لماذا أحرق بيكاسو لوحاته وحبس نفسه شهرا في معرضه الأول في باريس؟

اختيار المحرر
قبل 3 سنوات I الأخبار I اختيار المحرر

تحل ذكرى مولد الفنان التشكيلي العالمي، بابلو بيكاسو، في الأسبوع الأخير من أكتوبر، حيث ولد في 25 أكتوبر لعام 1881م، بينما توفي في 8 أبريل لعام 1973م، عن عمر يناهز 92 عاما.

 

 

بالرغم من مرور 48 عاما على وفاة بيكاسو، إلا أنه بيعت بالأمس 11 لوحة من لوحاته، مقابل 110 ملايين دولار، خلال مزاد في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي لوحات كانت معروضة لنحو 20 عاما، على جدران فندق في مدينة لاس فيغاس، فما السر الذي يجعل بيكاسو فنانا رائجا، تباع لوحاته بالملايين إلى الآن؟

بدأ بيكاسو رحلته الفنية عندما كان في سن الـ8، وحمل قلمه الرصاص وبدأ في الرسم، وقد عمل على تعلم أسس الفن من والده الذي كان رساما وبروفيسيرا للفنون في كلية الحرف اليدوية بملقة.

كان أبوه مدرساً للفنون، وعمل باجتهاد كي يدرّب ابنه على الرسم من سن مبكرة، وأقام له معرضا في الـ13 من عمره.

كانت الأسرة تحلم بأن يحقق ابنها نجاحه كرسام أكاديمي، بأن يتخصص في ذلك المجال؛ لهذا أرسلته في عام 1897 إلى أكاديمية الفنون في مدريد، لكن حصلت خيبة الأمل لوالديه، لأن بيكاسو ترك الأكاديمية في أول سنة له فيها.

بدأت مرحلة جديدة في حياة بيكاسو عندما سافر عام 1900 إلى باريس، وقد وقع في عشق المدينة، واستقر في شقة مستأجرة مع صديقة الشاعر ماكس جاكوب، الذي ساعده في تعلم اللغة الفرنسية.

وقد مرت به ظروف صعبة اضطر فيها أن يحرق بعض لوحاته لكي يحصل على الدفء في الفصل البارد، وفي تلك الفترة بدأ "بابلو" يوقع على لوحاته باسم "بيكاسو" بدلا من "رويز واي بيكاسو".

ولكي ينجز معرضه الأول في باريس في سن الـ21، فقد حبس نفسه في الغرفة لمدة شهر كامل، وكان ينام لساعات معدودة، بحيث ينجز 3 لوحات في اليوم الواحد.

وكان معرضاً ناجحاً أثنى عليه النقّاد، حيث أظهر "أسلوب بيكاسو الفريد"، وبرغم ذلك فإن وضعه المالي لم يتحسن.

وقد انعكس وضعه المادي في تلك الفترة وحزنه الشديد بسبب ذلك في لوحاته، حيث طغى مزاج اللون الأزرق عليها، وعرفت تلك الفترة بـ"الزرقاء" وسيطر عليها اللونان الأزرق والأخضر.

في عام 1904، حصل بيكاسو على المال الكافي لتجهيز استوديو دائم للرسم في باريس، الذي كان قريبا من تجمع فناني المدينة الأكثر حداثة والكُتّاب ورعاة الفنون والأدب. وبدأ بيكاسو في هذه المرحلة يجني ثمرة طموحاته وعزمه.

وفي ذلك العام، بدأت علاقته مع الموديل فرناندي أوليفييه التي ظهرت في بعض لوحاته، فيما يعرف بـ"الفترة الزهرية"، وحيث عمل بيكاسو كذلك على تصوير الفنانين في الشوارع والمتسولين والفنانين في السيرك.

وبحلول عام 1905، أصبح بيكاسو من المفضلين لدى جامعي الفن الأمريكيين أمثال: ليو سيتين وجيرترود شتاين، وفي أحد اللقاءات تعرف على الرسام الفرنسي المشهور هنري ماتيس، الذي أصبح صديقاً ومنافساً له مدى الحياة.

في عام 1906، أنتج بيكاسو أعماله الشهيرة ذات النزعة التكعيبية، التي تأثرت بشدة بالفن اليوناني والإيبيري والإفريقي.

وبالإضافة إلى إسهامه في التلوين والرسم، فقد أحدث بيكاسو ثورة في النحت، حيث أصبح يصنع عناصر مميزة من المواد اليومية، كذلك غير المرغوب فيها، من المهملات والمستهلكات.

ويؤمن كثير من نقاد الفن، أن ما كان بيكاسو يقوم به في تلك الفترة، يشبه إلى حد بعيد ما كان يفعله ألبرت أينشتاين في العلوم والفيزياء، وقد كان بيكاسو أول من أسس لنظرية أن الواقع لا يمكن القبض عليه وهو محتال، وأن الواقع يُعنى بكل العلاقات، التي تشكل ومضات تجمع الأحداث المترابطة.

ولسوء الحظ، فإن عائلة بيكاسو لم تتفهم أو توافق على عمله، وقد توفي والده، معتقدا أن ابنه قد خيّب أمله.

وفي عام 1912، كان قد اقترب من أن يصبح مليونيرا من بيع لوحاته، وقد بدأ وقتها بخطط منهجية، وذلك برسم 5 لوحات رئيسية في السنة، وكذلك أي اسكتشات أو منحوتات أو رسومات خلال أسبوع عيد ميلاده.

وعندما سأله صحفيون، لماذا لم يكن لديه أي من لوحاته معلقة على جدرانه، ضحك بابلو وقال: "لا أستطيع تحملها".

بحلول عمر الـ91، كان الإسباني بابلو بيكاسو قد أنجز أكثر من 30 ألف قطعة فنية، بمعدل لا يقل عن عمل كل يوم طوال حياته.