نشر موقع "الحرة" تقريراً تحت عنوان: "جزر سليمان.. نقطة مواجهة غير متوقعة بين أميركا والصين"، وجاء فيه:
باتت جزر سليمان نقطة تنافس جديدة وغير متوقعة بين الولايات المتحدة والصين، حسبما ذكر موقع "أكسيوس". ويتوجه وفد أميركي رفيع المستوى من البيت الأبيض ووزارة الخارجية هذا الأسبوع إلى جزر سليمان، وهي أرخبيل في جنوب المحيط الهادئ يقل عدد سكانها عن 700 ألف نسمة. وأشار الموقع الأميركي إلى أن زيارة الوفد الأميركي لجزر سليمان جاءت بعد اتفاقية أمنية تم التفاوض عليها مع الصين، حيث تسمح للبحرية الصينية برسو سفنها الحربية في الجزر.
وسيحاول المسؤولون الأميركيون بقيادة منسق البيت الأبيض لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، كورت كامبل، ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ، دانييل كريتنبرينك، تغيير رأي رئيس وزراء جزر سليمان بشأن الاتفاقية. وصرح مسؤول في الإدارة الأميركية لموقع "أكسيوس" بأن المسؤولين المتجهين إلى الجزر سيؤكدون أن الولايات المتحدة "يمكنها توفير الأمن والازدهار والسلام في المنطقة" وليس الصين. وقال المسؤول إنهم "سوف يتحدثون برفقة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن مجموعة من الطرق لتقديم المساعدة في المنطقة". وأوضحت وثيقة مسربة أن الصين تنوي تعزيز تواجدها العسكري في جزر سليمان بما في ذلك زيارات السفن، في تطور أثار قلق أستراليا.
وكانت الجزر أعلنت في آذار أن "مسؤولين من جزر سليمان وجمهورية الصين الشعبية وقعوا بالأحرف الأولى على عناصر إطار تعاون أمني ثنائي بين البلدين".
وتنتظر المعاهدة توقيع وزيري خارجية البلدين قبل دخولها حيز التنفيذ.
وتنص الاتفاقية، وفق مسودة سربت على الإنترنت الشهر الماضي، على إجراءات تسمح بانتشار أمني وعسكري صيني في الجزيرة التي تشهد اضطرابات والواقعة في جنوب المحيط الهادئ. وتضمنت الاتفاقية أيضاً مقترحاً بأنه "يمكن للصين، وفقا لحاجاتها وبموافقة جزر سليمان، إجراء زيارات للسفن والقيام بعمليات تموين لوجستية والتوقف والعبور في جزر سليمان". ووفقاً لمسودة الاتفاقية، يمكن لجزر سليمان أيضا أن تطلب من قوات الأمن الصينية إرساء "النظام الاجتماعي". كذلك، سيكون لبكين أيضا سلطة "حماية سلامة الموظفين الصينيين والمشاريع الكبرى" بمجرد وصولهم إلى الجزر. ويأتي ذلك بعد أسابيع من إعلان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في فبراير أن الولايات المتحدة ستفتح سفارة في هونيارا، عاصمة جزر سليمان. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، للصحافيين إنه "على الرغم من تصريحات حكومة جزر سليمان، فإن الطبيعة الواسعة للاتفاق الأمني تترك الباب مفتوحا أمام نشر جمهورية الصين الشعبية قوات عسكرية في جزر سليمان". وأضاف: "نعتقد أن توقيع مثل هذه الاتفاق يمكن أن يزيد زعزعة الاستقرار داخل جزر سليمان ويشكل سابقة مقلقة لمنطقة المحيط الهادي الأوسع". وأشار الى أن جزر سليمان تحصل على الدعم من خلال علاقتها الأمنية مع أستراليا التي أرسلت قوات إلى الأرخبيل العام الماضي في أعقاب اندلاع أعمال شغب هناك. والأسبوع الماضي في إشارة إلى قلق أستراليا المتنامي بشأن الاتفاق، أرسلت كانبيرا وزير التنمية الدولية وشؤون المحيط الهادئ، زد سيسيليا، إلى هونيارا عاصمة جزر سليمان لحضور اجتماع غير عادي مع رئيس الوزراء، ماناسيه سوغافاري، الذي كان منخرطا في حملات للانتخابات النصفية. وطلب الوزير الاسترالي من سوغافاري "إعادة النظر بتوقيع الاتفاق"، لكن رئيس الوزراء بقي على رأيه. وشهدت جزر سليمان اضطرابات سياسية واجتماعية، حيث يعيش العديد من السكان في فقر. ففي نوفمبر الماضي حاول متظاهرون اقتحام البرلمان وقاموا بأعمال شغب استمرت ثلاثة أيام سقط فيها قتلى، وأحرقوا خلالها مساحة كبيرة من الحي الصيني في هونيارا.
ونُشر أكثر من 200 عنصر في إطار قوة حفظ السلام من أستراليا وفيجي وبابوا غينيا الجديدة ونيوزيلندا لإرساء الهدوء حيث تفادى سوغافاري الإطاحة به. في عام 2019، تحدت حكومة المقاطعة في جزيرة مالايتا، أكبر جزيرة من حيث عدد السكان في البلاد، سوغافاري من خلال الحفاظ على الروابط مع تايوان.
بدوره، نشر موقع "الشرق للأخبار" تقريراً تحت عنوان: "من الحرب العالمية إلى التوترات الأهلية.. ماذا تعرف عن قصة جزر سليمان؟"، وجاء فيه:
فجأة، أصبحت دولة جزر سليمان، الواقعة في جنوب المحيط الهادئ، والتي تعد من أفقر دوله، ساحة لصراع النفوذ بين الولايات المتحدة والصين. ما أجج ذلك الصراع، هو المعاهدة الأمنية التي وقعتها الجزر نهاية آذار الماضي مع الصين، في ما ينظر إليه الغرب على أنه خطوة تمهد لأول وجود عسكري صيني في جنوب المحيط الهادئ. وكثيراً ما شعرت الولايات المتحدة وأستراليا بالقلق إزاء احتمالات قيام الصين ببناء قاعدة بحرية في جنوب المحيط الهادئ، ما يسمح لقواتها البحرية ببسط نفوذها إلى ما هو أبعد من حدودها. وتشير التقديرات، إلى أن أي وجود عسكري صيني سيجبر كانبيراً وواشنطن على الأرجح، على تغيير مواقعهما السياسية في المنطقة. وفي السياق، اعتبر نائب رئيس الوزراء الأسترالي، بارنابي جويس، أن بكين قد ترغب في إنشاء قاعدة بحرية في جزر سليمان لـ"ترهيب" أستراليا أو "تقييد قدرتنا على التحرّك".
ما هي جزر سليمان؟
الموقع الجغرافي
تضم جزر سليمان، التي تقع جنوب شرقي بابوا غينيا الجديدة، وهي محمية بريطانية سابقة، سلسلة من الجزر البركانية التي يغلب على أراضيها الجبال والغابات. وتبلغ مساحة الجزر مجتمعة نحو 28 ألفاً و896 كيلومتر مربع، وهي مساحة أقل بقليل من مساحة ولاية ماريلاند الأميركية. يبلغ عدد الجزر الأساسية بالأرخبيل 6 جزر، إضافة إلى نحو 900 جزيرة صغيرة من الجزر البركانية وأكثر من 300 منها مسكونة. وتقع العاصمة هونيارا في جزيرة جوالدلكنال، وهي أكبر الجزر. تجدر الإشارة إلى أن ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، تعدُّ هي زعيمة الجزر، ويمثلها حاكم عام هو ديفيد فوناجي. كما ويقود البلاد رئيس للوزراء، تتركز السلطة في يده. ورئيس الوزراء الحالي هو ماناسيه سوجافاري. السكان
يسكن أرخبيل الجزر نحو 753 ألف نسمة بحسب تعداد عام 2021، الذي سجّل ارتفاعاً عن تعداد عام 2015 عندما بلغ عدد السكان فيه 642 ألفاً، حسبما تفيد به الموسوعة البريطانية (بريتانيكا). أكثر من 90% من السكان من عرقية المالايتيين، لكن غالبية الأعمال والاستثمارات تتركز في جزيرة جوادالكانال، وهو ما دفع بالمالايتيين إلى الهجرة للجزيرة وتسبب في تنافس انقلب إلى عنف مع سكان الجزيرة.
تواريخ أساسية
وتنازلت ألمانيا في عام 1899 عن جزر سليمان الشمالية للمملكة المتحدة، التي كانت أعلنت الحماية على الجزر الجنوبية.
وفي العام 1942 وخلال الحرب العالمية الثانية، احتلت اليابان الجزر، وشهدت جوادالكانال معارك ضارية بين القوات الأميركية واليابانية لمحاولة السيطرة على الجزر. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تأسست حركة لاستقلال الجزر في 1946، لكنها لم تحصل على الحكم الذاتي حتى عام 1976 واستقلت بعدها بعامين في 1978. وعانت جزر سليمان اضطرابات أهلية عنيفة باتت تعرف محلياً باسم "التوترات"، اندلعت بين الأعوام 1998 و2003، وكادت أن تدفع البلاد إلى حد الانهيار، ووقعت الأطراف المتنازعة اتفاقاً للسلام برعاية أسترالية عام 2008، لكن أعمال العنف تواصلت بعدها بشكل متقطع. واضطرت قوة حفظ سلام دولية تقودها أستراليا للتدخل في البلاد في عام 2003، واستمر عملها حتى 2017. "التوترات"
وعلى الرغم من أن المالايتيين يشكلون غالبية السكان في جزر سليمان، إلا أنهم كانوا دوماً من بين أفقر سكان الجزر، فيما تركّز الاستثمار والوظائف في جوادالكانال. وطيلة عقود، انتقل مالايتيون إلى أكبر جزر الدولة، ممّا أجّج توترات عرقية، إذ شنّ سكان من جوادالكانال حملة ترهيب، في أواخر تسعينات القرن العشرين، من أجل طرد المالايتيين من جزيرتهم، وتقاتلت جماعات متناحرة من الجانبين.
عام 1998، تصاعدت التوترات العرقية بين سكان جزر سليمان، مع سخط الجوالز (سكان جوادالكانال)، على التأثير الذي حظي به المقيميين المالايتيين و"احتلالهم" لأراض غير مطورة حول هونيارا التي تملك فرص اقتصادية أكبر من باقي الجزر.
وتحت شعار "حركة تحرير إيزاتوبو" والتي تعرف أيضاً باسم الجيش الثوري لجوادالكنال، بدأ المسلحون الجوالز حملة ترهيب وعنف تجاه المالايتيين. وخلال العام التالي، فر آلاف من المالايتيين إلى جزيرتهم أو إلى العاصمة هونيارا حيث كانت هناك جالية مالايتية كبيرة. وفي عام 1999 بدأت قوة "نسر مالايتا" في تشكيل رد على حملة الترهيب ضدهم بحسب بعثة المساعدة الإقليمية لجزر سليمان (رامسي). وفشلت الحكومة حينها في السيطرة على العنف، وطلبت مساعدة من أستراليا ونيوزلندا ولكن طلبها قوبل بالرفض. خطف رئيس الوزراء
في حزيران عام 2000، تم خطف رئيس الوزراء بارثولميو أولوفالاو، بواسطة أعضاء من القوة المالايتية، الذين شعروا بأنه لم يكن يقوم بجهود كافية، رغم أنه من عرقية المالايتيية أيضاً. وأدى ذلك لاستقالته لاحقاً في مقابل الإفراج عنه. وفي عام 2003، طلبت الحكومة المساعدة من أستراليا مجدداً، فشُكّلت "بعثة المساعدة الإقليمية إلى جزر سليمان" (رامسي)، بقيادة كانبيرا. ولم تستطع تلك القوة وقف أعمال شغب اندلعت في عام 2006، لكنها جنّبت جزر سليمان التحوّل إلى دولة فاشلة.
وأُلغيت البعثة المذكورة في عام 2017، بعدما وقّعت جزر سليمان معاهدة أمنية مع أستراليا، نشرت كانبيرا بموجبها شرطيين وجنوداً في هونيارا، من أجل حفظ السلام، تلتها فيجي وبابوا غينيا الجديدة ونيوزيلندا التي نشرت قواتها هناك. اضطرابات 2021
في تشرين الثاني 2021، حاول متظاهرون اقتحام برلمان جزر سليمان، وقاموا بأعمال شغب استمرت 3 أيام سقط فيها ضحايا، وأحرقوا خلالها مساحة كبيرة من الحي الصيني في هونيارا. وندد المتظاهرون بما وصفوه بـ"الفساد وعدم المساواة" ودعوا رئيس الوزراء إلى التنحّي. ونُشر أكثر من 200 عنصر في إطار قوة حفظ السلام من أستراليا وفيجي وبابوا غينيا الجديدة ونيوزيلندا لإرساء الهدوء، وهكذا تفادى سوجافاري الإطاحة به. واندلعت الاحتجاجات رفضاً لحكومة سوجافاري وأججتها البطالة وخلافات داخلية، ولعبت المشاعر المناهضة للصين دوراً في ذلك أيضاً. العلاقات مع الصين
بعد تسلمه الحكم للمرة الرابعة في عام 2019، أقدم رئيس الوزراء ماناسيه سوجافاري، على قطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان. وقام بالاعتراف بالصين، التي تعهدت بتقديم أموال وتنمية الجزر بحسب مجلة "إيكونوميست" البريطانية. وعارض رئيس وزراء مالايتا، دانيال سويداني، ذلك بشدة، إذ لطالما دان الأخير النظام الشيوعي في الصين، مثل كثيرين من مسيحيي مالايتا، بحسب المجلة. وحذر سويداني من أن الشركات الصينية ستجلب فوائد محدودة، مطالباً بتنظيم استفتاء على الانفصال، علماً أن مستشاريه يتهمون بكين بتدبير محاولات للإطاحة به، من خلال التصويت بحجب الثقة عنه. ويفيد البنك الدولي بأن الصين استوعبت 65.2% من إجمالي صادرات جزر سليمان في عام 2017، وقيمتها 326 مليون دولار أميركي. وشكّلت الأخشاب 94.5% من إجمالي صادرات جزر سليمان إلى الصين في العام ذاته.