نشر موقع "العربي الجديد" تقريراً تحت عنوان: "الجوع والعتمة بداية لأزمة اقتصادية عالمية: دولتان عربيتان في خطر"، وجاء فيه:
"تتعرض الأسواق الناشئة إلى وابل من الصدمات تنذر بسلسلة من الأزمات المتتالية. الاضطرابات الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة تجتاح بالفعل دولًا مثل سريلانكا ومصر وتونس وبيرو. الأزمة الراهنة تزيد مخاطر التحول إلى كارثة ديون أوسع، وتهدد التعافي الهش للاقتصاد العالمي من الوباء"، وفقاً لتقرير شامل نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية.
ويشرح التقرير أن ما يضاعف الخطر هو حملة تشديد نقدي شرسة بدأها الاحتياطي الفيدرالي منذ عقدين. ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يعني قفزة في تكاليف خدمة الديون للدول النامية، التي اقترضت المليارات لمحاربة كورونا. وفوق كل ذلك، تأتي الحرب في أوروبا، التي تقود أحدث صدمة غذائية وطاقوية.
ويضيف التقرير أن مجموعة المخاطر دفعت سريلانكا بالفعل إلى حافة التخلف عن سداد سنداتها.
وتواجه حفنة من الاقتصادات الناشئة الأخرى، من باكستان وتونس إلى إثيوبيا وغانا، خطرًا مباشرًا من أن تحذو حذوها، وفقًا لبلومبيرغ إيكونوميكس.
وبطبيعة الحال، سيستفيد مصدرو السلع الأساسية في العالم النامي من ارتفاع الأسعار. مع ذلك، لا تزال هناك مشكلات أخرى تتخمر مع تفشي فيروس كورونا الجديد الذي أغلق المدن الرئيسية في الصين، والقلق المتزايد من أن أوروبا والولايات المتحدة ستقعان في الركود، وفقاً لبلومبيرغ. ويدق كبار صانعي السياسة الاقتصادية في العالم ناقوس الخطر، فالمواضيع المهيمنة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن هذا الأسبوع، هي تباطؤ الاقتصاد العالمي والمخاطر المتزايدة التي تواجه الدول النامية. وشبّه صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير، تأثير الحرب بـ"الموجات الزلزالية" التي تهيمن على الاقتصاد العالمي.
كما حذر من العودة المحتملة في الأسواق الناشئة لهذا النوع من "حلقة الهلاك" التي أدت إلى تخلف روسيا عن السداد في عام 1998، وساعدت في وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة، ودفعت صندوق التحوط "لونغ تيرم كابيتال" إلى حافة الانهيار.
وخفض البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي، وأعلن عن إنشاء حزمة إنقاذ بقيمة 170 مليار دولار، أكبر من استجابته لكورونا، للدول المتضررة من الأزمات.
ويضيف التقرير أن أكبر تخلف يلوح في الأفق في الاقتصادات الناشئة هو في روسيا، حيث أدى قرار بوتين بغزو أوكرانيا إلى فرض عقوبات وعزلة اقتصادية وتعهد بسداد الديون بالروبل فقط، مما يتسبب في خسائر للمستثمرين.
إلا أن سريلانكا تتصدر الدول الخاسرة، حيث انخفضت عملة البلاد بنسبة 40% تقريبًا هذا العام. في الأسبوع الماضي، علقت مدفوعات الديون الخارجية وقررت استخدام ما تبقى من احتياطياتها لتغطية واردات الغذاء والطاقة بدلاً من الدفع للمستثمرين. ودفع هذا النوع من عدم اليقين المحتجين إلى مطالبة الرئيس جوتابايا راجاباكسا بالاستقالة، حتى في الوقت الذي تحاول فيه حكومته التفاوض بشأن المساعدة مع صندوق النقد الدولي والقوى الآسيوية مثل الصين والهند. وقد تكون سريلانكا الأولى، لكنها ليست وحدها. فحوالى 13 دولة ناشئة لديها سندات يتم تداولها بما لا يقل عن 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، ارتفاعا من ستة قبل عام، وفقاً للتقرير. تركيا ومصر
ووضعت بلومبيرغ إيكونوميكس تركيا ومصر على رأس قائمة الأسواق الناشئة الرئيسية المعرضة "للتداعيات الاقتصادية والمالية" من حرب أوكرانيا. وصنفت تونس وإثيوبيا وباكستان وغانا والسلفادور من بين البلدان المعرضة لخطر مباشر من عدم القدرة على سداد الديون، مع أرصدة الديون الكبيرة وتكاليف الاقتراض التي ارتفعت بأكثر من 700 نقطة أساس منذ عام 2019. وصعدت الحكومات في جميع أنحاء العالم الناشئ من اقتراضها للتخفيف من تأثير الوباء. وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن تكلفة خدمة تلك الديون آخذة في الارتفاع.
إلى جانب سريلانكا، تشمل البلدان التي تعاني من مشاكل مماثلة في ميزان المدفوعات مصر وتونس، حيث ساعدت أسعار المواد الغذائية في تغيير النظام قبل عقد من الزمان فقط.
في تونس، مهد انتفاضات الربيع العربي عام 2011، رفعت الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية أسعار الوقود 4 مرات على الأقل خلال الأشهر الـ 13 الماضية.
مع هذا، فقد جفت إيرادات السياحة، وانتشر النقص إلى درجة أن البائعين في السوق يمزحون بأن شراء الحشيش أسهل من الطحين، وفق بلومبيرغ. وفي مصر المجاورة، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، تضررت بشدة مع اختفاء الإمدادات من روسيا وأوكرانيا من السوق. وفي الشهر الماضي، سمح البنك المركزي للعملة بأن تضعف بأكثر من 15% في غضون ساعات ورفع سعرها القياسي للمرة الأولى منذ خمس سنوات، وسط تدفق العملة الصعبة إلى الخارج. حث الرئيس عبد الفتاح السيسي الناس على الاكتفاء بوجبات أقل سخاء عندما يفطرون في رمضان، بحسب التقرير.