نص الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى اليمن

محليات
قبل سنتين I الأخبار I محليات

أكد المبعوث الأممي الخاص باليمن، مارتن غريفيث، أنه فشل في التوصل إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية الشرعية، ومليشيا الحوثي الإنقلابية لإنهاء الحرب في اليمن.

وأضاف في إحاطته لمجلس الأمن، إن مليشيا الحوثي تصر على اتفاقية منفصلة حول الموانئ والمطار كشرط مسبق لمحادثات وقف إطلاق النار والعملية السياسية، بينما تصر الحكومة اليمنية على تطبيق كافة الإجراءات كحزمة واحدة، بما فيها بدء وقف إطلاق النار.

وجاءت الإحاطة قبل أيام من انتهاء مهمة غريفيث كمبعوث أممي خاص إلى اليمن، والذي يعمل في هذا المنصب منذ عام 2018، وقاد وساطة لإنهاء الصراع الدائر في البلاد منذ عام 2014.

وقالت مصادر  إن الإحاطة التي قدمها غريفيث لمجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، هي الأخيرة، مؤكدة أنه سيغادر منصبه كمبعوث خاص باليمن، أواخر يونيو الجاري.

وفي 12 مايو/ أيار الماضي، أعلنت الأمم المتحدة تعيين غريفيث وكيلا للأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية خلفا لمارك لوكوك، دون أن تحدد تاريخا لتسلم مهمته الجديدة.

نص الإحاطة

شكراً جزيلاً، السيد الرئيس، أود أن أشكركم وأشكر أعضاء المجلس جميعاً على الامتياز الذي حظيت به في العمل مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وستكون هذه إحاطتي الأخيرة إلى مجلس الأمن بتلك الصفة. كما أودّ أن أعرب عن امتناني الخاص إلى الرئيس هادي على الثقة التي منحها لي خلال عملي.

السيد الرئيس، لقد وصفت الأمم المتحدة اليمن منذ أمد بعيد بأنَّها أسوأ أزمة إنسانية صنعها الإنسان في العالم، كما سمعنا أيضاً من مارك بشكل واضح طوال تلك الأشهر. وأود هنا أن أشدّد على عبارة "صنعها الإنسان". إن إنهاء الحرب هو خيار. فاليمنيون رجالاً ونساءً وأطفالاً يعانون كلّ يوم لأنَّ أصحاب السلطة قد فوَّتوا الفرص التي عُرِضَت عليهم لتقديم التنازلات اللازمة لإنهاء الحرب. ونتيجة لذلك، أصبح اليمنيون يعيشون رغم إرادتهم تحت وطأة العنف وانعدام الأمن وتفشي الخوف في ظل قيود على حرية الحركة وحرية التعبير. وربما تتجلى المأساة في أبرز صورها فيما نراه من تحطم وتمزق لآمال جيل من الشباب اليمني وتطلعاته نحو مستقبل السلام.

لا يمكن للمساعدات الإنسانية مهما بلغ حجمها أن تكون بديلاً عن الأمل في مستقبل واعد. وحدها التسوية السياسية القائمة على التفاوض كفيلة بإعادة الأمور إلى نصابها في اليمن، تلك التسوية السياسية التي من شأنها أن تنهي الحرب وتؤذن بسلام عادل مستدام هو ما نحتاج إليه. وعليه، ينبغي لطرفي النِّزاع التحلي بالشجاعة الكافية والإرادة لاختيار انتهاج ذلك المسار بدلاً من الاستمرار في النِّزاع. وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية من عملي في اليمن، قدمنا العديد من الفرص للطرفين. لكن من دون جدوى.

ليس الوسيط مسؤولاً عن الحرب ولا عن السلام. وحتى الامتياز الذي يتمتع به لا يفوّضه بأي سلطة لإنهاء الحرب، رغم أن الافتراض المعاكس هو السائد. فامتياز الوسيط هو أن يقدّم للطرفين السبل التي يمكن أن تسمح بإنهاء الحرب. ومن جديد كل ذلك حتى الآن من دون جدوى.

أودّ أن أتقدّم بالشكر لأعضاء هذا المجلس المتحدين من أجل اليمن وأخص منهم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمَان وغيرهم على جهودهم الدبلوماسية الدؤوبة والدفع الدبلوماسي الخارجي الكبير من أجل دعم جهودنا في جولة الوساطة التي أجريت مؤخراً. فقد تضافرت جهودنا وإرادتنا جميعاً.

السيد الرئيس، في هذا السياق، إسمحوا لي أن أنتقل للحديث عن المفاوضات الحالية. كما تعلمون خلال السنة والنصف المنصرمة، عَقَدتُ عدة جولات من الدبلوماسية المكوكية مع الطرفين حول القضايا التي غالباً ما دأبت على وصفها لهذا المجلس ولا حاجة لتكرارها هنا اليوم. وبكل آسف، السيد الرئيس، أبلغكم اليوم والآن أنَّ الطرفين لم يتغلبا بعد على خلافاتهما. واسمحوا لي أن أكرّر بوضوح أمام أعضاء المجلس مواقف الطرفين، كما أفهمها، فلعلّ في ذكر ذلك ما يسجّله التاريخ إن لم يكن ذا فائدة أخرى. ما زال أنصار الله يصرّون على اتفاق منفصل بشأن موانئ الحديدة ومطار صنعاء كشرط أساسي مسبق لوقف إطلاق النَّار وإطلاق العملية السياسية. وبالفعل خلال اجتماعي الأخير والمفيد مع زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي في صنعاء، قال لي أنَّ أنصار الله لن تدخل في مفاوضات لوقف إطلاق النَّار إلا بعد تنفيذ اتفاقية بشأن الموانئ والمطار. لم يكن هذا كافياً. الحكومة اليمنية، كما تعلمون أصرت من جهة أخرى، على أن يتمّ الاتفاق على كل هذه القضايا أي الموانئ، المطار، وقف إطلاق النار واطلاق العملية السياسية وتنفيذها كحزمة واحدة مع التركيز على بدء وقف إطلاق النَّار. وقدمنا عدة حلول مختلفة لتجسير هذه المواقف. لكن حتى الآن لم يوافق الطرفان على أي من هذه الحلول لسوء الحظ. وكلي أمل وأنا أكيد أننا كلنا أمل في أن تؤتي الجهود التي تقوم بها سلطنة عُمان وغيرها، ولكن سلطنة عمان بشكل خاص، بعد زياراتي إلى صنعاء والرياض، أن تؤتي ثماراً، وأن نسمع قريباً عن تحوّل في مصير اليمن.

أودّ أن أشدد السيد الرئيس، علماً أن لا حاجة للتشديد على ذلك، بأنّ وقف اطلاق النار في كافة أنحاء اليمن له أثر إنساني لا لبس فيه، والاتفاق على وقف اطلاق النار والبدء بتنفيذه هو عمل إنساني، فهو يعني إسكات البنادق وفتح الطرق الحيوية بما فيها طرق مأرب وتعز وأماكن أخرى والعودة إلى شيء من الأمن لشعب اليمن لاسيما للمدنيين الذين يعيشون قرب مناطق الجبهات المتعددة في اليمن. و لا بد من أن أضيف أن مأرب هي واحدة من عدة جبهات، ولكن الخسارة التي شهدتها في أرواح الشباب خلال السنة الماضية ْغير معقولة. اسمحوا لي أيضاً أن أقول بكل وضوح إنَّ استمرار إغلاق مطار صنعاء والقيود الشديدة المفروضة على إدخال الوقود من موانئ الحديدة هما من الأمور التي لا نجد لها مسوِّغاً وينبغي التعامل معها بشكل طارئ، علماً أننا تأخرنا جداً كما يذكّرنا مارك دائماً.

في تعز، هذه المدينة العريقة في قلب اليمن، يرزح المواطنون تحت وطأة الحرب منذ ست سنوات عجاف ورأينا العديد من الصحافيين ْ الذين قاموا بتغطية الوضع هناك، القنص على الأطفال هي من الصور التي تراودني غالباً وانا متأكد أنها تراودنا جميعاً وتسبب لنا الصدمة. لقد عانى هؤلاء الناس من القصف المستمر على منازلهم ومدارسهم ومن صعوبة في الوصول الى مدارسهم ومن الألغام على طريق مدارسهم ودور عبادتهم والمعوّقات الكبيرة للوصول إلى أماكن عملهم لتأمين حاجات عائلاتهم الأبسط. ولا ينبغي أن يعيش أي أحد في ظلّ ظروف كهذه. ومن المخجل لنا جميعاً ألا يكون الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ستوكهولم حول تعز قد أتى بنتائج.