تقرير: العقوبات الأميركية تقرّب "طالبان" من إيران

عربي ودولي
قبل 3 سنوات I الأخبار I عربي ودولي

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الخميس، في تقرير لها عن علاقات ناشئة بين إيران وحركة "طالبان" في أفغانستان، بعد انسحاب القوات الأميركية قبل أشهر من العاصمة كابول. ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل عقدين من الزمن، ساعدت طهران واشنطن في الإطاحة بنظام "طالبان" للتخلص مما اعتبرته "تهديداً لأمنها القومي" في أفغانستان.

 

 

 

 

 

ولكن الآن بعد مرور 4 أشهر على وصول الحركة لسدة الحكم في كابول آب الماضي، تكافح كلّ من إيران وأفغانستان بسبب العقوبات الأميركية التي وصفتها الصحيفة بـ"المأزق" الذي يدفعهما إلى تنحية الخلافات الأيديولوجية والسياسية القديمة جانباً، لملء الفراغ الذي خلفته واشنطن منذ انسحابها. وأضافت أن العلاقات بين الثيوقراطية (حكم رجال الدين) الشيعية في إيران وحركة طالبان ترتبط بعقود من عدم الثقة والصراع المباشر، إذ أنه في عام 1998، قتلت الحركة 10 من موظفي القنصلية الإيرانية بعد استيلائها على مدينة مزار شريف الشمالية، وكادت طهران وكابول أن تخوضا حرباً في ذلك الوقت.

 

 

 

 

وتابعت: "لا تزال هناك توترات كبيرة بين طالبان وإيران، إذ يتقاتل الجانبان على إمدادات المياه الشحيحة، فيما تشكل الجماعات المسلحة المدعومة من طهران والتي تعمل من أفغانستان تهديداً لطالبان، كما أن هناك قلق في إيران من عبور تجار المخدرات الأفغان إلى أراضيها". علاقات وثيقة

ووفقاً للصحيفة، فإن الوضع في الوقت الحالي قد تغير بعض الشيء، حيث باتت المتاجر الكبرى في أفغانستان تبيع المنتجات الإيرانية بعدما كانت معتادة على بيع المنتجات الأوروبية والتركية.  

 

وعلى مدى العقد الماضي، حافظت إيران على علاقات وثيقة مع الحكومة الأفغانية، بينما رعت أيضاً العلاقات مع "طالبان" ودعمت هدفهم المتمثل في "طرد القوات الأميركية من المنطقة". وأشارت إلى أنه على عكس الدول الغربية، لم تغلق طهران مقر بعثاتها الدبلوماسية في أفغانستان بعد استيلاء الحركة على السلطة، ولكنها في نفس الوقت منحت حق اللجوء لقادة الجماعات المسلحة المناهضين لطالبان مثل إسماعيل خان، ولكن لم تعترف أي دولة حتى الآن بالحركة بوصفها حكومة شرعية لأفغانستان.

 

 

 

 

 

 

ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أنه على الرغم من دعم إيران للتحالف الشمالي المناهض لطالبان في التسعينيات، وتعاونها مع واشنطن في الإطاحة بنظام "طالبان" في العام 2001، إلا أنها اتخذت موقفاً أكثر حدة بكثير في السنوات التالية، بعد أن صنَف الرئيس الأميركي السابق جورج بوش طهران باعتبارها جزءاً من "محور الشر".

 

 

وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي طالبان يؤكدون أنهم "تجاوزوا خلافاتهم السابقة مع طهران"، ونقلت عن حاكم الحركة في إقليم هرات المتاخم لإيران نور أحمد إسلامجار قوله: "ليس لدينا مشكلة مع إيران أو أي دولة أخرى، بل نريد زيادة التجارة مع طهران وباكستان ودول آسيا الوسطى والعالم بأسره". نمو التجارة

ورأت الصحيفة أن طبيعة العلاقات الواسعة بين أفغانستان وإيران تتضح جلياً في ولاية نيمروز، حيث ينقل المهربون البضائع من البطاطس إلى الأسمدة والوقود عبر الصحراء من إيران إلى أفغانستان. ونقلت الصحيفة عن نائب الغرفة التجارية في أفغانستان أحمد سعيد قاسميان، قوله إنه في الفترة بين آب الماضي وكانون الأول الجاري، استوردت إيران سلعاً بقيمة 45 مليون دولار عبر غرب أفغانستان، بزيادة قدرها 20% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما تقلص الاقتصاد الأفغاني بنحو 40 % خلال نفس الفترة، وفقاً للأمم المتحدة. وأضاف قاسميان أنه "في وقت أدت فيه العقوبات الأميركية إلى تقليل حجم التجارة مع دول في أوروبا والخليج وشلل النظام المصرفي في أفغانستان، تدخل رجال أعمال إيرانيون لملء الفراغ". وتتشارك أفغانستان وإيران في حدود طولها 600 ميل تقريباً، وتعتبران شريكان تجاريان حيويان، إذ في السنوات الأخيرة، كانت كابول أحد مصادر العملة الأجنبية القليلة لطهران، بعدما أدت العقوبات الأميركية إلى عزلها عن النظام المصرفي العالمي، كما تم تطبيق عقوبات مماثلة على كابول بعد سيطرة "طالبان"، ما أدى إلى انهيار النظام المصرفي هناك أيضاً. ووفقاً للصحيفة، فإنه على مدى العقد الماضي، أنشأت إيران منطقة عازلة غرب أفغانستان جزئياً، لحماية حدودها من تنظيم "داعش"، من خلال دعم الجماعات المسلحة المحلية بما في ذلك قادة طالبان، كما أنه بعد تولي الحركة السلطة، وصف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الهزيمة العسكرية الأميركية في كابول بأنها "فرصة لاستعادة الحياة والأمن والسلام الدائم".

 

نزاع "أكثر خطورة"

وحذرت الصحيفة من وجود صراع يمكن أن يكون "أكثر خطورة" يختمر في الصحراء، تخوض فيه إيران وأفغانستان نزاعاً دامياً لعقود على موارد المياه، إذ تتهم طهران أفغانستان منذ سنوات بـ"الاستيلاء على أكثر من حصتها العادلة بموجب معاهدة المياه المبرمة عام 1973 بين البلدين، وتجفيف الأراضي الرطبة على الجانب الإيراني من الحدود". واتهمت الحكومة الأفغانية السابقة إيران بـ "تسليح متمردي طالبان لتعطيل مشروع السد"، الذي نشرت الحركة حالياً ألف مقاتل به وعند نقاط التفتيش المنتشرة حوله في الصحراء لحمايته. وفي نهاية التقرير، قالت "وول ستريت جورنال" إن كلا البلدين بحاجة إلى أي مياه، إذ تواجه أفغانستان أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود ومجاعة وشيكة، كما واجهت الحكومة الإيرانية هذا العام احتجاجات على نقص المياه الناجم عن تغير المناخ وسوء إدارة الحكومة.