعملية مكافحة الإرهاب، وكذلك المعلومات الاستخبارية، كما أنها تملك الطائرات المسيرة ولديها قدرات فائقة في عمليات الاتصالات وتحديد مواقع الإرهابين وحمل القنابل الثقيلة، التي تستخدم في ضرب أهداف أمنية وعسكرية دقيقة للتنظيمات الإرهابية والمسلحة".

 

وألمح وزير الخارجية الأميركي إلى ما اعتبرها خسائر ضربت بعض الدول الإفريقية من تعاونها مع الصين، فأشار إلى "الديون الثقيلة" التي تعرض لها الاقتصاد في زامبيا، بعد حصوله على القروض الصينية، بينما لم يتمكن من السداد بعد تفاقم الأوضاع المالية بالتزامن مع انتشار الأزمة الصحية لفيروس كورونا المستجد.

 

وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، يوضح الباحث التشادي علي موسى أن الولايات المتحدة شريك مهم للغاية لدول الساحل في حربها ضد الإرهاب؛ إذ تشارك في العديد من المبادرات العسكرية، لا سيما مبادرة دول الساحل الإفريقي عام 2002 بهدف التعاون على مكافحة الإرهاب، وقد خصصت مساعدات مالية لتعزيز القدرات العسكرية الخاصة لهذه الدول.

 

ومن ذلك- يتابع موسى- تقديم واشنطن 500 مليون دولار لدعم مبادرة "الشراكة لمكافحة الإرهاب عبر الصحراء" التي تأسست عام 2005، وتعتبر خطوة مكملة لمبادرة دول الساحل؛ فهي تشمل إَضافة إلى دول الساحل الخمس، الجزائر، الكاميرون، المغرب، نيجيريا، السنغال، تونس، إلى جانب الدعم التقني والتكنولوجي لجيوش دول الساحل الإفريقي".

 

وبحسب الباحث التشادي، فإن الولايات المتحدة تدعم دول الساحل وفرنسا في الحرب على الإرهاب بإرسالها 220 جنديا لتدعيم قوة "بارخان"- القوات الفرنسية- وتركز جهودها على منطقة المثلث الحدودي، إضافة إلى وجود قاعدة أميركية شمال النيجر لتقديم الدعم اللوجيستي والمعلوماتي للقوات العسكرية المحلية، وكذلك تدريب وتنظيم العمليات في جميع أنحاء المنطقة.

 

من مسرح صغير إلى أكبر

ويتفق مع الرأي ذاته، الباحث في التاريخ السياسي والمراقب الدولي السابق في جمهورية الكونغو الديمقراطية في الأمم المتحدة، كامل الزغول، فيرى أنه بالرغم من انسحاب القوات الأميركية من الصومال، إلا أنها تراقب عن بعد حركة الشباب التي تمتلك من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف مقاتل، وهذه المراقبة تمنع عمليات القرصنة في القرن الإفريقي، وكذلك العمليات الإرهابية، حيث ما تزال القوات موجودة في جيبوتي وكينيا ودول أخرى".

 

ويلفت الزغول في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن انسحاب دونالد ترامب من الصومال، نهاية العام الماضي، هو بمثابة إعادة انتشار في دول الساحل لعدة أسباب، من بينها "مساعدة فرنسا في ضبط العمليات الإرهابية على الساحل الشمالي والشرقي لإفريقيا وعمليات داعش وتهريب المخدرات؛ إذ أن باريس لا تستطيع وحدها تقديم الحماية لتلك الدول، وأكبر مثال تراجع هذا الدور في تشاد الذي أدى إلى مقتل الرئيس إدريس ديبي مما ينبئ بنشاط المتمردين في وسط إفريقيا".

 

ويأتي الدور الأميركي من خلال قيادة أفريكوم – القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا- للرد على التوغل التجاري الصيني في القارة، حيث تشترك الصين في علاقات تجارية كبيرة هناك، جاءت على حساب الدور الفرنسي والأميركي، بحسب الزغول، ويردف: "تعمد واشنطن إلى منع التدخل الروسي دبلوماسيا وعسكريا في ليبيا، أو الولوج إلى إفريقيا".

 

ويرجح المراقب الدولي السابق في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أن نشهد تواجدا أمميا في مناطق الصراع مثل إقليم تغراي وتشاد وغيرها، وأن واشنطن "ستنسحب من مناطق معينة في إفريقيا لتستخدم قواتها في مكان آخر في نفس القارة، ويعتبر ذلك إعادة انتشار وانتقال من مسرح صغير، وهو الصومال، إلى مسرح أكبر في جميع دول الساحل لضمان استراتيجية أوسع، وقد نتوقع مساعدة للدول الإفريقية لتزويدها باللقاحات، وقد تلعب سياسة اللقاح الأميركية في إفريقيا دورا بارزا لدى دول الساحل، وأيضا حل مشاكل القارة دبلوماسيا، ومعالجة قضايا المناخ، ودعم حقوق الإنسان".