بالتزامن مع اليوم الثالث للغزو الروسي لأوكرانيا، توالت التحذيرات الدولية من نشوب حرب إلكترونية بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى، خاصة بعد إثبات هذه الحرب فعاليتها في التمهيد الروسي لغزو أوكرانيا.
ونفذت موسكو خلال فترة حشد القوات العسكرية على حدودها مع أوكرانيا الأسابيع الماضية هجمات سيبرانية على مواقع حكومية أوكرانية. وقبل الغزو بيوم واحد، أعلنت حكومة كييف تعطل مواقع إلكترونية تابعة لها بعد هجوم سيبراني واسع النطاق، منها مواقع البرلمان ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية، إضافة لحدوث اضطرابات في مواقع وزارتي الداخلية والدفاع وخدمة الأمن. لمن الغلبة؟
رغم نفي البيت الأبيض المتكرر عزم الولايات المتحدة شن هجمات سيبرانية ضد روسيا ردا على غزوها لأوكرانيا، أكدت شبكة "إن بي سي" الإخبارية أن تنفيذ هجمات إلكترونية بهدف تعطيل قدرة روسيا على مواصلة عملياتها العسكرية في أوكرانيا هو ضمن الخيارات المطروحة المقدمة للرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتشمل الخيارات تعطيل الاتصال بالإنترنت في كل أنحاء روسيا، وإيقاف الطاقة الكهربائية، والتأثير على أدوات التحكم في خطوط السكك الحديدية.
ووفق مسؤولين بالمخابرات الأميركية فإن الهجمات الإلكترونية مصممة للتعطيل وليس التدمير، وهي قيد الدراسة الآن. في المقابل، حذر مركز التنسيق الوطني الروسي لحوادث الكمبيوتر من زيادة هجمات القراصنة على موارد المعلومات الروسية، واستهداف البنية التحتية للمعلومات الحيوية، منوها إلى أن أغراض الهجمات ستكون سياسية، لنشر مواد مضللة في الفضاء المعلوماتي الروسي، وتشويه صورة روسيا أمام المجتمع الدولي. ويرى الخبير في قضايا الأمن الدولي جاسم محمد، أن الهجمات السيبرانية هي واحدة من سيناريوهات الحرب الحديثة، وربما تصبح أداة ضمن أدوات الحرب الدائرة في أوكرانيا بين موسكو وكييف. ورغم هذا، يستبعد أن تتحول الهجمات السيبرانية إلى ورقة ضغط في يد الولايات المتحدة وأوروبا ضد روسيا، نظرا لتفوق روسيا في مجال الهجمات الإلكترونية مقارنة بقدراتهما، مستدلا بكثرة هجمات موسكو على مواقع أوروبية وأميركية، بينما كانت هجمات الغرب ضد موسكو نادرة الحدوث.
ويزداد خطر القرصنة في الدول الأوروبية لكثرة اعتمادها على الوسائل الإلكترونية في تشغيل البنوك والمعاملات الاقتصادية.
الغزو الإلكتروني وحسب الموقع السويدي المهتم بتكنولوجيا المعلومات والأمن الإلكتروني SPECOPS، تصبح الولايات المتحدة في المرتبة الأولى عالميا من حيث التعرض للهجمات السيبرانية، وتأتي بريطانيا في المرتبة الثانية. ويلفت جاسم محمد إلى استخدام روسيا الحرب الإلكترونية سلاحا في التمهيد لغزوها أوكرانيا، بالهجمات السيبرانية التي شنتها على البنية التحتية الأوكرانية، حيث تعتمد موسكو هذا الأمر سلاحا مساندا للحرب التقليدية. من جانبه، أبدى البنك المركز الأوروبي مخاوفه، من مخاطر الهجمات الروسية الإلكترونية ضد مؤسسات أوروبية مالية حال فرض عقوبات جديدة على موسكو. وعن تأثير الحرب الإلكترونية المحتملة، يشير جاسم محمد إلى أن خطرها يكمن في إفشال البنية التحتية والخدمات المدنية، فضلا عن إفشاء الأسرار وبيانات القادة السياسيين والعسكريين والبرلمانات. ومؤخرا حذرت مجلة فرنسية متخصصة في التكنولوجيا من خطورة اندلاع حرب إلكترونية على أمن أوروبا، منوهة إلى احتمال شن موسكو هجمات ضد الأنظمة المالية والطاقة والاتصالات في أوروبا وكييف.