متابعة الاخبار... متى تصبح كابوسا؟

اختيار المحرر
قبل سنتين I الأخبار I اختيار المحرر

هل تبدأ يومك في الصباح بمتابعة سريعة لحساباتك على منصات التواصل وتطبيقات الأخبار ورسائل البريد الإلكتروني؟ تسابق الوقت لتعرف المزيد من المعلومات حول الأزمات التي تعيشها مثل تأثيرات الحروب وأخبار ارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، والحوادث التي كان الفقر أو الفساد سببا فيها.

 

 

 

 

قبل أن تبدأ في شرب فنجان القهوة تكون قد ملأت رأسك بزحام شديد من الأفكار والأخبار التي تثقل ذهنك، وتُشعرك بالضيق من دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك. لست وحدك، فالملايين من البشر يتبعون نفس العادات ويشعرون بذات الضيق. إنها حالة "دووم سكرولنغ" Doomscrolling، وتعني الانغماس في متابعة الأخبار السلبية. الدراسة، التي نُشرت بمجلة التكنولوجيا والعقل والسلوك التابعة للجمعية الأميركية لعلم النفس، طورت أيضًا تقنية لقياس التمرير المتكرر لأخبار المصائب والحوادث، مما يمهد الطريق للباحثين لمزيد من التحقيق في المفهوم وفهم تركيز الناس المهووس على الأخبار السلبية.

 

 

 

 

الانغماس في المتابعة اكتسب "دووم سكرولنغ" شعبية هائلة خلال المراحل الأولى من جائحة كورونا (كوفيد-19). ورغم أن التمرير اللانهائي للأخبار قد ساعد الناس على البقاء على اطلاع مستمر على حالات تفشي المرض ومراكز الإنقاذ، إلا أنه ساهم أيضا في زيادة الخوف والإحباط لدى الملايين من البشر خلال العامين الماضيين. هذا المصطلح يعني استجابة نموذجية لهذا العصر الرقمي. إنه نوع من المعلومات الزائدة التي يصعب على الأشخاص تجنبها نتيجة المنصات الاجتماعية وملاحقة الأخبار لنا على مدار اليوم. حتى في مكان العمل، نتعرض باستمرار لأكوام من المعلومات في أي وقت. من رسائل البريد الإلكتروني إلى الأخبار الواردة على الهاتف المحمول بمختلف صورها، فإن أذهاننا تظل مشغولة باستمرار ومثقلة بالهموم، حتى تشعر أن آلام العالم كله قد تجمعت فوق أكتافك، ولا يمكن التخلص منها. وفق دراسة أجراها عالم النفس الدكتور لاري روزين، بعنوان "تحقيق في إدمان المعلومات في جميع أنحاء العالم" استطلع آراء ألف من مديري الأعمال في جميع أنحاء العالم حول تصوراتهم عن المعلومات الناتجة عن التكنولوجيا. وقال أكثر من 60% منهم إن فائض المعلومات جعلهم يشعرون بالتوتر.

 

 

 

 

لاحظ لويس استجابة متسقة في "مجموعات التركيز" Focus Groups، التي أجراها مع مديرين آخرين ومحللين ماليين وعاملين بمجال المعلومات. وعند إغراقهم بالبيانات، فإنهم يرتكبون المزيد من الأخطاء، ويسيئون فهم الآخرين. فما الحل؟ لذلك إذا كنت عطشانًا، فمن المنطقي أن تقف تحت صنبور، وليس تحت شلالات نياغرا.

 

 

تخلص من هذا العبء هل تذكر ذلك الصديق الذي لا يتابع معظم نشرات الأخبار وهو منقطع عن وسائل التواصل؟ قد يبدو مغيبا عن الأحداث التي تقع بهذا العالم المليء بالأزمات، لكنك حينما تتحدث إليه تجده أكثر هدوءًا وتركيزا منك، وأنت صاحب العقل الصاخب للغاية. إنه الحمل الزائد للمعلومات، ذلك هو الفرق بينك وبين صديقك. ويحدث الحمل الزائد عندما تتجاوز كمية المعلومات التي نتعرض لها سعة المعالجة لدينا، وهو ما صاغه أستاذ العلوم السياسية بيرترام غروس بمصطلح "المعلومات الزائدة" في كتابه "إدارة المنظمات" The Management of Organizations عام 1964. وفي حين أن الإنترنت كان نعمة من نواح كثيرة، فقد كان أيضًا نقمة. وبفضل عالم الإنترنت، نتعرض لكميات هائلة من المعلومات الجديدة كل يوم، ولكن ليس لدينا وقت كافٍ لمعالجة معظم ما نأخذه. حتى قادة الأعمال الأكثر نجاحًا يعانون من شلل التحليل، فهم غير قادرين على اتخاذ القرارات بسبب الكميات الهائلة من المعلومات، مما يؤثر في النهاية على الرؤية الإستراتيجية في مكان العمل. لماذا يجب تجاوز استقبال تخمة المعلومات؟

 

 

هناك حد يتعذر على عقلك تجاوزه لاستيعاب أي بيانات أخرى، أي عندما تصل إلى زيادة المعلومات الحقيقية. وقد تشعر بالإرهاق وتواجه ضبابًا في الدماغ، حتى تتضاءل قدراتك على اتخاذ القرار. يمكن ملاحظة أعراض الحِمل الزائد للمعلومات بشكل شائع في مكان العمل. على سبيل المثال، يتجاوز اجتماع نموذجي حده الزمني لأن الحاضرين يريدون المشاركة باستمرار في تبادل المعلومات. وفي حين أن هذا يمكن أن يكون مفيدًا في صنع القرار، فإنه قد يؤدي أيضًا لزيادة المعلومات، مما يعني في تلك اللحظة أن النقاش يحتل المساحة الأكبر بينما الإنتاج الفعلي يساوي صفرا.

 

 

الاستهلاك الزائد يضعف كفاءتك يجبرك الحِمل الزائد بالمعلومات على القيام بمهام متعددة أثناء الرد على الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية في نفس الوقت. كما يؤثر في النهاية على عملية صنع القرار لديك. بل إنك مضطر كل مرة تتخذ فيها قرارا ما أن تقدم ما تحمله من عبء معلوماتي للآخرين في صورة شرح أو تبرير. ويؤثر استهلاك الكثير من المعلومات في وقت واحد على عقلك وتركيزك. يجعلك أقل كفاءة لأنك متعب بعد الأداء العقلي المفرط والمعالجة الزائدة للمعلومات. والأهم من ذلك، يؤثر الحِمل الزائد للمعلومات في التواصل على صحتك العقلية والعاطفية والجسدية. ويمكن أن يتسبب في الشعور بالتوتر والقلق المزمن. كيفية تجاوز العبء المعلوماتي؟ التحدي الأكبر مع زيادة المعلومات هو أنها تجعلك تشعر بالشلل. لديك الكثير من البيانات، ولكنك غير قادر على التصرف بناءً على تلك البيانات. يمكن أن يكون ضبط النفس مفيدًا في إدارة عبء المعلومات والتغلب عليه. لذلك ضع في اعتبارك هذه الإستراتيجيات إذا كنت ترغب في التخلص من هذه الأعباء: خفف أحمالك أفضل طريقة للسيطرة على المعلومات في عقلك هي القيام بالتفريغ العقلي. حاول تصفية ذهنك عن طريق كتابة أي أفكار تعيق تدفقك. صفِ ذهنك من خلال التركيز على ما هو مهم، وإعطاء الأولوية لذلك. استخدم وقتك بحكمة سيكون هناك العديد من المهام مثل الرد على الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني، وترتيب مهام العمل وتوزيع التكليفات.

 

 

خصص ساعة في اليوم يمكنك فيها إكمال كل هذه المهام دفعة واحدة. يمكنك جدولة مثل هذه المهام نهاية يوم العمل، أو حسب متطلبات عملك. تجنب مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة نعم، مقاطع الفيديو القصيرة بمثابة فوضى عارمة تقتحم ذهنك، ربما تجدها طريفة وممتعة ولا تحتاج إلى المزيد من التركيز، وتستحق المشاركة أيضا مع الأصدقاء لتضحكوا سويا، لكن في الحقيقة تساهم تلك المقاطع في تشتيت ذهنك وضياع تركيزك، وشعورك الدائم بالازدحام داخل رأسك من دون أن يكون هناك شيء مهم بالفعل يشغل تفكيرك. ابتعد عن السامين أنت مثقل بالأعباء، فلماذا تضيف إلى ذهنك المزيد من المعلومات غير المفيدة، ابتعد عن هؤلاء الذين يمدونك بالمعلومات السلبية الزائدة من دون الحاجة إليها. إنهم يساهمون في شعورك بالضيق الدائم، رغم فضولك لمعرفة المزيد. اسأل نفسك: ماذا لو لم أسمع عن هذا الحادث؟ هل كان سيتأثر سلوكي أو يومي بشكل عام؟ إذا لم تجد فائدة حقيقية في معرفة الحوادث أو الأخبار السلبية التي أبلغك بها صديقك، فعليك الابتعاد عنه، لأنه يمدك بطاقة سلبية تلتهم طاقتك. امنح نفسك هدنة من التفكير يحتاج عقلك إلى الراحة بقدر ما يحتاجها جسمك. تجنب الإرهاق العقلي عن طريق الانفصال عن العالم الرقمي. اتخذ إجراءات جدية في تعطيل الإشعارات الواردة إليك من منصات التواصل. قم بتعطيل الإنترنت قبل النوم، إلى جانب إغلاق هاتفك ساعة على الأقل خلال ساعات النهار. استغل وقت الفراغ للقراءة أو التأمل أو لا تفعل شيئًا على الإطلاق.