صحف عالمية: العالم يتأرجح نحو الحرب الباردة.. وروسيا متهمة بـ"إبادة جماعية" في ماريوبول

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

ناقشت أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم الاثنين آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في يومها السادس والعشرين.

وسلطت الصحف الضوء على التطورات الميدانية في مدينة ماريوبول الاستراتيجية الأوكرانية، والتي أمهلت موسكو القوات الأوكرانية فيها حتى صباح اليوم للاستسلام، حيث نشرت الصحف تقارير تدعي أن ”القوات الروسية ارتكبت جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الأوكرانيين في المدينة.

 

كما تناولت صحف أخرى تداعيات الحرب في أوكرانيا من زاوية أخرى، وتحدثت عن قلق تايواني في مواجهة الصين، محذرة العالم من أن يتأرجح مجدداً إلى حقبة الحرب الباردة وصراع القوى العظمى آنذاك.

 

”الجنود الروس في كل مكان“

نقلت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية عن مسؤولين عسكريين أوكرانيين قولهم إن ”القوات الروسية تنتشر في جميع أحياء مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية، حيث تحولت معركة السيطرة إلى حرب عصابات من منزل إلى آخر، وسط توقعات بسقوط المدينة خلال ساعات قليلة“.

وأشارت الصحيفة إلى أن ”القتال العنيف في المدينة أدى لتعقيد جهود الإنقاذ في مدرسة زعم مسؤولون أوكرانيون بأن الطائرات الروسية قصفتها أمس، الأحد“. ونقلت عن فاديم بويشينكو، عمدة ماريوبول، قوله إن ”حوالي 400 شخص كانوا يحتمون في هذه المدرسة“.

ويأتي ذلك فيما منحت روسيا القوات الأوكرانية اليوم، الاثنين، ”مهلة نهائية“ لتسليم السيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة، التي كانت مسرحًا لبعض أعنف المعارك منذ أن شنت روسيا عمليتها العسكرية قبل أكثر من ثلاثة أسابيع“.

ووفقاً لصحيفة ”فاينانشيال تايمز“ البريطانية، ”دمر القصف الروسي المتواصل المدينة الساحلية الشرقية، وتحولت أحياء بأكملها إلى أكوام من الأنقاض المشتعلة، وانقطعت الكهرباء والغاز والمياه وأصبح السكان المحاصرون بلا طعام“.

وقالت الصحيفة البريطانية إن ”التقدم الروسي في ماريوبول جاء بعد أن قالت كييف إنها كانت معزولة عن بحر آزوف المهم استراتيجيًا، وهو ممر إلى البحر الأسود“، موضحة أن ”الاستيلاء على ماريوبول من شأنه أن يمنح الروس السيطرة على رقعة من الساحل الجنوبي لأوكرانيا“.

ودبلوماسياً، زعمت تركيا، التي تتوسط إلى جانب إسرائيل بين روسيا وأوكرانيا، أن ”البلدين المتحاربين يتقاربان بشأن جوانب رئيسية“، وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن ”الطرفين على وشك الاتفاق بشأن القضايا الأساسية“.

 

وذكرت ”فاينانشيال تايمز“ أن ”كييف وحلفاءها الغربيين يخشون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يكسب الوقت في محادثات السلام لإعادة صفوف قواته وشن هجوم أوسع“.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن ”وضع ماريوبول نقطة شائكة في المحادثات، لأنها جزء من الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا التي يطالب بها الانفصاليون المدعومون من موسكو“.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن صحيفة ”حريت“ التركية الموالية للحكومة قولها إن ”البلدين يتجهان نحو اتفاق بشأن إعلان كييف الحياد والتخلي عن سعيها لعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، و(نزع السلاح) من أوكرانيا مقابل ضمانات أمنية جماعية، وما تسميه روسيا (نزع النازية)، ورفع القيود المفروضة على استخدام اللغة الروسية في أوكرانيا“.

اتهامات بـ“ارتكاب إبادة جماعية“

وقالت صحيفة ”التايمز“ البريطانية إن ”اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية ضد أوكرانيا طالت روسيا أمس مع اشتداد حدة القتال في مدينة ماريوبول المحاصرة“.

ووفقاً لرواية الصحيفة، ”فتشت فرق الإنقاذ أنقاض مدرسة تعرضت للقصف من قبل القوات الروسية أثناء القتال في وسط المدينة. ولم يُعرف عدد القتلى والجرحى حتى الآن“.

ونقلت ”التايمز“ عن أولها ستيفانيشينا، نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، اعتقادها بأن هناك ”إبادة جماعية ترتكب ضد الشعب الأوكراني“، متهمة روسيا بـ“الاختطاف القسري لآلاف من سكان ماريوبول ونقلهم إلى الأراضي التي تسيطر عليها روسيا لاستخدامهم في الدعاية“.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوكراني آخر قوله إن ”سكان ماريوبول نُقلوا إلى معسكرات بعد أن بدأت القوات الروسية في فحص الوثائق والهواتف،“ مضيفاً: ”أن بعض الناس نُقلوا بعد ذلك إلى روسيا في القطارات“.

وفي مقابلة مع ”راديو تايمز“، تابع المسؤول: ”إنهم يأخذون مواطنين أوكرانيين، ويرسلونهم عبر ما يسمى بمعسكرات التصفية، ثم ينقلونهم إلى أجزاء بعيدة من روسيا للعمل مجانًا. هذا هو منطق ألمانيا النازية“.

الأمن الغذائي.. وأزمة الإمدادات

وذكرت وكالة أنباء ”بلومبيرغ“ الأمريكية أن ”قضية الأمن الغذائي أصبحت أزمة ملحة تزعج الحكومات بسبب إعاقة الإمدادات جراء الحرب في أوكرانيا“، مشيرة إلى أن ”الدول في جميع أنحاء العالم تحاول تفادي خطر أزمة الغذاء العالمية وتتخذ خطوات لتأمين إمداداتها الخاصة“.

وذكرت الوكالة أن ”الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهما من القوى العاملة في مجال الحبوب، أثارت الذعر بشأن النقص وارتفاع الأسعار والضغط المحتمل على الأسمدة الروسية، وأدى ذلك لفرض قيود على الصادرات من آسيا إلى الأمريكتين، في حين أشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه سيعمل على تركيز ”نهجه الكامل“ على سياسة الزراعة لضمان الأمن الغذائي“.

 

وأضافت الوكالة أن ”غزو أوكرانيا أدى أيضاً إلى هز أسواق السلع الأساسية، ما دفع البلدان إلى تخزين الحبوب وزيت الطهي، أو التشجيع على زيادة المحاصيل“.

ووفقاً لـ“بلومبيرغ“، ”يأتي ذلك في وقت تحث فيه مجموعة الدول السبع ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة القادة على إبقاء التدفقات التجارية مفتوحة“، محذرة من أن ”الحمائية يمكن أن تدفع الأسعار إلى أعلى وتؤدي إلى رفوف فارغة في البلدان التي تعتمد على الواردات“.

وعلى الأثر، قالت الوكالة إن ”مسؤولي الاتحاد الأوروبي سيجتمعون اليوم الاثنين، لمناقشة سبل جعل الإمدادات الغذائية أكثر أمانًا، حيث تشمل المقترحات السماح باستخدام الأراضي البور لزراعة المحاصيل البروتينية وتقديم الدعم لصناعة لحوم الخنازير“.

ومن جانبها، ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية أن ”المخاوف العالمية من أن الغزو الروسي سيقلص حصاد أوكرانيا في عام 2022 تؤتي ثمارها“، محذرة من أن ”نقص المحاصيل سوف يمتد أيضاً إلى العديد من البلدان التي تعتمد على أوكرانيا في إنتاج القمح والذرة وزيت الطهي“.

وتابعت: ”بالإضافة إلى أزمة حصاد القمح، لم يتبق سوى أسابيع قليلة على زراعة الذرة، ولا يستطيع المزارعون في أوكرانيا الحصول على الأسمدة والمواد الكيميائية اللازمة، فضلاً عن الوقود للجرارات والمعدات الزراعية الأخرى“.

قلق تايواني.. وتردد صيني

وذكرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن ”الغزو الروسي لأوكرانيا أدى إلى تضخيم المخاوف من أن العالم يتأرجح مرة أخرى إلى حقبة شبيهة بالحرب الباردة، حيث تتنافس أقوى الدول على الهيمنة“، مشيرة إلى أن ”ذلك لا يعني فقط سيطرة روسيا على أوروبا الشرقية، ولكن أيضًا فرض الصين نفسها على شرق وجنوب شرق آسيا، خاصة تايوان“.

وأضافت الصحيفة أن ”الصين تنظر إلى قضية ضم تايوان على أنها أولوية قصوى“، موضحة أن ”ذلك ظهر جلياً خلال مكالمة يوم الجمعة الماضي التي جمعت بين الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ونظيره الصيني، شي جين بينغ، والتي بدا فيها الأخير أكثر قلقًا بشأن مصير تايوان من الحرب في أوكرانيا“.

وقالت الصحيفة في تحليل لها: ”يبدو أن الصين، مثل روسيا، ترى فراغًا بعد انسحاب القوى الغربية من المسرح العالمي، بعد تهميشها بسبب النزاعات الداخلية والحروب الأمريكية الفاشلة في العراق وأفغانستان“.

وأضافت: ”في الغرب، أقنع انتصار الحرب الباردة الكثيرين بأن نظامًا عالميًا ديمقراطيًا جديدًا من شأنه أن يحافظ على السلام، دون أن يدركوا مدى هشاشة ذلك السلام حقًا،“ وأكدت: ”لقد نسي الناس سياسات القوة العظمى“.

وتابعت الصحيفة: ”يري محللون عسكريون وسياسيون أن فشل روسيا حتى الآن في التغلب على أوكرانيا، واندفاع الغرب لمعاقبة روسيا وعزلها بسبب غزوها، يجب أن يجعل القوى العظمى أو الصاعدة متشككة في حدوث توغلات مماثلة“.

وأردفت الصحيفة: ”استفادت الصين من النظام العالمي السلمي نسبيًا في العقود الأخيرة؛ لقد تحولت إلى المنافس الاقتصادي الحقيقي الوحيد للولايات المتحدة، وقد يؤدي غزو تايوان إلى تعطيل هذا النظام وربما عزل الصين عن الاقتصاد العالمي، كما أظهرت تجربة روسيا“.

ورأت الصحيفة أن ”ما سيحدث في تايوان سيتأثر على الأرجح بما قد يحدث في أوكرانيا“، قائلة: ”إذا نجحت روسيا في تجاوز أوكرانيا، فإنها تزيد من الخطر على تايوان، وإذا تراجعت روسيا في نهاية المطاف، أو عانت من عواقب دائمة ومدمرة، فقد يكون ذلك بشرى سارة للجزيرة الآسيوية“.

وتحت عنوان ”لماذا قد تتردد الصين؟“، نقلت الصحيفة الأمريكية عن خبير في الشأن التايواني قوله: ”لأن الغزو الروسي كان سيئًا، فمن المرجح أن يكون المسؤولون الصينيون أكثر حذراً بشأن إرسال قوات إلى تايوان“.

 

وتحت عنوان ”ما هي أهم مزايا الصين؟“، قالت الصحيفة إن ”بكين لديها نقاط قوة لا تمتلكها موسكو“.

وأشارت إلى أن ”الاقتصاد الصيني أكبر بكثير من نظيره الروسي وأكثر تنوعًا، ما يخفف الضرر الذي يمكن أن تلحقه العقوبات، كما أن الدول التي ستفرض عقوبات تعتمد بشكل عام على التجارة مع الصين أكثر من اعتمادها على التجارة مع روسيا“.

واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول: ”إن الصين لديها الوقت إذ أرادت غزو تايوان، حيث يمكنها بناء جيشها، وعزل اقتصادها عن العقوبات المحتملة، ودراسة أخطاء روسيا في أوكرانيا“.