بعد ثلاث سنوات على الاحتجاجات.. ما مصير الحراك الشعبي الجزائري؟

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

يعيش ناشطو الحراك الشعبي في الجزائر صعوبات اجتماعية متزايدة بعد نحو ثلاث سنوات من انطلاق تحركاتهم في الشارع.

واليوم، بعد أن هدأت التحركات، يبدو الثمن الذي دفعه كثير من النشطاء باهظاً، بين البطالة، وغياب العلاج، ورفض السماح لهم بمغادرة البلد، والتهميش الاجتماعي.

 

وسلط تقرير نشرته مجلة ”جون أفريك“، الضوء على مصير نشطاء الحراك الشعبي الجزائري، مستحضراً حلقة من حلقات المواجهة بينهم وبين الشرطة الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 2019.

 

وأصيب عدد من الشباب بعبوة غاز مسيل للدموع ورصاص مطاطي، وهم يطالبون اليوم بالتعويض عن هذه الأضرار والسماح لهم بالرعاية الصحية في الخارج، لكن دون جدوى.

وشم العيون

ويروي التقرير قصة رابح ديب، الذي أصيب على مستوى العين، خلال تحرك احتجاجي لمنع عقد اجتماع المرشح الرئاسي علي بن فليس آنذاك.

ورأى المحتجون أن الانتخابات التي جرت في كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام، بعد شهور من الحراك الذي أدى إلى سقوط عبد العزيز بوتفليقة، تهدف إلى وضع حد للحراك.

 

وفي ذلك اليوم، تهاجم الشرطة المتظاهرين ويسقط رجل عجوز فيهرع رابح لمساعدته قبل أن تستهدفه رصاصة مطاطية من الأمام.

ويروي الشاب الجزائري رحلة معاناته طلبا للعلاج بعد أن أصيب على مستوى العين قائلا ”ترنحت نحو مستشفى البويرة الذي لم يكن لديه الإمكانيات للاعتناء بي، وفي الجزائر العاصمة اتصلت بأربعة مستشفيات، ولم يرغب أي منها في تقديم الرعاية لي، أخيرًا بفضل تدخل أقاربي تمكنت من الخضوع بعد 48 ساعة لعملية على مستوى مقلة العين في مستشفى مصطفى باشا في الجزائر العاصمة“.

 

ويقول الشاب الجزائري إن والده توفي بعد أن علم بخبر تدهور صحة ابنه متأثّرا بنوبة قلبية.

وأشار إلى أن أحدث تقنيات العناية بالعيون مثل وشم العيون وعمليات زرع العين وحتى نزع أحشاء مقلة العين غير متوفرة في الجزائر، ما دفعه إلى التفكير في السفر إلى الخارج، وقد سافر إلى تونس لكن الأطباء أخبروه هناك بأنه كان بالإمكان إنقاذ عينه لو جرى التدخل الجراحي في الوقت المناسب.

وعندما أعيد فتح المجال الجوي في حزيران/ يونيو 2021 بعد أربعة عشر شهرًا من تعليق الرحلات بسبب وباء ”كورونا“، حاول رابح دون جدوى الحصول على موعد لتقديم ملف طلب التأشيرة الخاص به إلى فرنسا أو إسبانيا من أجل القيام بعملية نزع الأحشاء من بقية مقلة العين ثم زرع طرف اصطناعي للعين ما سيسمح له بتجنب الورم وفقًا للأطباء.

 

وحتى محاولته العبور السري إلى إسبانيا باءت بالفشل، وتم القبض عليه بصحبة صديق له في ساحل وهران.

ضوء خافت

ويروي التقرير أيضا قصّة أنيس مزيان، الذي كان حينها طالب ماجستير في اللغة الإنجليزية بجامعة تيزي وزو، حيث راح المتظاهرون يرشقون الشرطة بالحجارة بينما ردت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، فأصابت إحداها وجهه وتسبّبت في انفجار مقلة عينه اليسرى مع كسر في فكّه.

ويتم إجلاؤه إلى مستشفى تيزي وزو، حيث يقوم الجراحون بتنظيف الجرح وخياطته وتستغرق العملية سبع ساعات تليها ثلاثة أسابيع من العلاج في المستشفى.

وبعدها أصبح أنيس، وهو شاب في العشرينيات من عمره، المتحدث باسم ”حراك المكفوفين“ بظهور متعدد على تلفزيون ”البربر“ وهي تغطية إعلامية ستجعله يرفض تلقي العلاج من عيادات طب وجراحة العيون في الجزائر العاصمة ووهران لعدم رغبته في ذلك.

 

ويقدم أنيس طلب تأشيرة للسفر إلى فرنسا في كانون الثاني/يناير 2020 ويتم رفضه، ثم ينتقل إلى إسبانيا حيث يعرض عليه مستشفيان، أحدهما في برشلونة والآخر في أليكانتي، مبلغًا تقديريًا قدره 8000 يورو قبل أن يتم إطلاق مهمة من قبل الأصدقاء وأفراد الأسرة لجمع المبلغ، لكنه يواجه رفض التأشيرة ثانية، وفق ما يؤكده التقرير.

وتدفع الإعاقة والصدمات النفسية التي تعرّض لها الشاب وليد أيضا، وهو من نشطاء الحراك، إلى التخلي عن وظيفته كصانع بيتزا بعد إصابته في عينه اليمنى بقذيفة غاز مسيل للدموع خلال تظاهرة يوم 12 كانون الأول/ديسمبر 2019 في بومرداس.

ويشتكي وليد قائلا ”أرى ضبابية، غالبًا مجرد ضوء خافت بعيني المتضررة“. وقد تلقى وليد تأكيدات بأنه يستطيع استعادة 50% من قدراته البصرية مقابل رعاية صحية تبلغ كلفتها حوالي 3 ملايين دينار (ما يقرب من 19 ألف يورو) في إسبانيا، وهو مبلغ لا يستطيع جمعه، إضافة إلى صعوبات الحصول على التأشيرة.