العالم أمام أزمات جديدة.. الديون العالمية تتفاقم فهل يتحقق الأسوأ؟

عربي ودولي
قبل سنتين I الأخبار I عربي ودولي

نشر موقع "إندبندنت عربية" تقريراً تحت عنوان: "شرارة الديون العالمية تقترب... فهل يتحقق الأسوأ؟"، وجاء فيه:

 

لم يكد الاقتصاد العالمي يتعافى من التبعات المالية الباهظة لتداعيات جائحة كورونا، وتسببها في تفاقم مستويات الديون حول العالم، إلا وجاء الصراع الروسي - الأوكراني ليزيد آلام الاقتصادات ويفاقم الأوضاع المالية بما ينذر بالدخول في أزمة مالية عالمية وتعثر مالي لعدد كبير من الدول.

 

 

 

 

وقال محللون ومتخصصون في إفادات لـ"اندبندنت عربية"، إن العالم قد يدخل في أزمة مالية إذا لم يتم تدارك الأمور سريعاً، إذ تمثل الديون السيادية للدول النامية 40 في المئة من الديون العالمية، وهي ديون تجارية، وليست لصالح دول أخرى، مما يصعب من حل الأزمة. مستوى قياسي جديد وبحسب معهد التمويل الدولي، ارتفع الدين العالمي لمستوى قياسي جديد عند 303 تريليونات دولار في عام 2021، مع صعود ديون الأسواق الناشئة بقيادة الصين.

 

 

وعبر تقريره السنوي لمراقبة الديون ذكر معهد التمويل الدولي، أن الدين العالمي ارتفع بمقدار 10 تريليونات دولار في العام الماضي، مقارنة بزيادة 33 تريليون دولار في عام 2020 بفعل تداعيات جائحة كورونا، مشيراً إلى أن أكثر من 80 في المئة من الديون الجديدة في العام الماضي جاء من الأسواق الناشئة، ما دفع إجمالي التزاماتها لتسجيل 100 تريليون دولار، وهذه الاقتصادات تمثل معاً نحو 40 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

 

لكن معهد التمويل الدولي أشار إلى أنه مع التعافي الاقتصادي وتسارع التضخم، فإن الصورة العامة للدين العالمي أصبحت أفضل بشكل طفيف خلال عام 2021.وعلى الرغم من تراجع معدل الدين العالمي نسبةً إلى الناتج الإجمالي إلى 351 في المئة في عام 2021، من أعلى مستوى لها على الإطلاق بأكثر من 360 في المئة في عام 2020، فإن معدل العام الماضي يزيد بنحو 28 نقطة مئوية عن مستويات ما قبل الوباء. العالم لم يتعلم الدرس وبحسب ما ذكره البنك الدولي، فإن العالم ولسنوات طوال لم يتصرف مع أزمات الديون كما ينبغي، ويمكن القول إنه بشكل عام تصرف إما بشكل متأخر أو بشكل غير كافٍ مع أزمة الديون بما يجعلها تستفحل كل مرة، ولعل هذه المرة تختلف وينجو العالم من تكرار تاريخه السابق.

 

 

 

 

 

واعتبر البنك الدولي أن موجات تراكمية سابقة للديون آذت الاقتصاد العالمي بشدة، وأن موجة الديون الحالية هي الرابعة خلال خمسين عاماً، ووصفها بأنها "الأكبر والأسرع والأوسع قاعدة" من بين كل موجات الديون السابقة. أكبر طفرة خلال عام واحد

 

 

وفي كانون الأول الماضي، نشر صندوق النقد الدولي تقريراً أظهر أن العالم شهد ارتفاع الدين خلال 2020 في أكبر طفرة خلال عام واحد منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصل الدين العالمي إلى 226 تريليون دولار عندما ضربت العالم أزمة صحية عالمية وحالة من الركود العميق.

 

 

 

وكان الدين مرتفعاً بالفعل في الفترة السابقة على الجائحة، غير أن الحكومات يتوجب عليها الآن خوض غمار عالم يتسم بمستويات قياسية من الدين العالمي العام والخاص، وسلالات متحورة جديدة من الفيروس، وصعود متواصل في التضخم، وفق تقرير الصندوق.

 

ووفق قاعدة بيانات الدين العالمي لدى صندوق النقد الدولي، قفز الدين العالمي بمقدار 28 نقطة مئوية إلى 256 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2020.

 

وأسهمت الحكومات بنحو نصف هذه الزيادة، حيث بلغت نسبة الدين العام العالمي مستوى قياسياً قدره 99 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

 

وأسهمت الشركات غير المالية والأسر بالبقية بعد أن ارتفع الدين الخاص من خلال الشركات غير المالية والأسر مسجلاً مستويات غير مسبوقة.وكانت زيادة الدين مذهلة في الاقتصادات المتقدمة، حيث ارتفع الدين العام من نحو 70 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2007 إلى 124 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020.

 

ومن ناحية أخرى، ارتفع الدين الخاص بوتيرة أكثر اعتدالاً من 164 في المئة إلى 178 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في الفترة ذاتها. ويمثل الدين العام الآن قرابة 40 في المئة من مجموع الدين العالمي، وهي أكبر نسبة منذ أواسط الستينات.

 

 

ويُعزى الجانب الأكبر من تراكم الدين العام منذ عام 2007 إلى أزمتين اقتصاديتين رئيستين كان على الحكومات أن تواجههما، الأولى هي الأزمة المالية العالمية، ثم جائحة كورونا. 

 

إلى ذلك، قال المحلل الاقتصادي محمد رمضان، إن الديون السيادية وصلت لأعلى مستوياتها بسبب تداعيات جائحة كورونا وسط تضرر الدول النامية بشكل كبير جداً، مع توقف قطاعات اقتصادية مؤثرة مثل السياحة، والتي تعد مصدر مهم للدخل لبعض الدول.

 

وأشار رمضان إلى تضرر الدول التي تعتمد على استيراد الطاقة مع ارتفاع أسعارها لمستويات كبير جداً، بالإضافة إلى تكلفة باهظة للتداعيات المصاحبة للجائحة مثل الإنفاق الحكومي على الأنظمة الصحية.

 

وأضاف رمضان، أن العالم يعاني ضغوطاً تضخمية كبيرة بسبب عودة الحياة لطبيعتها بعد توقفها، وسط طلب عالٍ ومعروض منخفض للسلع، بالتزامن مع حزم الدعم النقدي التي قدمتها غالبية دول العالم لمساعدة المواطنين لتحمل تداعيات الجائحة، مما أدى إلى صعود التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، وزادت الحرب الأوكرانية الأمور سوءاً.

 

وتوقع أن يدخل العالم في أزمة مالية إذا لم يتم تدارك الأمور سريعاً، موضحاً أن الديون السيادية للدول النامية تمثل 40 في المئة من الديون العالمية، وهي ديون تجارية، وليست لصالح دول أخرى، مما يصعب من حل الأزمة.

 

ورجح أن ترتفع مستويات الديون بالنسبة للدول المتقدمة بعد الحرب، مع اتجاهها إلى زيادة الإنفاق على التسليح بسبب تداعيات الحرب، وهذا قد يخلق تباطؤاً إضافياً في النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.

 

تفاقم الديون العالمية

 

 

وبدوره، قال محمد مهدي المستشار الاقتصادي، إن المستويات الديون العالمية التي وصلت إليها يأتي بسبب إنفاق الدول نحو 18 تريليون دولار لمواجهة جائحة كورونا، مرجحاً أن تتفاقم ديون العالمية وسط تصاعد أزمة روسيا وأوكرانيا، ولا سيما مع تعطيلها لسلاسل الإمدادات والتأثير السلبي المتفاقم على الاقتصادات الدول الكبرى.

 

وأكد أن تصاعد تلك الديون وسط الأزمة الحالية التي دفعت أسعار المواد الغذائية والطاقة لمستويات قياسية عمق من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية، لا سيما في الدول منخفضة الدخل التي تكافح بالفعل مع مستويات الديون المرتفعة بعد جائحة كورونا.

 

أزمة مالية جديدة إلى ذلك، قال المحلل بالأسواق العالمية علي الحمودي، إنه من المتوقع أن يدخل العالم في أزمة مالية جديدة، والتي ستؤدي إلى تباطؤ النمو في مقابل تزايد الضغوط التضخمية، والذي قد يؤثر مثلاً على اقتصادات الدول المستهلكة مثل الولايات المتحدة.

 

ولفت حمودي إلى أنه في مرحلة تباطؤ النمو الاقتصادي مع تصاعد التضخم سيذهب المصدرون للخامات حول العالم إلى رفع الأسعار، ولا سيما في ظل تصاعد أزمة الإمدادات بسبب أزمة روسيا وأكرانيا وظهور شبح كورونا من جديد ببعض مقاطعات الصين. وأشار إلى أن صعود الدولار لن يساعد الدول التي لديها ديون كبيرة، وخصوصاً الناشئة منها، والتي من المرجح أن تتعرض لمخاطر اقتصادية.