دعا متظاهرون سودانيون خرجوا، السبت، في احتجاجات مطالبة بعودة الشرعية، إلى التظاهر مجددا الأحد، رغم القمع الذي أوقع 40 قتيلا على الأقل منذ 25 تشرين الاول، وفق أطباء. ودعا الناشطون المطالبون بالديمقراطية على شبكات التواصل الاجتماعي إلى "تظاهرة مليونية" احتجاجا على الانقلاب العسكري .
وفي تغريدة على تويتر، دعا تجمع المهنيين السودانيين الذي لعب دورا محوريا خلال الانتفاضة التي أدت الى إسقاط عمر البشير في نيسان 2019، إلى مجموعة من التجمعات طوال الأسبوع من بينها تظاهرة "مليونية"حاشدة الأحد وتظاهرات مماثلة الخميس.
وتجددت التظاهرات السبت، للمطالبة بعودة المدنيين للسلطة، حيث تظاهر مئات في مدينة الخرطوم بحري شمال شرق العاصمة، ووضعوا حواجز على طرق وأضرموا النار في إطارات مطاط، وفق مراسل وكالة فرانس برس. وهتف المتظاهرون بشعارات ضد الحكم العسكري. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان "ارتقت صباح السبت روح محمد آدم هارون (16 سنة) متأثرا بجراحه البالغة جراء إصابته برصاص حي بالرأس والرجل في مليونية17تشرين الثاني. وشهد الأربعاء 17تشرين الثاني سقوط أكبر عدد من القتلى بلغ 16 شخصا معظمهم في ضاحية شمال الخرطوم التي يربطها جسر بالعاصمة السودانية، حسب نقابة الأطباء المؤيدة للديمقراطية. وبذلك يرتفع عدد القتلى منذ بدء التظاهرات في 25 أكتوبر إلى أربعين معظمهم من المتظاهرين.
وكان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان قاد انقلابا في 25 تشرين الاول خلال مرحلة انتقال هشة في السودان. واعتقل البرهان معظم المدنيين في السلطة، وأنهى الاتحاد الذي شكله المدنيون والعسكريون وأعلن حالة الطوارئ. ومنذ ذلك الحين، تنظم احتجاجات ضد الجيش تطالب بعودة السلطة المدنية، وخصوصا في العاصمة الخرطوم وتقمعها قوات الأمن. "فوضى مقصودة" أحرق مركز للأمن في خرطوم بحري، السبت، ولم يتضح على الفور المسؤولون عن الحادثة، فيما تبادلت الشرطة والمتظاهرون تحميل المسؤولية. وقال المتحدث الرسمي باسم الشرطة العميد إدريس سليمان لوكالة فرانس برس إن مركز الأمن "كان به فرد واحد هجم عليه مجموعة من المواطنين أصابوه بأذى جسيم وأحرقوا الموقع بكل محتوياته". لكن "لجان أحياء بحري" حملت في بيان صحفي المسؤولية للشرطة. وجاء في البيان أن "قوات الشرطة اليوم قد قررت الانسحاب من قسم شرطة النجدة بالشعبية بحري... وترك القسم خاليا حتى من أفراد الحراسة، حيث تسللت مجموعة منهم وقامت بأعمال تخريبية وحرائق".
واتهمت اللجان التي تشكلت خلال احتجاجات 2018-2019 ضد الرئيس السابق عمر البشير، السلطة العسكرية بـ"إحداثها لهذه الفوضى المقصودة". وتظاهر محتجون في منطقة أم درمان لإدانة عمليات القتل، ورفعوا شعارات ضد الانقلاب العسكري.
وكانت مجموعات صغيرة من المحتجين تجمعت الجمعة بعد الصلاة في عدة أحياء وخصوصا في ضاحية خرطوم بحري حيث سقط العدد الأكبر من الضحايا الأربعاء. وأقام المحتجون متاريس في الشوارع لكن قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وقال تجمع المهنيين إن قوات الامن "داهمت منازل ومساجد". ودانت الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي حملة القمع الدامية ضد المحتجين، ودعوا قادة السودان إلى عدم "الاستخدام المفرط للقوة". وطالب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية بـ"محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان والتجاوزات بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين". وأضاف "قبل التظاهرات المقبلة، ندعو السلطات السودانية الى ضبط النفس والسماح بالتظاهرات السلمية".
من جهته، قال الاتحاد الافريقي الذي علق عضوية السودان بعد الانقلاب، في بيان السبت إنه "يدين بأشد العبارات" العنف الذي وقع الأربعاء. وطالب موسى فكي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي السلطات بـ"إعادة النظام الدستوري والانتقال الديموقراطي"، في إشارة الى اتفاق تقاسم السلطة المبرم بين المدنيين والعسكريين في 2019. ودعت لجنة حماية الصحفيين إلى اطلاق سراح الصحفيين الذين احتجزوا أثناء تغطية التظاهرات بمن فيهم علي فرساب الذي قالت أنه تعرض للضرب كما أطلقت عليه النيران واحتجز من قبل قوات الأمن الأربعاء. وقال شريف منصور منسق برنامج لحنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط الجمعة إن تعرض فرساب للضرب ولإطلاق النار من قبل قوات الأمن يتعارض "مع ادعاء حكومة الانقلاب التزامها بالانتقال الديموقراطي".
ويؤكد قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي قاد الانقلاب على شركائه المدنيين أنه لم يفعل سوى "تصحيح مسار الثورة". وللسودان تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية وقد تمتع بفترات نادرة فقط من الحكم الديمقراطي منذ استقلاله عام 1956. وشكّل البرهان مجلس سيادة انتقاليا جديدا استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير (ائتلاف القوى المعارضة للعسكر)، واحتفظ بمنصبه رئيسا للمجلس. كما احتفظ الفريق أول محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب تجاوزات إبان الحرب في إقليم دارفور خلال عهد البشير وأثناء الانتفاضة ضد البشير، بموقعه نائبا لرئيس المجلس.