هل أنهى إغراق "موسكوفا" عصر السفن الحربية؟

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

ذكر موقع "الحرة" أنّه في 15 نيسان الماضي، استيقظ العالم على خبر غرق، موسكوفا، الطراد الأضخم في أسطول البحرية الروسية، وسط جدل متواصل حول سبب غرقه، بين رواية أوكرانية تؤكد ضرب الطراد بصواريخ، نبتون، المضادة للسفن، ورواية أخرى روسية ترجع الغرق إلى حريق في مخزن للذخيرة على متن الطراد.

وبين الروايتين، لوُحظ تراجع أسطول البحرية الروسية قبالة الساحل الأوكراني في اتجاه أبعد جنوباً، في علامة محتملة على مخاوف بشأن التهديد الذي تشكله الصواريخ الأوكرانية على القطع البحرية الروسية. ووفقاً لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإذا كان سبب غرق الطراد الروسي ضربة صاروخية أوكرانية ناجحة، فأن العملية ستصنف على أنها الأكبر منذ واقعة إغراق الطراد الأرجنتيني، الجنرال بلغرانو، بواسطة غواصة بريطانية أثناء حرب الفوكلاند في عام 1982.

 

وتضيف خسارة الطراد صفحة جديدة إلى مسلسل الخسائر العسكرية الروسية المستمرة منذ بدء غزو أوكرانيا في 24 شباط الماضي، في ظل استمرار عملية الغزو لفترة أطول بكثير مما توقع الكرملين. كما أن غرق الطراد الرائد في أسطول البحر الأسود والمقاتل السطحي الأكثر قدرة في روسيا، سيكون له تأثير نفسي على المعنويات المنخفضة بالفعل بين القوات الروسية وسيقلل من احتمال شن هجوم برمائي على أوديسا. ويرى، كولين كوه، وهو زميل باحث في مدرسة S. Rajaratnam للدراسات الدولية، ومقرها في جامعة نانيانغ التكنولوجية، في سنغافورة، أن من المحتمل أن يتم الكشف عن القصة الكاملة وراء كارثة موسكفا فقط بعد انتهاء الحرب، إذا ظهرت أصلاً. تاريخ من الصراع.. الصواريخ أم السفن؟

يؤكد الباحث في الدراسات الدولية، أن الصراع قد أحيا بالفعل نقاشاً سابقاً حول مزايا دبابة القتال الرئيسية ضد الأسلحة المضادة للدروع الأرخص ثمناً.

 

 

 

 

ويضيف "فقدان، موسكفا، تسبب في معادل بحري لهذا الجدل، هذه المرة بين السفن الحربية والصواريخ المضادة لها". ويعد الطراد الروسي من فئة Project-1164 Atlant، وتبلغ تكلفته ما يصل إلى 700 مليون دولار أميركي، مع تسليح هجومي أولي مكون من ستة عشر صاروخ كروز طويل المدى من طراز P-1000 Bazalt. لكن على الجانب الآخر، فأن أنظمة الصواريخ المضادة للسفن التقليدية، مثل نبتون أرخص بكثير.  

 

 

 

ولذلك يرى، كولين كوه، أن عرض التكلفة يميل لصالح الصواريخ ضد السفن. ويستشهد الباحث في الدراسات الدولية، بالتجربة البريطانية خلال حرب الفوكلاند، عندما غرقت المدمرة، شيفيلد، أثناء سحبها في أعقاب ضربة أرجنتينية ناجحة باستخدام صاروخ Exocet يُطلق من الجو. ويستطرد قائلا: "أصيبت المدمرة غلامورغان بصاروخ إكسوسيت تم تكييفه للإطلاق على الشاطئ من قبل الأرجنتينيين على الرغم من أنها نجت، انسحبت السفينة في النهاية لإجراء إصلاحات ولم تشهد أي أعمال قتالية أخرى بعد ذلك". ويشير الباحث إلى حقبة الحرب العراقية الإيرانية، عندما تعرضت الفرقاطة البحرية الأميركية ستارك لقصف بطائرتين عراقيتين من طراز Exocets. وفي ذلك الوقت تم سحب السفينة من الخليج العربي لإصلاحها. وبعد 19 عاماً، أصيبت السفينة الحربية الإسرائيلية، هانيت، بصاروخ مضاد للسفن تابع لـ"مليشيا حزب الله"، من طراز C-802. لكن السفينة الحربية ظلت صامدة وأبحرت عائدة إلى القاعدة للإصلاح تحت حماية قوتها الخاصة. وفي الآونة الأخيرة، قبالة الساحل اليمني في عام 2016، نجحت المدمرة الأميركية، ميسون، في الدفاع عن الهجمات الصاروخية المضادة للسفن التي يشنها جماعة الحوثي، بدفاعاتها الجوية. بعد محاولة المتمردين الحوثيين الثانية الفاشلة لاستهداف ميسون، تمكنت السفينة الأميركية، نيتزي، من تدمير مواقع الرادار الساحلية التابعة للحوثيين المتورطة في الهجمات بضربة صاروخية في اليوم التالي.

 

 

جدل لا ينتهي يستمر الجدل حول "السفينة مقابل الصاروخ" حتى يومنا هذا، فالصواريخ المضادة للسفن تمنح المتحاربين الأضعف ميزة غير متكافئة ضد القوات البحرية الأقوى. وقد أدى ذلك إلى انتشار الصواريخ المضادة للسفن الحديثة والأرخص والأكثر قدرة بشكل متزايد عبر سوق الأسلحة العالمية. ويمكن إرسال الصواريخ المضادة للسفن بكميات كبيرة دون الاقتراب من تكلفة مدمرة أو فرقاطة واحدة. كما أن السفن الحربية المعاصرة أكبر وأكثر قدرة وأكثر تكلفة في البناء والتشغيل والصيانة. ويرى الباحث في الدراسات الدولية في تحليله، أنه نظراً لتطور قدرات الصواريخ المضادة للسفن حتى أصبحت فتاكة بشكل متزايد، ستتطور أيضا تصميمات المقاتلات السطحية الحديثة جنبا إلى جنب مع أنماط التهديد هذه. ويضيف: "مع وجود موارد محدودة في متناول اليد، ستكون القوات البحرية في حالة تأهب دائم لتطوير سفن حربية أفضل". وتابع قائلاً: "قد تكون باهظة التكلفة، لكن سيظل الإيمان قائما على أسلحة أكثر قدرة على متن السفن يمكنها الدفاع ضد تهديد الصواريخ المضادة للسفن مع تمكين الضربات ضد المصدر". ويستشهد الباحث بتجربة البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني، عندما تم تجهيز المقاتلات السطحية الجديدة، بدفاعات جوية أفضل على ظهر السفن وصواريخ أقوى مضادة للسفن. ويشير الباحث في الوقت ذاته إلى أن القوات البحرية الأصغر، التي لا تتمتع بتمويل سخي مماثل، ستظل تسعى للاستفادة من سوق الصواريخ المضادة للسفن.